لغز محيّر يحتاج من أصحاب الحل والعقد فك طلاسمه اليوم قبل الغد، فمن حق المواطن الجزائري أن يعلم كيف أصبحت البلاد ملاذا آمنا لمافيا اختلاس أمواله بطريقة سهلة رغم ترسانة القوانين التي تتمتع بها الجزائر في مجال عقد الصفقات العمومية. فبلغ بالوزير الأول أحمد أويحيى وحكومته إلى حد إلزام الشركات المتعاقدة بتصاريح شرفية بأنه لا هو، أي صاحب الشركة ولا أحد من موظفيه، ممثليه أو مناوليه، سيقوم بعملية رشوة أو محاولة رشوة للأعوان العموميين . كما يتعهد الشريك بألا ينخرطفي أي ممارسة لا أخلاقية أو غير نزيهة أو غير شريفة بهدف الحصول على امتيازات لعروضها مقارنة بباقي منافسيها في السوق ، إلا أن ذلك لم يشفع ولم يوقف ضرع الجزائر من در الحليب الطازج على مافيا المال والسياسة في البلاد، سواء كانوا جزائريين أو أجانب.
كما بلغ بشركة سوناطراك مؤخرا، التي راسل مسؤولوها رئيس الجمهورية، ناشدوه بالتدخل العاجل لتعديل بعض أحكام قانون المحروقات، ما سيتسبب، حسبهم، في موت الشركة الأولى التي تعتمد عليها الجزائر في اقتصادها المبني على تصدير البترول والغاز وكذا نفور الشركات الأجنبية. فكل هذه القوانين الرقابية لم توقف آلة الاختلاس اليومي للمال العام.
ولعل ما يحيّر الشعب أكثـر استمرار فضائح اختلاس الأموال العمومية بالملايير من الدولارات، تحت مختلف الذرائع، وما يثير الغرابة أيضا خرجة وزير الصحة ولد عباس الذي حاول الدفاع عن نفسه بعد الهجوم الشرس الذي تعرض له من قبل الوزير الأول أويحيى. غير أن خرجته لم تكن مقنعة بقدر ما كانت استهتارا بحياة مرضى السرطان وعامة الشعب، عندما اتهم ولد عباس مخابر أدوية محلية تواطأت مع أخرى عالمية لتضخيم فواتير اقتناء الأدوية والمواد الأولية إلى حدود غير معقولة، قبل أن يكشف بأن قيمة هذا التضخيم بلغت 94 مليون دولار، غير أن الوزير لم يكشف عمن يقف وراء هذه العمليات المنظمة ، كإعطائنا، على سبيل المثال، أسماء هذه المخابر التي نهبت كل هذه الملايين بالعملة الصعبة، وقبلها مؤسسات أخرى عبثت بالمال العام دون حسيب ولا رقيب، ما يعني أن ثغرات اختلاس أموال الشعب الجزائري باتت رسمية ولا يمكن لأي أحد أن يوقفها رغم ترسانة القوانين التي تتوفر عليها بلادنا.
bamoune75@yahoo.fr
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 04/11/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : مصطفى بامون
المصدر : www.elkhabar.com