الجزائر

جمهور صالون الكتاب في تراجع محدودية المقروئية أم غلاء الكتاب ؟!



الزائر لصالون الكتاب ال 17 الدولي يلاحظ تراجع الجمهور الذي كان في الأعداد السابقة من الصالون يشكل الطوابير الطويلة أمام دور النشر العارضة،ويشهد ازدحاماً لاقتناء الكتاب، فلماذا تراجع الجمهور، هل لمحدودية المقروئية أم لغلاء الكتاب؟!
ونحن نجول بين دور النشر العارضة التي كانت الزحمة عليها في الصالونات السابقة بالمناكب، وإقبال الجمهور كان قوياً ويأتي من أعماق الوطن، هذه السنة رغم انتقال الصالون من المركب الأولمبي "محمد بوضياف" إلى قصر المعارض بالصنوبر البحري، وتوفير كل أسباب الراحة سواء للناشرين أو للجمهور نظراً لأهمية الكتاب، حيث تم تسخير مساحة كبيرة لعرض الكتاب قدرت ب 14 ألف متر مربع، إضافة إلى حظيرة للسيارات تتسع ل 2000 سيارة، ولو أضفنا لها المشاركة الكبيرة لدور النشر هذه السنة التي تجاوزت 600 دار متوزعة على أربعين دولة مشاركة.
كما أن المشكلة العويصة التي كانت تعاني منها الأعداد السابقة للصالون وهي مشكلة المواصلات قد حلت مع دخول الترامواي الخدمة والذي يمر أمام مدخل قصر المعارض الشرقي إلا أن توافد الجمهور لم يكن بتلك الكثافة التي عهدناها في الجمهور المتعطش للقراءة والمطالعة.
هناك من يرجع الأسباب إلى ظروف اجتماعية، من غلاء المعيشة وتزاحم الأعياد والتكاليف الباهظة التي أصبحت الأسر الجزائرية المتوسطة تعجز عن تسديد حاجياتها، فالخروج من شهر رمضان الكريم الذي أربك ميزانية العائلات الجزائرية نظراً لأن هذا الشهر عرف غلاء محسوساً إضافة إلى الدخول الإجتماعي وتكاليف المدرسة ، لو أضفنا إليهم الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى المبارك، كل هذه التراكمات حدّت من المقروئية وظهرت جلية في تراجع جمهور الكتاب، هذا فيما يخص من يرى أن غلاء المعيشة هو من أسباب تراجع الإقبال على الكتاب.
هناك رأي آخر وهو أن الكتاب رغم أهميته الملحة وأنه الغذاء الفكري الذي لابد منه، إلا أنه يعرف تقهقراً ويكاد يسخر يومياً شرائح كبيرة من جمهور، وهذا بسبب دخول وسائل اتصالية حديثة أصبحت تقوم بوظائفه بسرعة فائقة لاتستغرق من الوقت ما يستغرقه الكتاب، فمثلا الكتاب الذي أساء للرسول “آيات شيطانية” لم ينتشر بتلك السرعة التي انتشر بها “الفيلم المسيء” للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا بسبب شبكة الانترنيت والفايسبوك والقنوات الفضائية، كل هذه الوسائل سارعت في تراجع المقروئية، وأصبحت القراءة الضوئية هي السائدة من خلال تحريك مؤشر التحكم والإبحار في عالم الكتب دون التنقل إلى مواطنها، والتعرف عن آخر كتاب صدر، ورغم هذا فإن الكتاب في الجزائر ما يزال بخير، والقارئ الجزائري وإن لم يكن في مستوى قراء القرن الماضي إلا أنه ما يزال يقرأ ويتصفح رغم زوال مكتبات عديدة من أحياء العاصمة وشوارعها الرئيسية وتحولت إلى محلات أكل سريع، وأيضاً رغم غلق المكتبات البلدية والمراكز الثقافية التي وضعت الكتاب في المؤخرة وقدمت عليه التكوين والأعمال اليدوية والحرفية.
الكتاب يعاني من الغلاء من جهة، ومن جهة أخرى من تناقص جمهور الكتاب ولهذا لم نلاحظ ذلك الجمهور المتزاحم بالمناكب والمشكل لتلك الطوابير الطويلة التي كنا نراها ونفاخر بها الصالونات الدولية في السابق.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)