الجزائر

ثالوث يقود ثورة دون «إشهار»



ثالوث يقود ثورة دون «إشهار»
بن غبريط، حجار ومباركي: ثلاثة وزراء يقودون قطاعات إستراتيجية من حيث الأهمية والجماهرية (العدد)، تمكنوا من كسب ثقة رئيس الجمهورية، والبقاء على رأس قطاعاتهم لمواصلة المهمة.بن غبريط: المرأة الحديدية التي واجهت الصعاب بمفردهاالسيدة نورية بن غبريط، التي جاءت بها حكومة سلال الثالثة في ال5 ماي 2014، صنعت الحدث منذ اليوم الأول من تعيينها، وهي التي كانت عضوا فاعلا في لجنة إصلاح المنظومة التربوية.هذه الكفاءة العالية لم تنتزع ثقة الرئيس فحسب، بل استطاعت منذ تعيينها خوض أعاصير متتالية بفضل تمتعها بكفاءة عالية وخبرة بيداغوجية وعلمية تعدت حدود قطاعها، بل وتعدت حدود الوطن وشكلت مادة إعلامية وسياسية في عديد المنابر، بل وباتت نموذج المرأة الجزائرية الصلبة والمقاومة.لقد تمكنت السيدة بن غبريط، من تفكيك «قنابل موقوتة» بثت في طريقها منذ تعيينها باعتمادها حوارا مفتوحا على الجميع وبراغماتية غير مألوفة في تسيير القطاع التربوي الذي يوظف أكبر كتلة عمالية وملايين المتمدرسين والإطارات من معلمين وأساتذة ومقتصدين ومربين ومفتشين ومراقبين ومستشارين...الخلقد واجهت في بعض الأحيان ب«مفردها» تعنّتا ورواسب تسيير كارثي متراكم عشرات السنين بحنكة كبيرة لإخراج المدرسة بمعناها الواسع من نكبتها.ورغم الانتقادات الحادة التي تعرضت إليها في بداية مهمتها (بل إلى غاية اليوم) من قبل أطراف اتهمتها تارة بمحاولة «فرنسة» المدرسة الجزائرية وتارة أخرى بالسعي إلى «طمس» اللغة العربية، فإن عزم السيدة بن غبريط، على المضي قدما في تنفيذ تلك الإصلاحات على أرض الواقع جعل الكثيرين يقرون لاحقا بحسن تسييرها وتحكمها في هذا القطاع الحساس.لقد قادت بن غبريط، ومازالت تواصل ثورة حقيقية لتغيير الذهنيات أولا ولتطوير البرامج والمناهج وتخليص المدرسة الجزائرية من شوائب ظلت ترهنها وتحول دون تقدمها إلى مصاف التنوير والنهوض الشامل والمتكامل.لقد حاول «المعتدون» في أكثر من مناسبة تفجير بعض الفتن لإرغامها على الاستقالة أو على الأقل للضغط من أجل إبعادها كفضائح البكالوريا (تسريب أسئلة الامتحانات) أو تحريك الشارع في مسيرات أو الزج بالمدرسة في الصراعات الحزبية والسياسية. إلا أنها استطاعت أن تسير فوق صفيح ملتهب وأن تطفئ براكين ببرودة عالية تنم على أن هذه «المرأة الحديدية» صبورة ومتمتعة ببعد النظر ورحابة الصدر. واستطاعت أن تؤسس الى شراكة مفتوحة وغير مسبوقة مع عشر نقابات أو أكثر من أجل استقرار تربوي وسنوات أنهت الإضرابات والعتبة وحتى التقليل من حجم التسرب المدرسي والقضاء على التوظيف العشوائي الذي كان يتم في مسابقات وطنية لم تخل من الفضائح والمحسوبية و«الوصولية»... لذلك فإن حفاظ السيدة بن غبريط، على منصبها في حكومة تبون الجديدة التي عصفت بزملاء لها لم يكن اعتباطيا أو صدفة، وإنما كان اعترافا بمجهودها الذي بدلته منذ 2014، على رأس هذا القطاع الذي تنتظره رهانات وتحديات كبيرة من أجل كسب معركة المعرفة والتطور وإعطاء المدرسة الجزائرية مكانة أممية.حجار: كبير النقابيينزميلها السيد طاهر حجار، المتمرس على التسيير الجامعي والملم بتفاصيله ومشاكله وتشعباته حافظ على منصبه على رأس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لمواصلة إصلاحاته والرقي بالجامعة الجزائرية إلى مصاف الجامعات العالمية المرموقة.السيد طاهر حجار، الذي جاءت به حكومة سلال الرابعة في ماي 2015 أمسك منذ تعيينه بتلابيب الجامعة الجزائرية. وراهن منذ البداية على أن إصلاح الجامعة لن ينجح إلا بإعادة الاعتبار للأستاذ الجامعي نفسه، وللبرنامج الجامعي من بوابة الانفتاح على ما يدرسه الآخرون في الجامعات المتطورة، وأيضا من خلال تشجيع البحث الجامعي الذي أعطاه عناية خاصة.ويمكن التذكير في هذا السياق بالاكتشاف الخارق الذي توصل إليه الباحث سعيد بوهلال، من جامعة سطيف، لإعادة تركيب البلاستيك وإعادته إلى تركيبته الأصلية بما سيسمح بتوسيع الاستعمالات الصناعية للتركيبة المكتشفة.إن تسيير هذا القطاع لم يكن أمرا سهلا لقد كان يستلزم كفاءة عالية لها خبرة كبيرة في دواليب التسيير الجامعي.حقق هذا الوزير الذي اعتمد منذ البداية أسلوب الحوار دون إقصاء، والانفتاح على الجميع ضمن إستراتيجية هادئة سمحت منذ تعيين السيد حجار، على رأس القطاع من تحقيق استقرار غير مسبوق مع بعض الاستثناءات. أدرك حجار أن هذا الاستقرار وتطوير البرامج يظل أعرج إذا لم يسبقه التكفل بالجانب الاجتماعي للأساتذة وموظفي الجامعات سواء ما تعلق بتحسين الأجور أو توفير عوامل الاستقرار كالسكن، وتقريب الجامعة والمعاهد من الأساتذة والطلبة على حد السواء. لذلك لم يتردد أساتذة كثيرون في القول إن الوزير حجار، كان كبير النقابيين بامتياز في الاستجابة لانشغالاتهم والدفاع عنها.وبالتأكيد لم يخف هذا عن رئيس الجمهورية الذي أدرك المجهودات التي بذلت في هذا القطاع الاستراتيجي الذي يسير نحو إخراج الجامعة من المدرجات والأقسام إلى المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية لإحداث التنمية المستدامة من خلال شراكة مفتوحة بين الجامعة ومحيطها الخارجي.وهي ذات الدعوة التي وجهها الرئيس بوتفليقة، بمناسبة الاحتفال بيوم الطالب حين دعا الحكومة ومؤسسات الجمهورية إلى إعطاء أهمية وأولوية للنخب والإطارات الشابة.مباركي: ثورة التكوين بعيدا عن الأضواءيضاف إلى هذه العائلة التربوية الكبيرة من تربية وطنية وتعليم عال قطاع التكوين المهني الذي يقوده السيد محمد مباركي، الذي يشكل الثالوث المتكامل.وزير هادئ يعمل كثيرا وبعيدا عن الأضواء والإشهار، تمكن في ظرف قصير من اعتلاء سدة القطاع في حكومة سلال الرابعة من قلب موازين الأحكام الجاهزة والنظرة القاصرة للتكوين المهني على أنه «محشر» للمتسربين من المدارس والفاشلين في مسارهم الدراسي والذين انقطعت بهم سبل التعليم في أطواره الرباعية (ابتدائي متوسط ثانوي جامعي). لقد قاد مباركي ثورة إصلاحات كبيرة ومتسارعة توجت هذا العام باستحداث تخصصات جديدة تسمح للمتربص بالحصول على شهادات ذات قيمة تمكنه من الولوج إلى الحياة العملية برصيد معتبر من المعرفة والتجربة. تحولت معها معاهد التكوين المهني إلى مصادر التمويل الأولى بالطاقات الشابة والكفاءات في إطار سياسة التحول الكبير الذي تسهر الجزائر على تنفيذها لبلوغ النموذج الاقتصادي الجديد المبني على التنوع.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)