الجزائر

تلوث غريب يقتل الأسماك.. وروائح كريهة من وادي يسّر بالبويرة



أثار ظهور أعراض تلوث غريب في الأونة الأخيرة بواد يسر المعروف والذي يمر عبر عدة بلديات بولاية البويرة مخاوف السكان ومستعملي مياه الوادي من احتمال انتشار أمراض فتاكة لاسيما بعد تسجيل نفوق المئات من الأسماك وانتشار روائح كريهة مصاحبة لتغير كبير في لون المياه التي تتخذ من طرف الكثير من الفلاحين كمصدر سقي لمزروعاتهم، هذا في الوقت الذي لا تزال فيه الإدارات المعنية مكتوفة الأيدي رغم نداءات المواطنين المتتالية.أعراض التلوث الغريب ظهرت جليا نتائجها بعد اكتشاف مواطنين لنفوق المئات من الأسماك التي وجدت صعوبة كبيرة في العيش بمياه الوادي، وانتشارها على ضفافه بشكل يدعو للتساؤل، وهي أول ظاهرة تسجل بالمنطقة بالتزامن مع تغير غريب في لون ورائحة المياه لاسيما في شطر الأخضرية، حيث عاينا عدة نقاط لنفوق اسماك على غرار منطقة تاصالاحت وبني عزم والقادرية، تلك المشاهد التي أرعبت السكان من رواد الصيد بالمنطقة وأثارت مخاوفهم من احتمال تلوث غريب قد أصاب الوادي الذي يستقبل مختلف النفايات والمخلفات الصناعية باختلافها ودرجة خطورتها ، وما ينعكس ذلك على صحتهم وسلامتهم في ظل صمت الجهات المعنية التي لا تزال كالأطرش في الزفة على حسب تعبير أحد الصيادين الذي أضاف لنا بأن نفوق مثل تلك الأعداد من الأسماك لم تشهده المنطقة من قبل، مبرزا بأن العديد من الشباب رفعوا صورا ونداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي الأيام الفارطة من دون أن تتحرك الجهات المعنية للتحقيق في مصدر التلوث.

نفايات سامة ومخلفات صناعية تصب في الواد
من خلال جولتنا التي قادتنا عبر ضفاف الوادي للتحقيق في القضية تبين لنا بأن العديد من نقاط تدفق المياه القذرة والصرف الصحي من المدن المجاورة موصولة بالوادي مباشرة حيث تتصل بها شبكات تطهير مصدرها المستشفى على سبيل المثال، إلا أنها ليست مربوطة بمحطة تصفية المياه المستعملة الموجودة على ضفاف الوادي، والتي لا تزال خارج الخدمة الحقيقية رغم صرف الملايير عليها منذ التسعينات، كما أن مياه الوادي باتت مكانا ملائما للتخلص من مختلف أنواع النفايات والحيوانات النافقة، سواء الخاصة أو الصناعية لاسيما منطقة النشاطات بالأخضرية والمفرغة العمومية بالقادرية التي يمر واد يسر في قلب نفاياتها، مع احتمال وصول نفايات مصنع ينتح مواد كمياوية إلى الوادي رغم خطورتها على حد تعبير أحد المواطنين، هذا من دون الحديث عن الأعداد الكبيرة من معاصر الزيتون التي ترمي مخلفاتها مباشرة إلى المياه التي تتخذ مع كل موسم لونا بنيا قاتما، حيث أرجع الكثير ممن تحدثنا إليهم سبب التلوث إلى ذلك، متسائلين عن مدى دور مصالح الرقابة والبيئة في الحفاظ على المحيط أولا ثم صحة وسلامة الإنسان والحيوان ثانيا.
ولعل الأخطر في قضية التلوث الذي أصاب وادي يسر منذ مدة ثم ما أصابه من تلوث غريب في الآونة الأخيرة هو أن مياهه تستعمل من طرف الكثير من الفلاحين في سقي مزروعاتهم المنتشرة على ضفاف الوادي عبر كل من القادرية والأخضرية وعمر محطة لاسيما الحمضيات منها، وهو مكمن الخطر من ظهور أمراض جراء تناول تلك المحاصيل المسقية من مياه تجهل مكوناتها ودرجة خطورة تسممها، كما أن مياه الوادي تصل مباشرة إلى سد عمال الذي تضخ مياهه مباشرة إلى سد قدارة ومنه يشرب الآلاف من سكان العاصمة وبومرداس.

مصلحة البيئة.. آخر من يعلم!
من جهته، مدير البيئة بالبويرة محمد بن عابد ولدى اتصالنا به قصد معرفة وجهة نظر مصالحه من القضية، أكد لنا بأن الأخيرة غير مطلعة على الموضوع، وليس لديناه بشأنه معطيات سوى ما سمعته من طرفنا، إلا أنه أبدى استغرابه من الصور التي أطلعناه عليها، كاشفا بأن مصالحه ستسعى مباشرة رفقة مصالح الري للتحقيق في الأمر ومعرفة سبب التلوث ومصدره إن وجد، حيث سيتم حسبه تشكيل لجنة في هذا الخصوص، نافيا تسبب مخلفات معاصر الزيتون المتخلص منها في الوادي في نفوق الأسماك.
ومهما يكن من نتائج تلك اللجنة وعملها، فإن صحة وسلامة الإنسان والحيوان تبقى أسمى من كل اعتبار وجب الحفاظ عليها بالتزامن مع تحقيق التنمية الاقتصادية والصناعية، وهو واجب تتضافر فيه جهود كل الجهات المعنية لاسيما مصالح الري والبيئة وغيرها من خلال تشديد المراقبة على المصانع بالخصوص حول طرق تخلصها من نفاياتها ومدى احترامها لشروط سلامة المحيط فضلا عن تفعيل عمل محطات تصفية المياه وربطها بكل شبكات التطهير بالمدن بما يمكن من تطبيق فعلي لشعار تلك المصالح في محيط نظيف وصحي وسليم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)