اختلفت طروحات الطبقة السياسية حول رزنامة الإصلاحات السياسية التي أطلقها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في أفريل من العام الماضي.فبين مؤيد ومعارض ومتحفظ حول بعض جوانب الاصلاح بدأت الحياة السياسية تعرف نوعا من النشاط والحراك تراجعت وتيرته في السنوات القليلة الماضية، بعد أن لزم الصمت البعض من الأحزاب، ودخل إلى الصف طواعية البعض الآخر منها، لتتحول الساحة السياسية إلى ركود ممل، زعزعته ثورات الربيع العربي برداتها المستمرة وآثارها على بقية الدول التي لم تشهد انتفاضة بمعنى الكلمة، بما فيها الجزائر.
ولأن الجزائر تؤثر وتتأثر بالحراك الجهوي والإقليمي فقد كان لزاما عليها أن تبادر إلى إحداث التغيير العميق، الذي لطالما كان أحد أهم المطالب الشعبية تماشيا والتحولات والتطورات التي يشهدها العالم على أكثر من صعيد، وكانت الاستحقاقات السياسية القادمة التي ستشدها الجزائر السنة الجارية، الدافع الأساسي لادخال تعديلات وصفت بالعميقة وبأنها ستفتح المجال واسعا أمام نخب سياسية لتقديم ما لديها وبالملموس من أجل إثراء الساحة السياسية ورسم خريطة سياسية جديدة، يفترض أنها لا تقصي أحدا، إلا من تورط أو كان وراء الأحداث المأساوية التي عرفتها البلاد قبل عشرين سنة لأن الفاصل يبقى فيما سوف يختاره الشعب يوم الاقتراع، مثلما ورد في الخطاب السياسي.
وقد رسمت بعض الأطراف الداخلية صورة قاتمة عن ما سوف تكون عليه الجزائر غداة استحقاقات السنة الجارية، وشككت في نوايا السلطة، خاصة في الشق المتعلق بنزاهة وشفافية الإنتخابات، على الرغم من الضمانات المتعددة الأشكال وغير المسبوقة التي قدمتها السلطة، بعد أن بادرت إلى دعوة كل الملاحظين والمراقبين في مختلف الهيئات والمنظمات الدولية للوقوف عند مدى الالتزام بالنزاهة المطلوبة في أي استحقاق شفاف، فضلا عن القرار المتعلق باشراف القضاة على العملية الانتخابية، وتسهيل مهمة الرقابة على النمو الذي من شأنه رفع أي لبس حول السير العادي للاقتراع.
غير أن الأطراف الأخرى، التي تبدي تفاؤلا بشأن مجريات العملية الانتخابية ترى في المستجدات الأخيرة نقلة نوعية من حيث توفير، ولعله لأول مرة، كل الشروط المطلوبة وقد تضاف إليها بعض التفاصيل الدقيقة التي تضمن حيادية الإدارة من تأثيرات حزبية لا تزال متموقعة في دواليب السلطة، لا شك أن تشريعيات الربيع القادم، ستكون محل متابعة دقيقة، على المستوى الخارجي، لأن كل الأنظار ستتجه نحو الجزائر، التي ستباشر تجسيد رزنامة إصلاحاتها السياسية بدءا باقتراع تجديد نواب المجلس الشعبي الوطني، وما سيسفر عنه من تشكيلات سياسية جديدة، من شأنها إعادة رسم خارطة جديدة للمشهد السياسي، بدأت أولى ملامحها تثير ذعر الأحزاب التقليدية المهيمنة على الحكومة منذ أكثر من عقد من الزمن، تجسد بوضوح في تكهن البعض منها باستبعاد احتمال انتقال عدوى صعود التيار الإسلامي إلى الحكم، مثلما تشهده العديد من الدول العربية، إلى الجزائر أما البعض الآخر فقد فضل اللجوء إلى لغة الإستهزاء وما يعتقد أنها أحلام وردية تسيطر على عقول بعض الأحزاب السياسية في احتلال مراكز متقدمة في التشريعيات القادمة، وما شابه ذلك من تسويق إعلامي يراد منه التأكيد عن نية الاستمرار في احتكار الساحة السياسية، حتى قبل معرفة نتائج الاستحقاق القادم.
سنة 2012، التي ستشهد مجموعة من الاستحقاقات السياسية القادمة بدء بالتشريعيات إلى المحليات وقد تنتهي باستفتاء على الدستور في حالة ما إذا قرر ذلك المنتخبون الجدد على مستوى المجلس الشعبي الوطني. ستكون هذه السنة مفصلية وحاسمة وقد تؤسس لعهد جديد مبني على الحرية والديمقراطية وتكافؤ الفرص، وفقا للخصوصيات المحلية وليست تلك التي يحاول الغرب تسويقها من خلال نماذج قد تكون بعيدا تماما عن قيم وتقاليد المجتمع الجزائري.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 01/01/2012
مضاف من طرف : archives
صاحب المقال : سلوى روابحية
المصدر : www.ech-chaab.net