توفرت ظروف وسماتّ في الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الفائز بعهدة رئاسية رابعة ما لم تتوفّر لسابقيه من الرؤساء ولا في منافسيه.عزا متابعون للشأن السياسي، بعد ظهور النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة، فوز بوتفليقة بعهدة رابعة، إلى الطفرة المالية التي توفّرت بفعل ارتفاع أسعار المحروقات منذ 2002 بالأخص، وتعديل الدستور في العام 2008، والمضي نحو ولاية ثالثة اعتبرها عارفون بنفسية الرجل، في 2009، أنه يطمح لأن يلقى ربه وهو رئيسا للجمهورية.وحاول بوتفليقة إدخال إصلاحات دستورية بعد أحداث جانفي 2011، أو ما سمي اعتباطا "ثورة الخبز"، ووعد بوتفليقة الجزائريين بدستور جديد وإصلاحات سياسية تضمن المزيد من الحريات وتحرير قطاع الإعلام وفتح المجال أمام إنشاء قنوات تلفزيونية خاصة، تلتها زيادة في دعم المواد الاستهلاكية واسعة الطلب، فضلا عن الطاقة والنقل، حتى بلغت مخصصات الدعم 21 مليار دولار في 2013، أي دفع مثل هذا المبلغ في شراء السلم الاجتماعي، الذي ترجمه منتخبو بوتفليقة في الاستحقاق الأخير على أنه "استقرار واستمرارية"، وكان منتخبوه في الغالب في سن 45 سنة فما فوق، أي شرائح اجتماعية اكتوت بنار فتنة التسعينيات، وسرى في خطاب الخوف، الذي تردد في الحملة الانتخابية مسرى الدم منها، زيادة على خطاب التدخل الأجنبي الذي روجت له لويزة حنون في كل المناسبات. وكان متوقعًا بناء هذا، فوز بوتفليقة بعهدة رابعة، للأسباب التالية: توسع فكرة الخوف من المجهول، بعدما عزف أنصار بوتفليقة على هذا الوتر كثيرًا قبل وخلال الحملة الانتخابية، بتذكير الشعب بجراح عاشها في تسعينات القرن الماضي. والسبب الثاني يكمن في غياب البرامج القوية لدى منافسي بوتفليقة في الانتخابات، وتبادل المنافسون نفس الوعود حول الصحة والخدمة الوطنية والتربية ومنحة المرأة والبطالة والسكن وغيرها، بما دفع نحو صورة كبيرة في ذهن من انتخب بوتفليقة في نهاية المطاف، وهذه الصورة هي: نفس الوعود، فلان وعلان وفلتانة لا يملكون ما بيد بوتفليقة من خزينة عمومية تنتظر قرار سياسيا منه حتى تستفيد شرائح من المجتمع.. وهي صورة دخلت المخيال الجمعي وصعب تغييرها بصورة أو صور أخرى.وثالثا، العامل الأجنبي في رؤية الغرب لبوتفليقة على أنه شريك موثوق الجانب في المجالين الاقتصادي والأمني، وهو ما يهم الغرب عندما ينظر إلى واجهة الأنظمة السياسية في العالم الثالث.أما عن نتيجة الرئاسيات ومقاطعة أكثر من 11 مليون ناخب، أي 48 بالمائة من المواطنين المسجلين في قوائم الناخبين، مكاتب الاقتراع.وهذه النسبة من العزوف عن صناديق الانتخاب هي الأكبر من نوعها في تاريخ انتخابات الرئاسة الجزائرية، وأكبر من أدنى مستوى في المشاركة في آخر انتخابات برلمانية سنة 2012 بنسبة 35 بالمئة مقاطعة، أو عزوف عن الانتخابات.وكان أول الرسميين المفسرين لظاهرة العزوف عن الانتخابات، كان وزير الداخلية الطيب بلعيز، الذي قال في ندوة الإعلان عن النتائج، "العزوف له أسبابه ولابد من الرجوع للمختصين لتحليله، كما أن الأمر ليس حكرا على الجزائر فعدة دول تعرف هذه الظاهرة". وقال أيضا "الجزائر لا تعيش ظرف عاديا، الجزائر تعيش في جوار متوتر، ووسط حزام أمني وقلاقل أمنية في الداخل والخارج، إذا جمعنا هذه الثلة من المبررات والأسباب فوصولنا إلى نسبة 51.70 بالمائة نقول أنها نسبة معتبرة جدا".وتقول أحزاب المعارضة إن نسبة المشاركة في الانتخابات المتدنية هي في مكان ما "استجابة لنداءاتها بعدم المشاركة في هذه المسرحية الانتخابية التي كانت محسومة سلفا للرئيس بوتفليقة".وحسبه "يعتقد الجزائريون وأغلبهم من الشباب أن كل الانتخابات مرتبة مسبقا وفق هوى السلطة وأن الصندوق لن يغيّر شيئا من الواقع كما أن التصويت لم يعد وسيلة للتغيير.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/04/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : محمد ل
المصدر : www.essalamonline.com