ستبني تركيا جدارا عازلا بينها وبين سوريا، بعدما يئست من الإطاحة بالنظام السوري، جدار شبيها بجدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل بينها وبين الأراضي الفلسطينية للحد من العمليات الانتحارية التي تقودها المقاومة الفلسطينية.لا أدري التسمية التي سيطلقها الإعلام المتأسلم على هذا الجدار “الإسلامي”. أليست تركيا هي نمط الحكم الذي حاول البعض أن يغري به الشعوب العربية، لتسهيل وصول الإسلاميين إلى الحكم، وتعيش في نعيم يشبه النعيم التركي، مع أن النعيم التركي تمتد جذوره إلى الزعيم كمال أتاتورك، وليس وليد شطحات إخوانية؟!
جدار العزل التركي جاء احتجاجا على التقارب الروسي الأمريكي في القضية السورية. فتركيا كانت هي الأخرى تقرع طبول الحرب وطالبت ليس فقط بضرب مواقع حساسة للجيش السوري مثلما كانت تهدد أمريكا وروسيا، وإنما بتدخل عسكري ينتهي بالإطاحة ببشار وتنصيب حكومة إسلامية. ولأن أمريكا قبلت بالمقترح الروسي، فلم تجد تركيا من حل غير جدار عازل. لكن هل يمحو هذا الجدار كل الأضرار التي ألحقتها تركيا بسوريا، وهل سينسى السوريون ما فعله نظام أردوغان ببلدهم؟
المضحك في تطورات القضية السورية أنه في الوقت الذي أثنى وزير الخارجية الأمريكي على المقترح الروسي، وعلى تعاون نظام بشار مع الجميع وبدء تفكيك ترسانته الكيميائية، تخرج علينا كل من السعودية وقطر وممثلي المعارضة، منددين بهذا، ويرفضون التطورات التي وصلت إليها القضية السورية، ربما لأن السعودية ومثلها قطر تتخوفان من أن يتولى بشار وجيشه أمرهما، ويوجه سلاحه إليهما بعدما ينتهي من مشاكله الداخلية!؟
أما المعارضة السورية فوجدت نفسها أكبر الخاسرين في هذا التوافق الأمريكي الروسي، ما يعني أن أمريكا لن تتدخل لتضع الجربا رئيسا على سوريا، بعد الإطاحة ببشار، الذي أفتى القرضاوي بقتله، مثلما أفتى بقتل القذافي قبله.
المصيبة أن المعارضة السورية التي تنادي بالتدخل، ترفض أن ترى مخاطر التدخل في سوريا على المنطقة، وتحاول إيجاد مبرر لها، في الوقت الذي يرى الإعلام الإسرائيلي أن تدخلا في سوريا، يعني حربا شاملة ستشمل إسرائيل، ويرفض هذا التدخل، ما يعني أن الاسرائيليين والأمريكان صاروا أحرص على أمن وسلام المنطقة أكثر من العرب أنفسهم!؟ ما يعني أيضا أن الأمة العربية التي تغنوا بها طيلة عقود، قد دفنت إلى الأبد مع القضية السورية، بعد أن صار أكبر خطر على العرب، هم العرب أنفسهم!؟
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 08/10/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حدة حزام
المصدر : www.al-fadjr.com