الجزائر

جبور يخضع لفحوصات على مستوى الركبة



 
فاز الفيلم الروائي ''نورمال'' لمرزاق علواش أول أمس بجائزة أفضل فيلم روائي عربي (المقدرة بـ 100 ألف دولار أمريكي) في مهرجان الدوحة ''ترايبكا'' الدولي الذي اختتمت فعالياته بعد خمسة أيام من العروض السينمائية.
وتدور أحداث فيلم ''نورمال'' حول خيبة أمل الشباب الراغبين في التعبير عن أفكارهم وآرائهم في الجزائر، وعبر علواش بمناسبة حصوله على هذه الجائزة عن دعمه لـ''كل الشعوب العربية الباحثة عن الديمقراطية في مساعيها وجهودها التي تبذلها".
وعلق محمد ملص المخرج السوري ورئيس لجنة تحكيم الأفلام الروائية على هذا الفوز قائلا إن فيلم ''نورمال مميز جدا وجريء، حيث ناقش بشجاعة ما تشهده المنطقة من أحداث وقمع الناس ومنعهم من حرية التعبير".
ونال الفيلم الوثائقي ''العذراء الأقباط وأنا''، للمخرج نمير عبد المسيح جائزة أفضل فيلم وثائقي، كما فازت المخرجة رانية اسطفان صاحبة فيلم ''اختفاءات سعاد حسني الثلاثة'' بجائزة أفضل مخرج فيلم عربي وثائقي؛ بينما أحرز رشدي زيم مخرج فيلم ''عمر قتلني'' جائزة أفضل مخرج فيلم عربي روائي ونال نفس الفيلم جائزة أفضل أداء تمثيلي لسامي بوحجيلة.

عن دار نلسن في السويد ولبنان صدر كتاب ''خليل حاوي.. دراسات وشهادات.. كما قرأه طلابه''، الذي اشتمل على أربع دراسات لأكاديميين من طلاب حاوي تناولوا الشاعر الراحل في مجالات مختلفة.
ومما خلص إليه بعض الدارسين علاقة خليل حاوي بالشاعر الإنجليزي كولريدج بينما خلصت دراسة أخرى إلى أن شعر حاوي يقوم على فكرة الفداء في أشكال مختلفة.
والأكاديميون الأربعة هم الدكتور ديزيريه سقال والدكتور ربيعة أبي فاضل والدكتورة ربى سابا حبيب والدكتور وجيه فانوس، وحمل الكتاب أيضا شهادة من صديقه الفنان منير أبو دبس.
في دراسة سقال جاء في المقدمة ''يشكل الفداء في شعر خليل حاوي عنصرا أساسيا لما يربطه بالتزام الشاعر العميق الذي ضحى بحياته من أجله، وفي الواقع فإن الشاعر سواء حين كان في الحزب السوري القومي الاجتماعي في مرحلة شبابه الأولى أو حين تحول إلى الالتزام بالقضية العربية؛ ظلت مسألة الفداء تمسك برؤياه الشعرية وتوجه نصه."
وأضاف إن حاوي في شعره ''يطمح إلى أن يرقى الشاعر إلى هذه المنزلة ليكون فاديا للأمة ولأبناء جيله."
وقالت الدكتورة ربى سابا حبيب من الجامعة اللبنانية أيضا إن كتابة حاوي ''مغامرة مستمرة باتجاه الداخل...، كتابة تتعامل مع الوحدة الكونية...؛ فالصور تتكثف...، تتهادم...، تتجاذب...، تتفارق في تبادل وتراشق عظيمين لترتبط بمفاصل القصيدة."
الدكتور ربيعة أبي فاضل كتب ''حاوي وكولريدج: المجاز الحقيقة''، وقال إنه مقتنع ''بأن علاقة منهجية وفكرية وشعرية عميقة جعلت حاوي على تأثر بيّن بمواقف كولريدج وأفكاره، خاصة مسألة الخيال وقصيدة ''البحار القديم'' وقضية الوحدة العضوية ومسألة التجربة الشعرية التي تزيل خلقا وتنشئ آخر بقوة الكلمة والرؤية."
أما الدكتور وجيه فانوس، الأستاذ في الجامعة اللبنانية، فقد خلص في ختام دراسته إلى نتيجة مؤلمة، حيث قال متحدثا عن حاوي الذي انتحر عند دخول القوات الإسرائيلية إلى لبنان سنة 1982 ''لطالما هربت في كتاباتي وأحاديثي السابقة عن خليل من هذا التعبير: ''الموت انتحارا'' ولطالما حورته إلى أن خليلا قرر كتابة قصيدته الأخيرة أو مجرد أنه قرر الرحيل، لكن وبعد كل ما حصل ويحصل منذ تسعة وعشرين موسم فجائع بعد موت خليل فإني لن أقدر إلا أن أقول إن خليل حاوي أراد بوعي فذ وإصرار مرعب وتصميم هادف وتضحية أن ينتحر''.
 

أنور بن مالك، كاتب جزائري مرموق، له العديد من الأعمال ما بين الرواية والشعر والقصة هو دكتور دولة في الرياضيات، مقيم بفرنسا حيث يدرّس بالجامعة، ومن بين أعماله التي اشتهر بها وظفر بجوائز أدبية، نذكر ''العشاق المتفرقون''، ''ابن الشعب العتيق''، ''الاختطاف''، بالإضافة إلى إصداره لعملين جديدين واحد يضم مقالات صحفية بعنوان: ''كرونولجية الجزائر المرّة''، والثاني رواية بعنوان: ''سوف لن تموتي غدا''."المساء'' التقت أنور بن مالك على هامش زيارته لبلده مؤخرا، وطرحت عليه مجموعة من الأسئلة حول أعماله وكذا أسلوبه الأدبي وطريقة تعاطيه مع المواضيع الحساسة، فكان هذا الحوار:
- لماذا تختار المواضيع الحساسة في أعمالك الأدبية، هل تعتبر ذلك واجبا عليك تأديته؟ أم دليل على حريتك؟
* لا أدري حقا إن كان ذلك يعود إلى واجب يجب أن أقدمه، اعتقد أنني مجبر أن أكون حرا في كتاباتي لأنني أدين لنفسي بالاحترام، فالحياة قصيرة وإن قضيناها في الكذب على أنفسنا وعلى الآخرين، فسيكون ذلك رهيبا.
حسنا أنا اخترت مهنة الكتابة ووصلت إلى سن يجعلني لا أملك ما أقدمه إلا كتابة ما أفكر فيه بكل صدق، هذا لا يعني أنني أمتلك الحقيقة، ولكنني ملزم بقول ما أفكر فيه لأنها قضية كرامة بكل بساطة، فنحن نعيش في مجتمعات غارقة في الكذب، نحن نكذب على أنفسنا ونكذب على الآخرين، الجميع يكذب، لهذا حان الوقت لنقول الحقيقة، فهذا أمر طبيعي فلماذا نقضي وقتنا في الكذب إذن.
- ربما لأننا لا نملك الشجاعة في قول ومواجهة الحقائق، ربما يلزمنا الكثير من المجازفة لأن نكون صادقين في وقتنا هذا؟
* نعم؛ هناك مجازفة في قول الحقيقة، ولكن لا يجب أن ننسى أن في بلدنا هناك من ماتوا لأجل لا شيء، فهل أنا أحسن منهم؟ أتذكر حينما كنت أعمل صحفيا في جريدة، قتل زميل صحفي، حسنا يمكن أن نقول إنه مات بسبب كتاباته، ولكن لماذا قتل محاسب الجريدة أيضا؟ هل لأنه محاسب؟ هل حياتي أنا مهمة أكثر من حياة الآخرين؟ لا أريد أن أخجل من نفسي في سكرات الموت وأندم على ما لم أقله وما لم أفعله، بالمقابل؛ حبي للحرية يعود أيضا لكفاح والديّ، فأبي مثلا حارب من أجل تحرير البلد، ربما في أعماقي أريد أن يفتخر بي والدي المرحوم.
- هل يختفي أنور بن مالك خلف أعماله الادبية لكي يعبرّ عن آرائه بكل حرية؟
* هناك شِقان في الكتابة بالنسبة لي وأحسن دليل على ذلك، الكتابان اللذان صدرا لي -مؤخرا- والبداية بمؤلف: ''كرونولجية الجزائر المرّة''، الذي يضم مقالات صحفية، والثاني: ''سوف لن تموتي غدا'' وهي رواية، إذن المؤلف الأول هو عمل يمكن أن أسميه ''مدني''، أي أنني أقول فيه رأيي كمدني وكمواطن حول ما لا أراه يسير بالشكل الصحيح، أما عن العمل الثاني فيدخل في سياق الأدب، حيث لا يتطلب من الكاتب تقديم أي حجج أو أعذار حول ماكتبه ويستعمل فيه الخيال أيضا، وهكذا أقول إن هناك حرية مطلقة بالنسبة للأدب ومسؤولية مدنية بالنسبة للمقالات الصحفية أي للكتابة المدنية.
- تضم أعمالك الأدبية العديد من المشاهد الرهيبة والعنيفة، هل تريد أن تؤكد لنا أن الواقع أسوأ من الخيال؟
* عندما كتبت رواية ''الاختطاف'' واجهتني مشكلة حقيقية تتمثل في كيفية كتابة مشاهد مرعبة بطريقة يتقبلها عقل القارئ، ولهذا أقول نعم؛ الواقع أسوء بكثير من الخيال، ولو كتبت الواقع كما هو لما تحمّل القارئ ذلك، وأتساءل هل يمكن لي أن أكتب بالتفصيل عن قرية تعرض سكانها للقتل بطريقة شنيعة؟ أبعد من ذلك، هل أكتب عن تفاصيل قتل رضيع؟ نعم؛ كتبي تحتوي على مشاهد رعب ولكنها أقل رعبا مما يحدث في الحقيقة.
- كيف تتعامل مع هذه المشاهد، هل تقوم بالبحث والتقصي في الحقائق ثم تكتبها بطريقة تكون أقل رعبا مما حدث في الواقع؟
* عندما يتعلق الأمر بموضوع حساس، أستعمل التوثيق وأبتعد بدرجة كبيرة عن الخيال، فمثلا في رواية ''الاختطاف'' تناولت قضية ''ملوزة'' الشهيرة، ولم يكن بمقدوري أن أستعمل الخيال في هذا الموضوع، خاصة وأن أولاد وأحفاد من تعرضوا لهذه الحادثة، على قيد الحياة فأردت أن يجدوا في الرواية بعضا من الحقيقة والحزن، فأنا في هذا الحال أقف وقفة متواضعة أمام الواقع.
- هل تكتب بهذه الطريقة لأنك بعيد عن بلدك (يعيش في فرنسا)، ماذا لو كنت تقطن في الجزائر؛ هل كنت ستكتب عن نفس المواضيع وبدون تحفظ؟
* سؤال صعب، ماذا كان سيحدث لو...؟ أعتقد أن الفرق الكبير بين الكتابة في الجزائر وفي فرنسا يتمثل في احترافية دور النشر في فرنسا، فالنشر هناك لا يعني فقط طبع الكتب بالإضافة إلى أنك تكتب في دولة معتادة على النشر وتنظم الكثير من التظاهرات المتعلقة بالكتاب أي أن الفرنسي متعوّد على الكتاب، إذن هذا هو الفرق وكأننا نقارن بين البطولة الجزائرية لكرة القدم ونظيرتها الإسبانية، فالمنافسة والاحترافية هي التي تصنع الفرق، ولهذا في فرنسا إن لم تكن قادرا على أن تكتب جيدا فلن ينشر لك مما دفعني إلى العمل بجديّة أكبر، ربما لو مكثت في الجزائر لما كنت بهذا الانضباط والجديّة باعتبار أن دور النشر الجزائرية غير متطلبة.
- هل لدور النشر الفرنسية دخل في المواضيع التي تختارها في رواياتك؟
* أقسم لك وكما نقول بلهجتنا: ''وبراس ولادي'' أن هذا الأمر لا يحدث أبدا، فدور النشر لا تفرض علي بتاتا أي موضوع، وأنا دائما أقوم بالتوقيع على العقود معها بعد إنجاز أعمالي الأدبية، أيضا أعتقد أن استقلالي المادي يساهم في حريتي فأنا أدرّس في الجامعة وأكتب ما أشاء،كما أنني دائما لا أتحدث مع احد عن موضوع عملي الأدبي إلا بعد أن أنهيه، وحينها أقدمه للناشر، هذا الأخير مثل المدرب ينتقد عملك ويخبرك بحسناتك وبعيوبك أيضا، أما الناشر الذي يمدحك دائما، فهو حسبي ناشر سيئ، ولست بحاجة إلى أن يقال لي إنني الأفضل ولكنني أريد أن يقال لي أين هي عيوبي، كما يجب على الكاتب أن يعرف أيضا كيف يحترم الناشر أي متى يقبل نقده ومتى يرفضه وأقول -بكل تواضع- إنني تقبلت النقد حينما كان ضروريا ورفضته حينما لم يكن مناسبا لي.
- هل تؤمن بالكاتب العبقري، الذي يلقى مؤلفه الأول نجاحا عظيما ويدخل عالم الكبار بعمل واحد؟
* أرى أن الكتابة عمل جاد جدا ولا يمكن أن نعتقد أن الكاتب يمكن له أن يكتب عملا رائعا من الوهلة الأولى، بل يجب عليه أن يكتب ويكتب وأن يصحح عيوبه، بالمقابل؛ تستحضرني حادثة وقعت لي وأنا في أول خطواتي في عالم الكتابة، حيث كانت لدي تجربة نشر مع مؤسسة ''لا سناد'' مند فترة طويلة وعندما أتذكر هذه التجربة تصيبني رغبة ملحة في الضحك، والحكاية أنه أرسلت كتابي عبر البريد إلى مؤسسة ''لا سناد'' لأجده على رفوف المكتبات ثلاث سنوات بعدها ومن دون أن أوقع أي عقد، فقمت بشرائه وبدأت بقراءته وكدت أبكي غيضا من الأخطاء التي تملؤه حتى أن هناك قصة حذفت خاتمتها وعندما استفسرت عن ذلك، قيل لي إنه لدي الحظ لأن هذه القصة وإن صدرت غير مكتملة فإنها انتهت بنقطة وكان من الممكن أن تخلص بفاصلة، كان هذا من زمن بعيد واليوم أعمل على إصدار كتبي في الجزائر وفرنسا في وقت واحد وهو ما حدث مع كتبي الثلاثة الأخيرة.
- ألم يسبق أن منعت كتبك في الجزائر أو تعرضت لمقص الرقابة؟
* لم يحدث أبدا أن منعت كتبي أو تعرضت لمقص الرقابة في بلدي، مثلا عملي الأخير ''كرونولوجية الجزائر المرّة'' حمل نقدا لاذعا للسلطة، ومع ذلك فهو حاضر في بلدي، حقا أدين بهذه الحرية لأكتوبر ,1988 لهذا لا يجب أن ننسى من ماتوا في هذه الأحداث وأيضا من ماتوا في العشرية السوداء التي دامت أزيد من عشر سنوات، وكل الذين ماتوا في ظروف قاسية مثل سعيد مقبل والشاب حسني والطاهر جاووت وغيرهم، نعم 200 ألف قتيل عدد رهيب حقا قد ننطقه باللسان ولكن لا يمكن لنا تخيل كل المعاناة التي عاشتها عائلات الضحايا، لهؤلاء الناس يجب أن أكتب وبكل حرية أيضا، فأنا أدين لهم بهذه الحرية ولا أدين للسلطة.
- هل تشعر بالخيبة لأنك لا تكتب بالعربية وبالتالي تتوجه إلى أبناء بلدك بلغة غير لغتهم؟
* أشعر بالخيبة وبالحسرة الكبيرة لأنني لا أكتب باللغة العربية، صحيح أنني أقرأ اللغة العربية ولكن لا يمكن لي أن أعبر بها كما أريد، رغم أنني درست اللغتين العربية والفرنسية بنفس النسبة، وفي هذا السياق أؤنب وبشدة مسؤولي المنظومة التربوية الجزائرية آنذاك الذين علمونا اللغة العربية بطريقة خاطئة ففرضوا علينا تعلمها دون تحبيبها لنا، واعتمدوا على أساتذة قدموا من مصر ومن دول أخرى وفرضوا علينا بدورهم نصوصا بالعربية بعيدة جدا عن واقعنا اليومي فكانت دروسا مملة ولم تجذبنا إليها، حقا لهي جريمة ارتكبت في حق اللغة العربية وأشعر بفراغ رهيب حينما أذهب إلى سوريا ولبنان مثلا وأجد الناس هناك يتحدثون بالعربية بطريقة عادية، وأبي أيضا كان يتقن اللغتين العربية والفرنسية حتى أنه قبل وفاته كان يكتب عملا باللغة العربية إلا أنه لم ينهه، صراحة يؤلمني أنني لا أستطيع أن أدرك الأسلوب الأدبي لعمل مكتوب باللغة العربية، وأتمنى من كل أعماقي أن نعطي للغة العربية مكانتها في البلد فهي لغته ويجب أن تحتل مكانتها الأصلية ليس بالقسر ولكن بالتحبيب فلغتنا جميلة ولا تحتاج ''السوط'' لكي نحبها، كما أننا أيضا لا يجب أن ننسى أهمية لهجتنا.
-هل تعتقد أن للأدب نصيبا في الثورات العربية وماذا عن دوره في مستقبل هذه الدول؟
* لا أعتقد أن للأدب علاقة في انطلاقة الثورات العربية، فلم نقرأ في العالم العربي إلا القليل جدا من الكتابات الناقدة والمنددة بالأوضاع السائدة، حتى إننا أصحبنا منغلقين على أنفسنا، ولهذا أقول إن دور الأدب بالنسبة للأجيال الحديثة مهم جدا، فإذا علّمنا الشباب قراءة الكتب التي تصف المجتمعات كما هي وتثبت أن الحرية حق الجميع دون إقصاء لأحد، سيفهمون أن الحرية حق أساسي لا غبار عليه ولهذا أيضا أقول إن الأدب في العالم العربي لم يقم بدوره، بل كان كالببغاء يمدح الأنظمة، ومع ذلك قررت أن أكون متفائلا، إذ أثبت شباب تونس ومصر أن لا شيء مستحيل وقاموا في هذا السياق بمعجزات وأتمنى أن نكون نحن الكتاب في حسن ظن هؤلاء الشباب.

شد انتباهي، وأنا في قاعة انتظار بإحدى المراكز العلاجية، حديث سيدة تتكلم باستغراب عن جنازة قدم أصحابها مختلف أصناف الأطعمة، منها أكلة ''البوراك'' التقليدية.. وواصلت السيدة تفاصيل المشهد الجنائزي الذي عايشته بدون أن تلمس روح الحزن الذي حل محله الإنشغال بأمور دنيوية.. والحقيقة أنها ليست أول مرة نسمع فيها عن الطقوس الاحتفالية التي أصبحت تخترق الجنائز في مجتمعنا منذ السنوات الأخيرة!! وهنا تصح الوقفة للتأمل في مظاهر تغتال روحانيات الجنائز؟ ولسنا نقصد هنا ''الصبر'' الذي أوصى به الإسلام، لكن مظاهر أخرى سنعرضها.
المبالغة في إبراز مظاهر الكرم في استقبال المعزين، وطرح مناقشات حول قضايا الحياة العامة، مع حرص رواد الجنائز على الظهور في كامل زينتهم بدرجة توحي بأن أجواء الفرح وقضايا الدنيا طغت على مشاعر الحزن والإعتبار من آية الموت... كان هذا الإنطباع القاسم المشترك لدى عدد من المواطنين ممن استطلعت ''المساء'' آراءهم بهذا الخصوص.
بداية كان الحديث مع سيدة متقدمة في السن، من سكان القصبة العتيقة، وبصيغة من التحسر قادها السؤال إلى سنوات خلت، حيث كانت البساطة وروح الحزن عنوان الجنائز في المجتمع الجزائري... مازالت مشاهد التعزية بالأمس القريب عالقة بذاكرتها، ملونة بالأبيض والأسود، إذ ترتدي النساء في الجزائر، حدادا على الموتى، ثيابا بيضاء أوسوداء اللون، ويحرصن على ألا يظهرن سوى بهذه الثياب لدوافع إجتماعية وأخرى نفسية تعبر عن مشاركة أهل الميت أحزانهم..
أما إكرام المعزين في اليوم الثالث بعد الوفاة لا يتعدى طبق ''الكسكسي'' وأكلة ''الرفيس''.. وهوما يتنافى تماما مع الجنائز التي صرنا نحضرها في السنوات الأخيرة، حيث لا تتورع بعض الأسر عن إقامة ''شبه احتفال'' في البيت من فرط الاهتمام بالأكل وإعداده وتقديمه للأقرباء والمعزين والمعزيات بشتى الأصناف، ومن ذلك إعداد وجبة فطور أوعشاء ممثلة في ''الطاجين لحلو''،''البوراك'' مع تقديم العديد من أصناف الحلويات، بما يدعو للتساؤل لماذا تحولت أقراحنا إلى أفراح؟.. تتساءل المتحدثة.
ويأتي المعزون وتنهال الأيدي على الأطباق التي تسيل اللُعاب، وتبدأ الأحاديث ومعها تندثر علامات الحزن، ولا يشعر الحاضر سوى بذلك الاستعراض لمظاهر الثراء من طرف أهل الميت، والإدعاء بحرصهم على إبراز مكانة الميت، الذي كثيرا ما ينطبق عليه المثل الشعبي القائل: ''كي يكون حي مشتاق تمرة وكي يموت يعلقولو العرجون''.
سيدة عاصمية أخرى استوقفناها بالقرب من سوق زوج عيون (50سنة)، تأسفت لغياب روح البساطة التي كانت تسود في جنائز الأمس، بعدما اجتاحت المباهاة والبذخ وسطنا الاجتماعي إلى حد اختزال الفوارق بين طقوس الأفراح وطقوس الأحزان.. وقبّر اللحظات التي تدعوالإنسان للتدبر والاعتبار.
وبشوق كبير، أبدت أمنيتها في أن تعود عادات أيام زمان التي لا تكلف نفسا إلا وسعها عكس ما يجري اليوم تماما.. وسردت لـ ''المساء''بعض التفاصيل عن جنازة زوجة عمها قائلة: ''تصوروا أنه في اليوم الثالث بعد وفاتها، اقترحت ابنتها أن يساهم كل فرد من العائلة بمبلغ قدره 50 ألف دج لإعداد عشاء فخم على شرف الوالدة الراحلة.. ولكم أن تحسبوا تكلفة هذا العشاء الذي تطلب من كل فرد من أفراد العائلة مبلغا كهذا بحجة التصدق على الميت.. ويبقى السؤال هل حقا أن الصدقة على الميت تتطلب التفنن في إعداد ما طاب ولذّ لغير المحتاجين؟''.
وشاركت في الموضوع السيدة ''كريمة.خ'' (عاملة مثقفة) فذكرت لـ ''المساء'': ''منذ مدة كنت شاهد عيان في إحدى الجنائز، ورأيت ما يدعو للدهشة.. بعض النساء ارتدين الفاخر والجديد من الملابس المطرزة والمرصعة ووضعن مساحيق الزينة.. شعرت كأنني في حفل زفاف وليس في مناسبة عزاء.. الأسوأ عندما اخترقت مسامعي عبارة ''البركة فيكم''! التي يبدو أنها حلت محل عبارة ''عظم الله أجركم''.. وأحاطت بي علامة استفهام كبيرة: هل هذه السلوكيات أوالمظاهر تدخل في إطار واجب التعزية والحزن على الميت، وهل لهذه الدرجة صرنا نجهل آداب التعزية؟!
واسترسلت المتحدثة قائلة: ''بعد لحظات، أخذ مؤشر دهشتي في الإرتفاع، إذ بدأت أصوات الضحك تتعالى، وفنون الحديث تثار حول أمور دنيوية، مشكل السكن موضوعها الرئيسي، ولم تكتف بعض المعزيات برواية قصصهن مع ملفات السكن، إنما تعدى الأمر نحو التجوال في أرجاء بيت الميت، والتدقيق في مختلف زواياه!!.. وهكذا ذهبت أجواء الحزن في مهب الشقة الجديدة التي تسلمها الميت منذ فترة قصيرة قبل موته''.
واستكملت ''ما هذه سوى صورة مصغرة عن أجواء بعض جنائز اليوم التي ينسى فيها المعزون من دفنوه قبل ساعات وواروا التراب على جثمانه، لتتحول جلسة العزاء إلى فكاهة وانشغال بأمور بعيدة عن مناسبة يفترض أنها تدعو للإتعاظ والحساب''.
 
المباهاة والإسراف لا أصل لهما في الدين؟
وتوضيحا لآداب الجنائز، نبه إمام مسجد ابن فارس بالقصبة زين الدين العربي، إلى أن إطعام الطعام بالصورة التي يتكلف فيها أهل الميت لا مبرر له شرعا، والمفروض أن يًصنع لهم الطعام، حيث أن السنة التي عليها العمل عند أهل العلم أن طعام الميت يصنعه جيرانه حتى ينشغل أهل الميت بالمصيبة التي نزلت عليهم.
وجاء في الصحيح أن آل جعفر لما جاءهم النعي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم''.
أما إذا صنع أهل الميت طعاما يكرمون به ضيوفهم الزوار، فلا حرج في ذلك. أما إذا صنعوه من أجل الصدقة على الميت، فليأكل منه المحتاجون والفقراء وأبناء السبيل.
وأضاف الإمام: أما المباهاة والإسراف في الطعام من أجل أن يأكل منه عامة الناس عن طريق الدعوة، فهذا لا أصل له في الدين ولا يعتبر صدقة، مشيرا إلى أن دعوة المعزين في اليوم الثالث أو الأربعين مجرد عادة من عادات المجتمع وليس واجبا.
وتعليقا عن بعض السلوكيات غير اللائقة التي تسود في جلسات العزاء على غرار الضحك، أشار إلى أن مراسيم تجهيز الميت ودفنه من العبادة التي يجب أن تنضبط بضوابط الشرع الحكيم، وأن الكلام الفارغ والفكاهة ليست من آداب الجنائز التي يفترض أن تكون فرصة للاعتبار، نظرا لقوله صلى الله عليه وسلم: ''زوروا المقابر فإنها تذكركم الآخرة''.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في هذا الشأن: ''إذا ضاقت بكم الصدور فعليكم بزيارة القبور''، كما جاء في الصحيح أن النبي صلى عليه وسلم قال: ''أكثروا من ذكر هادم اللذات'' وهوالموت، حسب المصدر.
فمن الناحية الشرعية، لا يتوافق ذلك مع الأجواء الروحانية التي ينبغي أن تطغى على الجنائز بدءا بالسكون وانتهاء بالخشوع للمولى تعالى.
وشارك جبور أول أمس في لقاء فريقه أمام نادي كريتين ضمن الجولة الثامنة من البطولة اليونانية (2-2) وهو يعاني من آلام على مستوى الركبة، ما يستدعي إجراءه مجددا لفحوصات طبية للتأكد من سلامته قبل الموعد الأوروبي الذي ينتظر أولمبياكوس، حسبما أفادت به الصحافة المحلية.
لكن الطاقم الطبي للنادي اليوناني اعتبر أن ''إصابة جبور لا تدعو للقلق"، حسب ذات المصدر.
وأضاف جبور أول أمس هدفا سادسا لرصيده الشخصي مع ناديه منذ انطلاق الموسم الجاري، ما يؤكد لياقته العالية التي تجعل منه أحد أهم أسلحة مدرب أولمبياكوس في مواجهته لبوريسا دورتموند، علما أن لقاء الذهاب الذي أقيم بين الفريقن باليونان انتهى بفوز المحليين بثلاثة أهداف لواحد، سجل جبور هدفا منها.
وفي تصريح له عقب نهاية مباراة فريقه برسم البطولة اليونانية؛ تأسف لاعب ''الخضر'' كثيرا لتضييع فريقه الفوز، لا سيما وأنه كان متقدما في النتيجة بثنائية نظيفة، مؤكدا في الوقت ذاته أن هذا التعثر لن يؤثر على رفاقه قبل الموعد الأوروبي القادم.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)