الجزائر

تسيير النفايات المنزلية ببلديات ولاية الجزائر الوضع يتجه إلى الأسوأ



لاشيء يوحي بتحسن الوضع البيئي ببلادنا، خاصة ما تعلق منها بتسيير النفايات المنزلية التي بلغت شهر رمضان أعلى درجات التردي، تجلت في أكوام القمامة المتجمعة والمنتشرة بالأحياء والشوارع في الليل كما في النهار بشكل يشير إلى غياب تام للسلطات التي تسعى لإيجاد تبريرات للوضع الكارثي الذي آلت إليه بلديات العاصمة وأكبر مدننا في انتظار مشروع استحداث مؤسسات نظافة جديدة أو تبني خطط تسيير أكثر نجاعة.. أما المواطن فله العلامة الكاملة في الوسخ واللامبالاة بمخالفته لجميع القوانين والتعليمات الخاصة بالرمي.. وعلى العموم فإن كل المؤشرات تؤكد أن نهاية هذه الأزمة لن تكون غدا وأن مشروع الجزائر البيضاء سيظل معلقا إلى حين.كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الوضع البيئي بالجزائر وسبل ترقيته والعناية به من خلال التنسيق بين مختلف المصالح والهيئات التي تعنى بهذا الملف الذي بات هاجسا تسعى الحكومة إلى تجاوزه على اعتبار أنه الحاجز الأكبر الذي يحول دون انتقال الجزائر والارتقاء بها إلى مصاف الدول المتوسطية المحترمة والنظيفة، ويبقى حديث الملتقيات وخطط المسؤولين وشعاراتهم تتنافى وواقع المدينة الكارثي والمتأزم بعد أن خارت جميع الجهود الرامية إلى تنظيف وجه الجزائر والقضاء على النفايات التي تشوه المنظر العام.وقد تحولت شوارع وأحياء المدن الجزائرية في الأيام القليلة الماضية، إلى فضاءات واسعة لانتشار الأوساخ والنفايات المنزلية بمختلف أنواعها مرفوقة بالروائح الكريهة والحشرات. ويلاحظ الزائر لها أكواما كبيرة من هذه القاذورات في كل مكان، الأمر الذي أدى إلى انتشار الروائح الكريهة، الحيوانات الضالة وكذا مختلف أنواع الحشرات، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على صحة المواطنين الذين عبروا عن استيائهم، وتذمرهم إزاء هذه الوضعية المزرية المتفاقمة يوما بعد آخر.
وتعددت الأسباب التي تقف وراء هذه الوضعية غير أن النتيجة واحدة فبداية بالرمي العشوائي للمواطنين وغياب ثقافة النظافة عند الكثيرين مرورا بتقاعس المسؤولين على مستوى المجالس الشعبية البلدية الغائبة تماما خاصة عندما يتعلق الأمر بجمع القمامة الذي يحاول رؤساء المجلس إيجاد تبريرات للهروب من مسؤوليتهم تجاهه وصولا إلى مؤسسات النظافة المعروفة والتي يبدو فعلا أنها في وضعية لا تحسد عليها بعد أن استنفرت جميع إمكانياتها المادية والبشرية لمواجهة الوضع الذي يتجاوز جميع طاقاتها.
وتؤكد الجولة التي قادتنا إلى بعض البلديات الواقعة شرق العاصمة أن مشكل النفايات المنزلية لم يعد ضمن أولويات المسؤولين المحليين الذين رفضوا استقبالنا
وتحفظوا على الرد على مشكل انتشار القمامة المتراكمة والتي تحولت إلى مفرغات مهددة بكارثة إيكولوجية بسبب تكدس النفايات بها وتزامنها مع موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات عالية دفعت بالعديد من السكان إلى إضرام النيران بالحاويات وأكوام الزبالة في محاولة منهم للحد من انتشار الروائح الكريهة والحشرات.

الحراش تفتقر إلى الإمكانيات وسلطات براقي غائبة
اصطدمنا ونحن ندخل الحراش وتحديدا على مستوى سوق اللحوم ببومعطي بتكدس رهيب للقمامة وأية قمامة جلود أبقار متعفنة، لحم فاسد هياكل حيوانات.. ألقى بها تجار السوق منذ أيام لتلقى الإقبال من قبل أسراب الحشرات والذباب الذي يسمع طنينه على بعد أمتار .. وتعتبر الحراش عينة من البلديات التي تحتاج إلى عناية والتفاتة خاصة من طرف المسؤولين، باعتبارها الأكثر تضررا وتأثرا من الوضع البيئي المتأزم، خاصة مع استفحال التجارة الفوضوية بها حسب رئيس البلدية الذي أكد أن البلدية بحاجة إلى إمكانيات مادية كبيرة وأن الموجود حاليا يكفي لجمع ما هو موجود ببعض الأحياء الصغيرة فقط.
ولدى دخولنا إلى منطقة براقي، تأكد لنا أن مشكل القمامات ليس له علاقة بنقص الإمكانيات ولا بعزوف شاحنات رفع النفايات المنزلية عن زيارة بعض الأحياء بل بغياب كلي للمسؤلين بدليل غيابهم عن المداومة بمكاتبهم حسب أعوان الأمن الذين أكدوا أن رئيس بلدية براقي لا يداوم إلا ليلا في رمضان وحاول الأعوان إيجاد أعذار لرئيس البلدية، أما نائب الرئيس فرفض الحديث في الموضوع قائلا إنه ليس الناطق الرسمي للبلدية.
ويبدو أن مير بلدية براقي انشغل ”بمشاكل” البلدية إلى حد أنه نسي القمامة التي وجدناها تحاصر مقر البلدية ناهيك عن باقي الأحياء الغارقة في النفايات، واصطدمنا بشكاوى المواطنين الذين أكدوا أنهم توجهوا مرارا إلى البلدية للمطالبة بدورية لأعوان النظافة إلا أنهم لم يتلقوا أية ردة فعل الأمر الذي دفع بهم إلى القيام بعمليات حرق عشوائية خاصة خلال الليل للتقليل من الروائح والحشرات وحتى الحيوانات الضالة من القطط والكلاب والفئران.

جمعيات تتحرك ومشاريع لدى وزارة البيئة !
كشفت السيدة عطافي ياسمينة مكلفة بالدراسات على مستوى كتابة الدولة لدى وزارة التهيئة العمرانية والبيئة مكلفة بالبيئة في اتصال ب«المساء” عن مشروع قانون يرفع من قيمة الغرامات المالية المفروضة على المواطنين المخالفين لقواعد الرمي الخاصة بالنفايات المنزلية، وحسب المتحدثة فإن الغرامات التي يتم تحصيلها اليوم لا تغطي تكاليف جمع 1 طن من النفايات كما أن نسبة تحصيلها لا تتعدى ال38 بالمائة، مضيفة أن الوزارة تسعى إلى تغطية على الأقل 70 بالمائة من النفقات والأعباء الناجمة عن عمليات رفع القمامات المنزلية.
وأشارت السيدة ياسمينة إلى أن الوزارة تعمل على العودة إلى بعض الممارسات والقوانين القديمة التي أعطت نتائجها سنوات السبعينيات مشيرة الى ما يسمى ب«شانبيط” البيئة وهو عون إداري كان فيما مضى يترصد لبعض الممارسات غير المسؤولة للمواطنين على غرار رمي القمامة في غير أوقاتها، وأوضحت أنه وبغض النظر عن الإمكانيات التي يجب أن توفرها الدولة عبر مؤسسات النظافة فإن المواطن يجب أن يشعر بأنه محاصر من طرف قوانين صارمة وعيون الرقابة والمجتمع ليكتسب ممارسات حضارية، ويتم التفكير أيضا في وضع خط أخضر في متناول جميع المواطنين للتنديد والإبلاغ عن تجاوزات المواطنين والتجار.
من جهتها، انتفضت بعض الجمعيات الناشطة في الميدان وتحركت بإمكانياتها لإعادة الاعتبار لبعض الأحياء العتيقة على غرار جمعية أصدقاء القصبة التي ترأسها السيدة حورية بوحيرد التي قامت مؤخرا بحملة واسعة داخل حي القصبة بإشراك جميع شبابها، ودعت السيدة بوحيرد إلى لقاء محلي يجمع الأمن، رؤساء البلديات والجمعيات لتنسيق جهودها في مجال البيئة كما طالبت بخلق شركات مصغرة لشباب الأحياء الذين أبدوا استعدادهم للعمل في المجال البيئي على مستوى إقاماتهم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)