قال السياسي البريطاني، وينستون تشرشل، يوما، الانتقاد قد لا يكون محببا لكنه ضروري لأنه يقوم بنفس وظيفة الألم في جسم الإنسان وينبهنا إلى أمر غير صحي. لقد استبشر الكثير ممن تابعوا جولات المشاورات التي أشرف عليها رئيس مجلس الأمة، والتي تركزت حول مقترحات التغيير في الدستور وبنية النظام السياسي، بالنتائج المنتظرة على المديين القصير والمتوسط، وظل الجميع يجادل حول طبيعة بنية النظام السياسي المنتظر، هل سيكون رئاسيا أو شبه رئاسي أو برلمانيا، لكنهم لم يقولوا لنا كلمة عن ماهية وطبيعة هذا النظام الذي سيولد بعد مخاض عسير، وهل يمكن أن ننتج نموذجا ''ديمقراطيا'' أساسه الحرية والعدل والمساواة، من منطلقات ومسلمات يجهل من يتحكم فعليا في خيوطها، بدليل أن الجزائر ولحد الآن تصعب على الكثير من المحللين السياسيين من ذوي الفطنة والحنكة والبصيرة الذين ظلوا عاجزين عن تفكيك رموز مسالك صناعة واتخاذ القرار فيها، فهل يكفي أن نرسّم حرية وديمقراطية بمرسوم أو قانون، وهل كانت هنالك تجارب سابقة بنت مسارا ديمقراطيا بقرار ملكي أو جمهوري أو فردي، ولم تسند إلى نخب فعلية بعيدة عن منطق المثقف العضوي الذي طوّره أنطونيو غرامي المداهن والمتملق، وبعيد عن منطق الرجل الواحد والشيء الواحد، حسب تعبير مالك بن نبي، القادر على تغيير مجرى التاريخ.
وإذا كانت الديمقراطية أساسها الحرية كما يعبّر عن ذلك الفيلسوف الإغريقي أرسطو، فإن إشكالا فعليا سيطرح بالنسبة لدول لم تبن بعد قواعد الدولة العصرية بمفهومها الكامل وأركانها الأساسية، ولا تزال مرتبطة بمنطق العصبية والزمرة والجهة والقبيلة، أو بمنطق الشرعية التاريخية غير قابلة للسقوط بأي شكل من الأشكال من أيدي أقلية، ناهيك عن غياب المؤسسات الحقيقية وغياب أدنى حد من حدود استقلالية وفصل السلطات.. فكيف يمكن أن يختزل كم هائل من التناقضات في مدى زمني قصير في دولة مركزية ريعية، بيروقراطية استلهمت من نمط الحكم الفرنسي القديم ''الجاكوبيني'' و''النابوليوني'' مرتكزاتها، وأفضل الكلام في الختام ما قاله الخليفة عمر بن الخطاب: لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فينا إن لم نسمعها منكم.
hafid-soualili@hotmail.com
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 18/07/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : حفيظ صواليلي
المصدر : www.elkhabar.com