ما يسمى بالثورات العربية أو ما اصطلح عليه تسميته ب “الربيع العربي" ضرب عنصرا حيويا لا يمكن استعادته أبدا ألا وهو الاستقرار.. حاليا البلدان التي خربت بأيدي أبنائها تعاني من هزات ارتدادية يشعر بها كل من هو قاطب فيها إلى درجة ينتاب شعوبها الكثير من القلق والخوف على مصير دولتهم.
هذه الانتفاضات ضد الأنظمة القائمة، قد تكون قد حققت إجماعا على مستوى كيفية تسليم السلطة لفلان أو علاّن لإعطاء الانطباع السطحي بأن الأمور عادت إلى مجراها الطبيعي، وفي مقابل ذلك ليس هناك أي مجال لتساؤلات الخارج.
إلا أنها للأسف لم تصل إلى سقف الاجماع الشعبي المتشكل من شخصيات وأحزاب ومجتمع مدني، وإعلام وكذلك قادة الرأي والنخب.. كل الإشكال يكمن هنا اليوم.. الكثير ممن أفرزهم الصندوق اعتقدوا بأن البلد يسير في اتجاه واحد، أما الباقي لا يهم هذا الطرح خاطىء من الأساس وغير منطقي يتطلب الأمر الانتباه له من قبل السياسيين، خاصة حتى لا يتم الوقوع في مطبات خطيرة جدا منها الإقصاء والتهميش وفرض حالة الطوارىء.. لا لشيء سوى لأن هناك رأيا مخالفا يدعو إلى احترامه والأخذ به إن إقتضى الأمر لم لا.
هذه المعاينة المسجلة اليوم هي التي أدت إلى غياب الإجماع على المستوى الشعبي وإن كان على الصعيد السياسي يصنف في خانة النسبية فقط والأحداث الخطيرة التي تقف عليها اليوم، وتؤكد لنا اليوم هذا المنحى.
وعليه، فإن الكثير من الدول التواقة إلى الحفاظ على استقرارها حذرت من مغبة الوقوع أو الانزلاق إلى هذه الهاوية.. لكن لا حياة لمن تنادي.. نحن اليوم نشاهد بأن »الثورات العربية« أطاحت بأركان الدولة وفككت مفاصلها، وكل ما كان مستورا ومتحفظا عليه أصبح مفضوحا ومكشوفا للجميع.. هذا كله أثّر تأثيرا كبيرا على الاستقرار.. ومن جهة أخرى فإن هناك انفراد بالحكم وعدم إشراك الآخر والعمل على إبعاده من الحياة السياسية وتعطيله حتى لا تكون له كلمة في صناعة القرار.. وهذا من خلال إغراق المجالس التشريعية بألوان معينة.
هذا الواقع آخذ في التنامي بشكل محيّر في كل المناطق التي عاشت الثورات.. التي فقدت اليوم توجهها الشعبي وتحوّلت إلى حكم النخب من تيار واحد.. وهذا ما زاد في توتر الأوضاع أكثر فأكثر.
لابد من القول هنا.. بأن الغرب الذي كسّر بلدانا بأكملها استحوذ على الخيرات فقط.. وهو الآن بصدد سحب موظفيها من نقاط معينة نظرا لتدهور الوضع الأمني.. ولا يسعى أبدا من أجل المساهمة في استتباب الأمن.. أو مساعدة من لا يتمتع أو يحوز على تجربة لترميم أوضاعه الناجمة عن تداعيات ما يسمى بالثورة.. وكل من ضيّع استقراره باسم الديمقراطية وغيرها من الشعارات المعسولة لن تقم له قائمة. وهو مطلوب أن يسير على ممر إجباري آجاله يصل إلى حوالي عشرة أو عشرين سنة من اللااستقرار.. حتى وإن تغيرت الذهنيات عن طريق صندوق الانتخاب.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 29/01/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : جمال أوكيلي
المصدر : www.ech-chaab.net