بعد أقل من أسبوع عن عرض فيلم ''زبانة''، اتهمت المحامية فاطمة بن براهم كلا من كاتب السيناريو عز الدين ميهوبي، والمخرج سعيد ولد خليفة بالسطو على مجهودها، باعتبار أنها قدمت لهما معلومات وافية بخصوص الموضوع، وقدّمت عدّة تحفظات بخصوص الفيلم. ومن جهتهما، قال كل من ميهوبي وولد خليفة إن المصادر التي تم الاعتماد عليها لكتابة السيناريو ترتكز على شهادات فاعلين تاريخيين أصليين.
المحامية بن براهم تتهم ميهوبي وسعيد ولد خليفة بالسطو على مجهودها وتجزم
الفيلم حرّف الحقائق التاريخية ولم ينصف الشهيد
كشفت المحامية فاطمة بن براهم، أن كاتب سيناريو فيلم ''زبانة''، عز الدين ميهوبي، ومخرجه سعيد ولد خليفة، والمنتج ياسين العلوي، لم يحترموا الاتفاق الذي تم بينها وبينهم بخصوص تفاصيل سيناريو الفيلم. وذكرت، في حديث مع ''الخبر''، بأن الاتفاق المبرم مع هؤلاء يقضي بذكر أن الفيلم مأخوذ من فكرة المحامية بن براهم، استنادا إلى رواية المحامي محمود زرطال.
وتأسفت المحامية فاطمة بن براهم، للكيفية التي كتب بها عز الدين ميهوبي وسعيد ولد خليفة سيناريو فيلم ''زبانة''، وقالت: ''لقد شاهدت كل شيء إلا الفيلم حول زبانة، فقد وردت فيه مشاهد تنافي الحقيقة، وتبتعد عن المجرى الحقيقي للأحداث''. وكشفت بن براهم التي تبحث في القضية منذ أكثـر من عشرين سنة، واهتمت به كجزء من دراسة لها في علم تنفيذ العقوبات في حق المجاهدين الجزائريين، أنها سلمت ميهوبي، منذ عدة سنوات، أربعة أقراص مضغوطة تحتوي على كثير من التفاصيل الدقيقة، بخصوص ظروف محاكمة زبانة. وبعد أن أخبرها ميهوبي أنه يريد كتابة سيناريو فيلم سينمائي استنادا إلى المعلومات التي قدّمتها له حول الموضوع، اشترطت عليه أن يسمح لها بقراءة السيناريو قبل الشروع في تصوير الفيلم، معتبرة أن قضية زبانة: ''تعدّ قضية تاريخية ووطنية مهمة لا يجب التفريط في تفاصيلها، لأنها تظهر للرأي العام بطلان العدالة الاستعمارية''. وقالت: ''أنا لا أبحث عن أي مكسب مادي مقابل ذكر اسمي، واسم الأستاذ زرطال في ''جنيريك'' الفيلم، كل ما تمنيته هو مجرد اعتراف لا غير''.
وأضافت ذات المتحدثة أنها طالبت ميهوبي بإدخال عدد من التعديلات على السيناريو بعد أن اطلعت عليه، لأنه لا يمتّ بصلة لمسار الشهيد زبانة، فقدّمت عدة توضيحات لتفادي الغموض والخلط، لكن ميهوبي تجاهلها على حدّ تعبيرها.
وأصيبت بن براهم، بعد مشاهدة الفيلم، بخيبة كبيرة، وتحدّثت عن وقوع ميهوبي في أخطاء فادحة ترتبط بصلب القضية، إضافة إلى أخطاء تاريخية أخرى جعلت الفيلم يبتعد عن الحقيقة التاريخية، حسب ما جاء في تصريحها. وبخصوص هذه الأخطاء، قالت بن براهم: ''إن الجلاد الذي أعدم زبانة ليس ميسونيي كما ورد في الفيلم، بل هو بيرجي المدعو ''سيد الجزائر''، أما ميسونيي، فكان مجرد مساعد له، بدليل أن جبهة التحرير قامت بتنفيذ حكم الإعدام في حق الجلاد بيرجي نظير ما قام به''.
ومن بين الأخطاء التي وقع فيها ميهوبي أثناء كتابة السيناريو، مسألة الطعن في الحكم، وقالت: ''يظهر في الفيلم أن زبانة هو من طلب من الأستاذ زرطال الطعن في الحكم، والحقيقة غير ذلك تماما، فقد رفض زبانة التقدم بالطعن، وقال لمحاميه: أنا لا أطلب العفو من فرنسا التي قتلت شعبي''.
وبشأن إظهار مدير السجن وهو يلبي رغبة زبانة في تحقيق آخر أمنية له، والسماح له بالصلاة، ذكرت المتحدثة أن أحمد زبانة نفسه هو من أبدى رغبته في الصلاة قبل أن يفكر جلادوه في الأمر، لأنهم أرادوا إعدامه بسرعة قبل طلوع الشمس. كما أن الفيلم لم يظهر عنف وسوء معاملة الفرنسيين لزبانة أثناء إعدامه، ففي الوقت الذي ورد في الفيلم أنهم مزقوا طوق سترته بهدوء وبواسطة مقص، تثبت الوقائع أنهم قاموا بتمزيقها بعنف. وحسب المحامية، فإن السيناريو أهمل عددا كبيرا من التفاصيل الدقيقة، بخصوص اللحظات الأخيرة التي تشكل، حسبها، مأساة حقيقية، منها تعارك زرطال مع النائب العام عقب رفض إيقاف إعدام زبانة واحترام ''العفو الإلهي'' المعترف به قانونيا، بعد توقف المقصلة.
وبشأن الشخص الذي أنزل المقصلة خلال المرة الثالثة، قالت بن براهم: ''جاء في الفيلم أن ميسونيي هو الذي أنزل المقصلة في المرة الثالثة التي أدت إلى إعدام زبانة، وهذا غير صحيح، لأن النائب العام والعقيد الفرنسي الموجود أثناء تنفيذ الحكم ساورتهما الشكوك بخصوص نوايا الجلاد بيرجي، واعتقدا أنه هو من دبّر مسألة توقف المقصلة. وهنا، قرّر النائب العام ارتداء قناع الجلاد، فقام بسحب الحبل وإنزال المقصلة''.
ومن بين التفاصيل المهمة والدقيقة التي نصحت المحامية بإقحامها في السيناريو، ما يتعلق بمكان توقف المقصلة، حيث قالت: ''يظهر في الفيلم أن المقصلة توقفت في الوسط، وهذا غير صحيح، فقد توقفت خمسة سنتيمترات فقط على بعد رقبة زبانة مرتين متتاليتين''، وأضافت: ''ثم إن رأس زبانة، ووفق شهادة الأستاذ زرطال، بقي مشدودا لجسده، وهذا شيء غريب لا يحدث إطلاقا، تطلب تدخل ميسونيي لاستكمال نزع الرأس وإلقائه في السلة، والدم الذي سال منه نزل ببطء شديد''. وختمت بن براهم بقولها: ''إن قضية إعدام زبانة من قبل القضاء الفرنسي تعدّ بمثابة أكبر جريمة عرفتها الإنسانية في تنفيذ الأحكام القضائية بالإعدام باسم القانون، وعليه، لا يمكن التلاعب بها، وإغفال أدق التفاصيل التي تفضح نوايا الاستعمار الفرنسي''. معتبرة أن إعدام زبانة يوم 19 جوان 1956 يصادف يوم 19 جوان 1830 ''وهو تاريخ انهزام جيش إبراهيم آغا في معركة سطاوالي الأولى''.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 04/09/2012
مضاف من طرف : aladhimi
صاحب المقال : حميد عبد القادر
المصدر : الخبر الثلاثاء 04 سبتمبر 2012