الجزائر

جزائريون يقطعون صلة الرحم ويربطونها بالبحر في عيدهم



جزائريون يقطعون صلة الرحم ويربطونها بالبحر في عيدهم
عاش الجزائريون على غرار الأمة الإسلامية أجواء فرحة ختم شهر رمضان، بطاعة الله من صيام وقيام وبهجة عيد الفطر بما يحمله من سرور إلى قلوبهم ، وما يمثله من رمزية في الإسلام وفي العرف ، لكن رغم ما تقتضيه هذه المناسبة من إبداء لمظاهر السعادة والسرور والتآزر والتآخي ، يبقى الكثير من الجزائريين مخالفين لهذه الأعراف والعادات ، بعد أن خلقوا لأنفسهم ممارسات وطقوس جعلوها عادات لهم في هذه الأيام السعيدة ، ولا يرضون دونها بديلا.
مما جرت عليه العادة وأوصت به تعاليم ديننا الحنيف، الإكثار من الزيارات في أيام العيد بهدف نشر المحبة والأخوة وصلة الرحم، لما لهذه الشعيرة من قدسية في دين الإسلام ، ومن المعلوم أيضا أنه من الأولى الابتداء بزيارة الأحياء قبل الموتى، كون حاجة المسلم مرتبطة بالأحياء أكثر، ثم قد تكون زيارة الأموات في أول أيام العيد منافية للفرح المطلوب في هذا اليوم، لكن رغم هذا يبقى الكثير من الناس يفضلون زيارة المقابر في أول أيام العيد، بل يجدونها أولى من زيارة الأهل.
حاورت "الجزائر الجديدة" أثناء مرورها على إحدى مقابر العاصمة بعض المواطنين الداخلين لهذه المقبرة والعائدين منها ، فاستفسرت عن سبب استحبابهم البدء في المتوفين على من هم على قيد الحياة ، فكانت لهم مبررات مختلفة .
عمي الهادي في الخمسينات من عمره، يقول أنه يذهب صباح كل عيد لزيارة قبر والديه وإخوته المتوفين جميعهم، أما أقاربه فهم من يأتون لزيارته في المساء كونه أكبر سنا.
أما مصطفى، فيقول" أفضل زيارة قبر والدتي رحمها الله لأنها أعز وأحب الناس إلى قلبي ، وأنا أفتقدها كثيرا، فلا يمكنني تركها يوم العيد وحيدة "، أما سفيان فيرى أن "زيارته للموتى أفضل، فلا يأتي من الأحياء سوى البلاء".
وعند مرورنا بشارع "رونفالي" بالعاصمة ، مررنا بضريح "سيدي عبد الرحمان"، وكان الباب مفتوحا فقررنا الدخول لاستجواب بعض الزائرين عن سبب زيارتهم للولي في الصباح الباكر وقبل الأقارب.
بمجرد دخولنا إلى المقام وجدنا رجلا وامرأة من القائمين على الضريح ، فتكلمنا إلى المرأة والتي أخبرتنا أنه" كون المناسبة دينية فنحن مطالبون بالعمل في هذا اليوم ، ويفضل الكثير من الجزائريين خاصة النساء ابتداء يوم العيد بزيارة الولي الصالح سيدي عبد الرحمان رجاء بركته وتقربا إلى الله تعالى بأحب الناس إليه".
وأخبرنا العامل أن من عادات الجزائريين وخاصة سكان القصبة ، أن يزوروا في جميع مناسبات الفرح الولي الصالح 3 سيدي عبد الرحمان الثعالبي"معتقدين أن الله قد منّ عليهم بهذه الفرحة ببركة هذا الولي، فمنهم من يأتي يوم زفافه مع عروسه وأهله ، ومنهم من يأتي يوم الختان ، وحتى يوم العيد هم يأتون فيتصدقون على الفقراء ويتبركون بالولي".
فرحة العيد في هدوء البحر
بعد هذه الزيارة مررنا بالساحل، فرأينا بعض الشباب والرجال ممن يسبحون ويصطادون السمك في أول أيام العيد ، ومنهم من يستغل هدوء البحر وهومستلق على الصخر، اقتربنا من حمزة، أحد الشباب المتواجدين بالبحر ، مستفسرين عن دافع تواجده هنالك صباح يوم العيد فأخبرنا قائلا" اعتدت منذ الصغر أن أمضي أول أيام العيد بالبحر ، أنا وعمي الذي يسكن هنا مقابل الشاطئ ، فعائلتنا صغيرة وهم من يأتون لزيارة جدتي التي تسكن ببيتنا، فلذلك أفضل السباحة ثم لا توجد في أيام العيد فرحة تضاهي فرحة الاستمتاع بهدوء وصمت البحر الخالي من الناس، فلا يمكنني تغيير عادة الذهاب إلى البحر منذ شروق الشمس، فتحس وكأنك في خلوة مع الخالق".
وعند حديثنا إلى عم حمزة الذي وجدناه يصطاد السمك أخبرنا " أقصد البحر منذ أيام شبابي بحثا عن ال"قوسطو" ، إذ أن البقاء في المنزل أوالخروج إلى الشارع في أيام العيد يعتبر أمرا مملا ، ولا أفضل من البحر".
حسان حالة أخرى ممن يمضون العيد بطريقة مختلفة عن الناس ، فهوينزل بعد صلاة العيد إلى ملعب حيه لممارسة بعض الرياضة كالعدو، والذي أخبرنا أنه يمارس الرياضة في العيد، لأنه يتوقف عن ممارسة جميع أنشطته الرياضية طيلة شهر رمضان ، ثم أن نمط التغذية في رمضان جد ثقيل وذهني ، ولهذا يفضل الرياضة في العيد لتخسيس الوزن واستعادة لياقته البدنية.
وجاء في جريدة الرأي الكويتية أن دراسات علم النفس الحديثة تؤكد أن أيام العيد بما تحمله من ذكر وزيارة للأقارب، وتفسح جوالفرح بالموسيقى واللعب تشكل علاجا نافعا ضد القلق والاكتئاب والخجل والانطواء، والعديد من الأمراض النفسية الأخرى، بل حتى بعض الأمراض الجسمانية ، فيما يسمى في علم النفس بالعلاج الجماعي والبيئي والترفيهي .
طرق عديدة اختارها هؤلاء بحثا عن السعادة في أيام العيد، بعدما سئموا من جدوى العادات الروتينية لسائر الناس في هذه المناسبة.
محمد بن حاحة


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)