تتعدد الرؤى والمقاربات النظرية المقدمة لتفسير السياسات الخارجية للدول، وتتفاوت فيما بينها بخصوص مسألة تأثير العوامل النفسية والدوافع والسمات الشخصية للقادة في صنع قرارات السياسة الخارجية بحسب رؤية كل منظر للعوامل الأكثر تأثيرا في مسارات صنع القرار الخارجي. فعلى حين اهتم البعض بالإستجابات التكيفية للدول إزاء ما تفرزه البيئة الدولية بمختلف مكوناتها، على اعتبار أن خيارات السياسة الخارجية – وفي كثير من الأحيان خيارات السياسة الداخلية خاصة بالنسبة لدول العالم الثالث – هي رهن بمحددات الواقع الدولي وانعكاس تفاعلي لإملاءاته؛ ذهب آخرون إلى اعتبار أن السياسة الخارجية بمختلف توجهاتها وقراراتها ونشاطاتها هي إسقاط لما تمليه قوى السياسة الداخلية، أي أن عملية صنع القرار السياسي في الحقيقة هي عملية مساومة ومفاوضة وتسوية بين مختلف البيروقراطيات الفاعلة، وبالتالي فإن فهم وتفسير السياسة الخارجية يتم من خلال الإدراك الجيد والمعرفة التامة بالفاعلين الداخليين من حيث: مصالحهم الخاصة، قربهم أو بعدهم من صانع القرار، ظروف وحيثيات المواقف التي تتخذ بشأنها هذه القرارات...الخ؛ على أن عددا مهما من هؤلاء المنظرين اعتقدوا بمحدودية المقاربات السابقة وقدموا بديلا يركز على دور الأفراد والمسؤولين في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية، انطلاقا من أن هذه العملية تتأثر بالخصائص والقيم الشخصية والخلفية الإجتماعية والخبرة التي يتمتع بها صناع القرار، واستنادا إلى فكرة سنايدر (Snyder) من أن: الدولة كيان مجرد يعبر عنها في الحقيقة موظفون أو رسميون لهم سلطة التصرف باسمها، وبالتالي فإن مفتاح تفسير سلوك الدولة يرتبط بمعرفة وفهم كيفية رؤية صانعي القرار وتعريفهم لمختلف المواقف
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/02/2024
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - عديلة محمد الطاهر
المصدر : مجلة البحوث السياسية و الادارية Volume 3, Numéro 2, Pages 168-176 2014-12-01