وجود بشر يرتكبون كل الخطايا والموبقات تحت شعارات دينية، أمر ليس جديدا على الأرض، وإذا كان البيان الأول الافتراضى لجماعة ”داعش” الذي نشرته هذه الزاوية أول من أمس، يطلب من الشبان والشابات أن ينضموا لجماعة الشيطان، فذلك لأن زعماء الجماعة على يقين من أن هناك بشرا من نسل الشياطين والأبالسة وأنهم سيرحبون بهذه الدعوة.لسنوات طويلة، كتبت عن آليات التفكير في العقل المتطرف مستعينا بعدد كبير من أصحاب العقول الجبارة كمراجع لي، وطوال هذه السنوات كان من السهل علي أن أكتشف أن معظم العاملين في السياسة في الشرق والغرب شديدو الفقر في معرفتهم بمكونات النفس البشرية، وأن عددا كبيرا منهم يعتنقون فكرة أن الأصل في الإنسان أنه طاهر، عفيف، بريء، لطيف، ابن حلال، وأن الظروف السيئة وحدها هي ما تبعده عن هذا الطريق.. ترى ما هي الظروف السيئة التي دفعت قابيل لقتل هابيل؟إن الفكرة التي تصورتها خيالية عن البشر القديسين والشياطين، ليست خيالية، بل هي واقعية تماما، ولعل آخر من جسدها على الأرض بشكل واضح هو الكاهن راسبوتين الروسي الذي كان قريبا من قيصر روسيا؛ بمعنى أدق من أسرته، في المرحلة التي سبقت الثورة السوفياتية مباشرة في بداية القرن الماضي. كان راسبوتين يدعو لاعتناق فكرة جديدة وممتعة، وهي أنك لا تستطيع أن تطلب من الله المغفرة بغير أن تكون نادما أشد الندم على ما ارتكبته من خطايا وموبقات؛ لذلك عليك أن ترتكب كل ما تستطيع ارتكابه من خطايا وذنوب قبل أن تندم وتطلب من الله المغفرة والرحمة، هكذا تحصل على الخلاص والسعادة الأبدية.واعتنق الكثيرون هذه الفكرة الممتعة، فعلى الأقل هي ستتيح لهم الاستمتاع بأن يسلكوا سلوك الشياطين قبل أن يتحولوا لقديسين. أنا فقط أريدك أن تتأكد من أن كل ما ترتكبه جماعة ”داعش” من وحشية، يشعر أفرادها بالاستمتاع، والإنسان بالطبع يستمتع بكل ما يغذي احتياجاته الداخلية. كان الطريق واضحا أمام أتباع راسبوتين؛ الحصول على اللذة بكل الطرق، وبعد أن يتعبوا من اللذة أو يعجزوا عن مواصلتها، سيقولون ببساطة: يا رب.. اغفر لنا فقد ارتكبنا خطايا كثيرة.أسرع عدد كبير من نساء الأسر النبيلة في روسيا إلى اعتناق دعوة الرجل وأفكاره اللذيذة، وكانت من تنال بركاته في الفراش، تزهو على أقرانها بحصولها على هذا المجد الفريد. ويقال: إنه كان ينزل القرى ويدعو النساء - النساء فقط - للسباحة معه في البحيرة على ضوء القمر، وبذلك تتاح الفرصة لهن للخطيئة ثم التوبة.ومات راسبوتين قتيلا، أغرقه عدد من الشبان الروس النبلاء في نهر الفولغا. غير أن الراسبوتينية لم تمت بعد، سيحيي طقوسها بعض البشر من سلالة الشياطين بين الحين والآخر. من المستحيل القضاء على الشياطين، غير أني أطلب فقط أن نسميهم بأسمائهم.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 17/10/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : علي سالم
المصدر : www.al-fadjr.com