أعرب مجلس الأمن الدولي مؤخرا عن قلقه من الوضع الأمني الخطير في جمهورية أفريقيا الوسطى، وكرّر إدانته الشديدة للهجمات المروّعة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها المليشيات باختلاف انتماءاتها الطائفية.واعتبرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن الوضع الإنساني في الجمهورية التي تتذيل رفقة مجموعة من الدول الافريقية قائمة البلدان الأكثر فقرا في العالم، يعد الأسوأ في العالم.برغم خطورة الأزمة التي تعانيها جمهورية افريقيا الوسطى، إلا ان الاهتمام العالمي بها تراجع كثيرا، ما جعل البعض ينعتها ب "الأزمة المنسيّة" التي لا تلقى حقّها من الرّعاية وجهود البحث عن الحل.ويقول هؤلاء، إن التوتّرات الأمنية المتفجّرة عبر أرجاء المعمورة وحتى وباء "إيبولا" حوّل الانتباه الدولي عن التطوّرات الخطيرة في جمهورية إفريقيا الوسطى التي مازالت تعيش في صمت أجواء العنف الطائفي وتبعاته الخطيرة إذ يواصل متمردو "انتي بالاكا" المسيحيين حرب إبادتهم ضد المسلمين وإرغام من سلم من موجة التطهير العرقي، على الفرار الى الدول المجاورة، حيث يعيشون ظروفا إنسانية خطيرة ويواجهون واحدة من أسوأ أزمات الغذاء.تحديات صعبة وحكومة قليلة الحيلة وما يزيد الوضع تعقيدا في هذه الجمهورية التي تحمل من افريقيا اسمها ومآسيها، هو عجز الحكومة الانتقالية عن مواجهة هذا الكمّ الهائل والمعقّد من المشاكل والتحديات، حيث تبدو قليلة الحيلة في ظلّ لامبالاة واضحة من المجموعة الدولية التي نراها تدير ظهرها لمعاناة فئة كبيرة من المضطهدين هناك، طبعا فهم من طائفة المسلمين ولو كانوا غير ذلك لتحرك الجميع لنجدتهم.وأمام هذه الأوضاع الداخلية المعقدة واللاّمبالاة الخارجية المفضوحة، تتعثر جهود اقرار الحوار وتصفية الأجواء بين أبناء الشعب الواحد الذين ظلوا يعيشون في وئام وسلام رغم اختلاف انتماءاتهم الدينية.ويخشى كثيرون أن تعرقل هذه الظروف إجراء الانتخابات المقررة شهر فيفري القادم.بداية الأزمةعام 2003، اعتلى السلطة في جمهورية افريقيا الوسطى الجنرال فرانسوا بوزيزي عبر انقلاب عسكري ثم فاز في انتخابات 2005.وفي عام 2011 أعيد انتخابه، باستحقاقات قيل إن تزويرا كبيرا اعتراها، ورغم حفاظه على استقرار نسبي، إلا أن فترة حكمه كانت تعاني من الفساد المستشري والتخلف والمحسوبية والتسلط، الأمر الذي أدى إلى تمرد علني ضد حكومته.قاد التمرد تحالفا من فصائل المعارضة المسلحة المعروفة باسم تحالف "السيليكا" الذي يتألف من عناصر مسلمة ومعارضين للنظام غير مسلمين.وفي ديسمبر عام 2012، شنت "السيليكا" سلسلة من الهجمات سيطرت من خلالها على عدة مدن حيوية، بعدها دخلت هذه الفصائل المناهضة لحكم بوزيزي في مفاوضات سلام مطلع جانفي 2013، وتشكلت بنتيجتها حكومة وحدة ضمت قادة "السيليكا"، ولكن في مارس عام 2013، سيطر التحالف المعارض على العاصمة، وفرّ الرئيس بوزيزي.وبعد ذلك نصب زعيم "السيليكا" ميشال جوتوديا نفسه كأول رئيس مسلم، وشكّل حكومة انتقالية.واتهم متمردو "السيليكا" بارتكاب انتهاكات ضد الغالبية المسيحية بالبلاد خلال فترة حكمهم.ولم يستمر جوتوديا في الحكم سوى عشرة أشهر، حيث اضطر إلى الاستقالة في العاشر من جانفي عام 2014، بعدما قامت مليشيا "أنتي- بالاكا" المسيحية بأعمال عنف وقتل للمسلمين عجز الرئيس عن احتوائها والحيلولة دون أن تعم الفوضى البلاد.وكثفت هذه المليشيات المسيحية حرب إبادة ضد المسلمين وقتل زهاء ألفي شخص، خلال أيام معدودات.ووصفت منظمة العفو الدولية (أمنستي) ما يجري في جمهورية أفريقيا الوسطى بعملية "تطهير عرقي"، إلا أن رئيسة البلاد سامبا بانزا - التي عينت بعد تنحي جودوتيا - رفضت هذا الوصف، مشدّدة بأن ما يجري في بلادها عبارة عن "مشكلة أمنية".وهرب عشرات الآلاف من المسلمين إلى الكاميرون وتشاد، كما لجأ قسم منهم إلى مخيمات خاصة بالنازحين داخل البلاد.وشنّت القوات الفرنسية والأفريقية المنضوية تحت لواء قوة حفظ السلام الأممية "المونيسكا" (يقدر عددها بأكثر من سبعة آلاف عنصر، ويحقّ لها استخدام القوة في حال واجه السكان المدنيون تهديدا مباشرا) عملية واسعة لنزع سلاح المليشيات، لكن عملية اعادة الاستقرار الى البلاد تسير بسرعة السلحفاة، ما يطلق العنان للمسيحيين ليواصلوا حملة تقتيل وتهجير وإبادة المسلمين.
تاريخ الإضافة : 16/12/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : فضيلة دفوس
المصدر : www.ech-chaab.net