الجزائر

تعليق المحادثات الأمريكية الروسية بشأن سوريا وظهور بوادر حرب باردة جديدة



تعليق المحادثات الأمريكية الروسية بشأن سوريا وظهور بوادر حرب باردة جديدة
بقلم: أبو ذر القصراوي*أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قبل أيام عن تجميد المحادثات الأمريكية الروسية بشأن النزاع السوري وعلل كيري هذا الموقف بتواصل النظام الروسي بارتكاب مجازر ضد المدنيين العُزَّل في حلب إذ قال: نحن على وشك تعليق المحادثات لأنه بات من غير المنطقي وسط هذا القصف الذي يجري أن نجلس ونحاول أن نأخذ الأمور بجدية وأضاف قائلًا: وصلنا إلى مرحلة بات يتوجب علينا في إطارها أن نبحث عن بدائل ما لم يعلن أطراف النزاع بشكل واضح عن استعدادهم للنظر في مقاربة أكثر فعالية.من جهتها ردّت الخارجية الروسية على اتهامات الجانب الأمريكي وكان ذلك على لسان الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية (ماريا زاخاروفا) حيث حمّلت الجانب الأمريكي مسؤولية تعليق المحادثات واتهمته بعدم الوفاء بالشرط الأساسي من ترتيبات تخفيف الوضع الإنساني في حلب قائلة: تبيّن أن واشنطن ببساطة لم تتمكن من الوفاء بالشرط الأساسي من ترتيبات تخفيف الوضع الإنساني لسكان حلب. والآن في ما يبدو بعد عدم القدرة على الامتثال لهذه الاتفاقات التي قامت هي بصياغتها لنفسها تحاول تحميل أي طرف المسؤولية.وكأول تعليق للأمم المتحدة على تعليق المحادثات بين الطرفين أكد الموفد الأممي إلى سوريا (دي ميستورا) على ضرورة مواصلة المحادثات لإيجاد حل سياسي في سوريا ونقلت بعض وسائل الإعلام قوله أن الأمم المتحدة تتعهد الدفع باتجاه حل سياسي في سوريا رغم تعليق المفاوضات الأميركية الروسية.السبب الحقيقي لتعليق المفاوضاتلا أشك أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يهمّها أمر المدنيين في حلب وأن روسيا لا تريد وقف إطلاق النار فإن البلدين لا يفكران في هذا أصلًا بل يفكران على المدى البعيد. أعتقد أن المشكل الحقيقي لتعليق المفاوضات هو تمسك كل طرف بمصالحه من القضية السورية فإن الولايات المتحدة الأمريكية-الداعمة للمعارضة السورية التي تصفها بالاعتدال-تريد القضاء على نظام بشار الأسد مما يعني خسارة عدو مهم في الشرق الأوسط أضف إلى ذلك الحصول على حليف أهم وهي المعارضة السورية التي تريد منها أمريكا الوصول إلى الحكم أما الجانب الروسي فهو يريد بقاء الحليف المطيع بشار الأسد في الحكم والقضاء على المعارضة السورية وترك تنظيم الدولة يسرح ويمرح بحكم أنه يقاتل المعارضة السورية التي تشكل خطرًا جديًا على بشار الأسد ونظامه فهل يجتمع متناقضان؟أعتقد أنه لا يمكن للمحادثات أن ترجع وإن رجعت فستكون محادثات سطحية أبعد ما تكون عن حل حقيقي وإن الحل الحقيقي يكمن في تنازل كبير لأحد الطرفين على حساب الآخر وهذا ما لا أعتقد أنه سيحدث.بوادر حرب باردةبعد تعليق المحادثات بين البلدين بدأ يظهر صراع جديد بينهما وبوادر حرب باردة جديدة ولعبة جمع عدد أكبر من الحلفاء وبدأت روسيا اللعبة بعد أن نشرت منظومة صواريخ (أس 300) وهي منظومة الصواريخ المضادة للجو المتوسطة المدى والمخصصة لحماية المواقع والمؤسسات الصناعية والإدارية والقواعد العسكرية ومراكز القيادة من ضربات وسائل الهجوم الجوي الفضائي للعدو في قاعدتها البحرية في طرطوس ردًا على تعليق المحادثات وأيضا ردًا على نشر الولايات المتحدة الأمريكية في وقت سابق لنظام الدفاع الصاروخي( ثاد) في كوريا الجنوبية خوفًا من التهديد النووي الكوري الشمالي.فبهذا الرد تكون روسيا قد حذّرت الولايات المتحدة من استهداف النظام السوري من جديد بعد أن حدث ذلك في الأيام الماضية أضف إلى ذلك أن هذا الرد يعد فرصة لجذب الحليفين الآخرين لروسيا وهما كوريا الشمالية والصين إذ لم تُخفِ الصين قلقها من نشر هذه المنظومة في كوريا الجنوبية وأكد وزير خارجيتها (وانغ يي) أن الدّول المعنية يتعين عليها احترام موقف الصين وروسيا ومخاوفهما المشروعة وأضاف أن النّشر لن يساعد القضية النووية الكورية الحالية في الحقيقة بل إنه سوف يكثف الوضع المتوتر بالفعل أما كوريا الشمالية ستعتبر هذا الفعل الروسي كدعم لبلادها التي تواصل تهديداتها الدائمة لأمريكا وحلفائها.أزمة الصواريخ بين أمريكا وروسياكانت هذه الصواريخ قد أثارت ضجة إعلامية كبيرة جدًا خاصة بعد أن عبّرت الولايات المتحدة الأمريكية عن قلقها من نشر هذه الصواريخ المضادة للطائرات الحربية محذرةً من استهداف طائرات التحالف أما الجانب الروسي فقد استغرب من الضجة المثارة حول الموضوع وذلك على لسان الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية الذي أكد استغرابه من القلق والضجة الإعلامية المثارة حول هذه الصواريخ مؤكدًا أنها لا تمثل أي تهديد على أحد بحكم أنها صواريخ دفاعية بحتة.هذا وقد أكدت الولايات المتحدة أنها تراقب الوضع عن كثب وأنها تدرس الطرق المناسبة للرد على هذه الإجراءات إذ أوضح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية _مارك تونرس أن الولايات المتحدة ستبحث كل الخيارات المتاحة بما فيها الخيار العسكري مشددًا في الوقت نفسه على أن وزير الخارجية جون كيري يواصل سعيه الدؤوب مع شركاء الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي.ومن الخيارات العسكرية المتاحة للولايات المتحدة الأمريكية تزويد المعارضة السورية بصواريخ مضادة للطائرات وقصف مطارات الأسد التي تنطلق منها الطائرات الحربية التابعة له لشل حركته الجوية.أخيرا.....إن الصّراع بين قطبي العالم من المؤكد أنه سيستمر كما استمر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وسيبقى باردًا كما العادة فإن أي عمل عسكري مباشر بينهما سيؤدي إلى حرب عالمية ثالثة ستأتي على الأخضر واليابس ولهذا لا أعتقد أن تتطور الأزمة أكثر فالحلول الدبلوماسية واردة كما أكد كيري والباقي فقط هو تقسيم الطورطة السورية تقسيمًا يرضي الجميع في ظل غياب أي قرارات عربية جادة وكأن الأمر لا يعنيهم ولا يخصهم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)