الجزائر

تنافس خفي على "الصوت الإسلامي" في الرئاسيات



يتهافت المرشحون الخمسة على استمالة الأحزاب المقاطعة للانتخابات، أملا في الحصول على تأييدها بصيغة تحالف سياسي على أساس البرامج.لا تنفي مداومات المرشحين الخمسة لرئاسيات 12 ديسمبر الاتصالات المتبادلة بينهم وبين الشخصيات السياسية والأحزاب التي أعلنت عدم مشاركتها بمرشحين عنها تحت طائلة اللعبة المغلقة مسبقا وعدم توفر الظروف الملائمة لإجراء استحقاق رئاسي حر وديمقراطي.
مبررات المقاطعين تفيد بأنها لا تقف ضد الانتخابات ولكنها في الوقت ذاته لا تقبل بها في ظل استمرار ما يعتبرونه سياسة "التجاهل" لمطالب الحراك من قبل السلطة برأسيها، رئاسة الجمهورية والمؤسسة العسكرية، المتمثلة في إبعاد رموز النظام السابق وإطلاق سراح النشطاء وسجناء الرأي الذين ينتظرون المحاكمة.
وفي خرجته الإعلامية الأخيرة، ألمح رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله، إلى أن حزبه يبقى منفتحا على فكرة المترشح التوافقي الذي قد تأتي به الأيام القادمة بمناسبة الحملة الانتخابية.
وقبله، دأب رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، على الدعوة إلى مترشح توافقي، يتعهد بتنفيذ برنامج توافقي، يكون لحمس فيه دور في حال فاز بمنصب رئيس الجمهورية.
من الناحية الواقعية، يبدو المترشح علي بن فليس، رئيس الحكومة سابقا ورئيس حزب طلائع الحريات، الأقرب إلى هذين الحزبين، بحكم تعاونهما معه منذ 2014 بمناسبة أرضية مزافران للمعارضة، وفي مبادرة الحوار الوطني في عين البنيان يوم 6 جويلية الماضي، حيث تم الاتفاق على ما يمكن أن يكون أرضية مشتركة يمكن أن تحدث النقلة التي يطالب بها الحراك الشعبي، وتبقي على هيبة الدولة ومؤسساتها الدستورية وعلى رأسها مؤسسة الجيش الوطني الشعبي.
وإن نأى كل من مقري وجاب الله بنفسيهما عن التعريف أو الكشف عن هوية الشخصية التي يمكنها أن تنال "شرف" التأييد والدعم بالتصويت عليه في رئاسيات 12/12، إلا أنهما لم يفوتا فرصة الكشف عن قائمة المترشحين الرسمية، للتلويح بتحفظهما على وجود اسم عبد المجيد تبون فيها، بتصريحات تفيد بأن وجوده (من دون تسميته) في السباق الرئاسي يشكل استمرارية للنظام السابق!
أما بقية الأحزاب المحسوبة على النظام السابق فهي لا تبدو مستعدة لرمي المنشفة والتخلي عن التموقع لصالح أحد المترشحين، خاصة بعد نجاح الأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي، عزالدين ميهوبي، وعبد العزيز بلعيد (الجيل الجديد للسياسيين في التيار الوطني) في الإفلات من غربال السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، خلافا لزميلهما بلقاسم ساحلي.
بالمقابل، يقف المترشح الإسلامي عبد القادر بن ڤرينة، رئيس حركة البناء الوطني، وحيدا معتمدا على شباب وعاء التيار الإسلامي والمستقلين والطلبة، مستسلما لصراعه مع حليفه الفكري وغريمه السياسي، حركة مجتمع السلم، وتفضيل حركة النهضة وحركة الإصلاح المراهنة على أحد مرشحي التيار الوطني.
ولأجل "المزايدة في الكيل" في المفاوضات مع المترشحين، أوعزت قيادتا حزبي جاب الله ومقري إلى قواعدهما النضالية، من أجل التأثير على ميزان القوة، "اكتساح" المسيرات السلمية أيام الجمعة والثلاثاء، وهو ما يتم بسلاسة وانضباط كبيرين، بكلمة سر واحد هي "شاركوا بكثافة في المسيرات لكن لا تتصدروها".
ويؤكد هذا العنصر مواقف قيادتي حمس وجبهة العدالة والتنمية، اللتين تتمتعان بقوة معنوية وميدانية، يترجمها وعاؤهما الانتخابي، وهو ما ساهم بشكل كبير في تحريرهما من الخوف والتردد اللذين كانا يتميزان بهما في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ومن عصا منع التظاهر والتجمع والمسيرات في العاصمة وباقي المدن الكبرى.
وأمام هذا المعطى، يظهر للعيان التأثير في حجم المسيرات التي انتعشت خلال الجمعتين الماضيتين، تزامنا مع دعوات كل من مقري وجاب الله أنصارهما للنزول إلى المسيرات والمشاركة ومرافقة مطالب الحراك حتى تتحقق.
وقد يكون لهذين الحزبين دور حاسم في حال وقع الاتفاق على دعم ومساندة أحد المرشحين، وهو أمر وارد، إدراكا بصعوبة قبول المجتمع الجزائري والدولي بتواجدهما في القصر الرئاسي، فضلا عن أن (موقفها بالتحالف) يشكل اختبارا حقيقيا لمدى تأثيرهما الفعلي في الساحة الوطنية، وذلك تحسبا للانتخابات التشريعية المرتقبة بعد الرئاسيات، طمعا في اكتساح البرلمان الجديد.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)