تُعدّ الأسرة الرّكيزة الأساسيّة التي تقوم عليها الأمم، وعليها يَعتمد نجاحها وفشلها، فبها تَحيا ويُسطّر التّاريخ مجدَها وعزها، وتزدهر الحضارات وتَنمو، وبِضعفها تُهزَم الجموع، وتَهلك الحَضارات ويُطوى مجدها، لأجل هذا كلّه كانت الأسرة عِماد المُجتمع ورَكيزته، ومن هنا انطلَق الاهتمام بالأسرة وبِتكوينها، ودراسة الأسس والعوامل التي تؤدّي إلى نجاحها، فما تعريف الأسرة؟ وما هي العَوامل التي تؤدّي إلى نجاحها؟
ساهم الباحثون العَرب والغربيون في بيان مفهوم وتَحديد أهمّ رَكائزها ومُقوّماتها، ومن التّعريفات التي تُبيّن مفهوم الأسرة:
إنّ الباحثين الغربيين عرّفوا الأسرة كالآتي:
يُضيف عزي الحسين تعريفاً جديداً باعتبار أنّها إحدى مؤسّسات التنمية الاجتماعية، بل ومن أهمّ المؤسسات؛ وذلك لأنّ شخصيّة الفرد تتكوّن في هذه المؤسسة، وتُسهم في بناء أفراد أسوياء أقوياء، ويظهر ذلك من خلال السلوك السوي الذي ينتهجونه، والدور الإيجابي لهم في الحياة، ويرى نبيل حليلو أنّه يُمكن تلخيص مجموعة من الشروط والنقاط الواجب توافرها في أيّ جماعةٍ ليُطلق عليها مفهوم ، وهذه الشروط هي:
عَالَج أكثر عُلماء الاجتماع المُهتمّين بقَضايا وشؤونها أهمّ التي تواجه الأسرة، والتي تؤدّي فيما بعد إلى فشلها وانهيارها، أمّا عوامل نجاحها وسعادتها فلم يبحث بها إلّا القليل منهم، رغم أهميّتها وضروريتها؛ فعوامل نجاحها لها الكثير من الأهمية؛ فهي تُبيّن للناس كيفيّة المُحافظة على أسرهم، وكيفيّة إصلاح مشاكلهم، والخروج من أزَماتهم بشكلٍ ناجح، وبعد الدّراسات التي أُجريت على العَديد من الأسر وجد الباحثون أنّ هناك ستة عوامل رئيسيّة يجب على الفرد معرفتها، وهي التي تؤدّي إلى نجاح الأسرة وسعادتها، وفيما يلي تفصيل لهذه العوامل:
إظهار التقدير عامِلٌ مهمٌ بين أفراد الواحدة؛ فعلى كُلّ فردٍ أن يشعر بتقدير أسرته له، وعليه أيضاً أن يُظهر التقدير والمحبة للآخرين، فكثيراً ما ينشغل الزوج بالعمل ، ويكدُّ ويتعب، وفي نهاية يومه لا يجد من أفراد أسرته التقدير والثناء على مجهوده، فيُصيبه الملل والكآبة؛ لعدم وجود من يُقدّر ما يقدّمه للأسرة من تضحيات، وكذلك الزوجة التي تَستغرقُ مُعظم وقتها في أعمال المنزل التي تكاد لا تنتهي، وقد يَكون لها عملٌ آخر خارج المنزل، ورغم ضَخامة الأعباء، وإرهاق العمل، تُواصل سيرها وكفاحها، وفي النهاية لا تجد من يُسمعها كلمة تقدير واحدة، فتَشعر بالضجر والملل، فيعمّ الاكتئاب والملل أرجاء الأسرة.
من الجميل أن يُقدّر الفرد الآخرين، ويُعبّر عن شُكره وامتنانه لهُم، وتقديره للمجهود الذي يقومون به في سبيل إسعاده، وتوفير احتياجاته، والبُعد عن النقد المؤذي أو التقليل من عملهم، أو السخرية منهم؛ وذلك لأنّ علماء الاجتماع وجدوا أنّ أهم أسباب وجود الخلافات بين أفراد الأسر المُتصدّعة تعود إلى أنّ العلاقة التي تربطهم ببعضهم عدائية.
من العوامل المهمة التي تدعم الروابط الأسرية وجود قيمٍ روحيّة مُشتركة بين أفراد الأسرة لتُثبت أنَّ التّرابط القائم بينهم ليس ترابطاً مادياً فقط وإنما تجاوز ذلك إلى ما هو أكبر وهو الترابط الروحي والمعنوي؛ فهم يَشتركون في أهدافٍ واحدة ومَبادئ واحدة، ويسيرون إليها بطريقٍ مشترك كلُ واحدٍ منهم يُتمّمُ عمل الآخر.
أثبتت إحدى الدراسات الحديثة أنّ التوافق بين أفراد وخصوصاً يَجعلهم أكثر تماسكاً وتقارباً، وأكثر قُدرةً على حل الخلافات الحاصلة بطريقةٍ فعالةٍ.
إنّ أهمّ ما يُميّزُ الأسر الناجحة ويزيد من نجاحها وتَقدُّمها هو قدرتها على مواجهة الأزمات؛ فلا يَعني أنّ الأسر إن كانت سعيدةً أنّها لا تُواجه المُشكلات أو الصعاب بل هي تواجه الأزمات بصبرٍ وحكمةٍ، وهدوءٍ دون قلقٍ أو ، أو إلقاء اللوم على الآخرين، كما أنّها تمتلك المقدرة على تجنّب المُشكلات قبل حدوثها؛ فالأسرة الناجحة التي يجمعها الترابط النفسي والعاطفي الإيجابي تتصدّى لكثيرٍ من المُشكلات والنّزاعات التي تصيبها.
تُشير الدّراسات الاجتماعيّة إلى أهميّة قضاءِ أفراد الأسرة وقت كافٍ مع بعضهم في الإجازات والعطل والمناسبات؛ فوجودهم مُجتمعين في جوٍ تسوده الألفةُ والمحبةُ والسعادةُ يُخفّف من ضغوطات الحياة، وأزماتها، ويزيد من قُوى الترابط والتّضامن الأسري، ويُشعر الفرد بمدى انتِمائه للأسرة وارتباطِه بها.
هو إحساس فردٍ من أفراد بالمسؤولية نحو أسرته، والتزامه بحقوقها وواجباتها؛ فعلى كل فردٍ في الأسرة أن يعرف ما عليه من حقوق وواجبات، وهذا لا يعني اختفاء الحريّة الشخصية للفرد بل مع وجودها وثقته بنفسه وبمحبّة الآخرين له يجعلها جُزءاً مهمّاً من حياتهِ، يُقدّم لها التضحية، والإخلاص، والوفاء، والصدق، والأمانة.
يُعتبر التواصل عامِلاً مهمّاً وضروريّاً لنجاح الأسرة واستمرارها؛ فالتواصل الناجح والسليم بين أفراد الأسرة يَجعلها قويّةً، مرنةً، تُواجه الصّعوبات بسهولة، أما سوء بين الأفراد يُنتج آثاراً سلبيةً، تُضعفُ قدرتهم على تخطّي المُشكلات والضغوطات اليومية.
تاريخ الإضافة : 01/07/2019
مضاف من طرف : mawdoo3
صاحب المقال : محمد عدنان القماز
المصدر : www.mawdoo3.com