الجزائر

تراجع ثقافة "العولة" تُشعر جزائريين بالجوع!



تراجع ثقافة
تتوفر الثقافة الجزائرية على طرق عديدة لحفظ الطعام، وتكون صاحبة الفضل في حفظ ماء الوجه حتى في الأزمنة التي عاش فيها الجزائريون سنوات عجاف. لكن ثقافة ”العولة” تراجعت في الوقت الراهن بسبب المبردات والثلاجات التي خلقت نوعا آخر من حفظ الطعام، لكنها لم تسحب البساط عن ما ورثه الأجداد.تتوفر الكثير من طرق ووسائل حفظ الطعام قديما وحديثا، بل وإن الانسان أبدع في ذلك، فالمجتمع الجزائري يعرف أشكالا متنوعة لاستغلال الخضر والفواكه الموسمية لموسم آخر، ورغم ما اعتمدته جداتنا من طرق ذكية إلا أن كثيرا من النسوة اليوم يجهلن هذه الثقافة بسبب توفر الامكانيات الحديثة للتبريد، والتي شكلت بدورها أضرارا صحية لم يكن يعرفها الجزائريون قبلا، وباعتبارنا نمثل بلدا كبيرا من حيث المساحة ومتنوعا من ناحية التضاريس والمناخ، فإن لكل منطقة خاصية تميز منطقة أخرى، لأن عملية حفظ الطعام في المنازل أو ”العولة” تواجه بها العائلات خاصة برودة الجو في فصل الشتاء، فهو الموسم الأشد قسوة وصعوبة، لهذا وجب تحضير ما يلزم من وسائل لمواجهته داخل وخارج البيوت. تتوفر البيوت التقليدية على أماكن خاصة لوضع الطعام والتي تكون في شكل ركنيات دائمة، كما عرف سكان منطقة القبائل على سبيل المثال ما يسمى ب ”أكوفي” وهو عبارة عن جرة ضخمة تحفظ فيها مادة السميد، الكسكسي، الزيتون المجفف، التين المجفف، ناهيك عن جرار الفخار التي تكون مملوءة بزيت الزيتون، الطماطم المجففة وغيرها من المحاصيل التي تم جنيها موسم الحر. حيث تذكر لنا إحدى كبيرات السن أنهن يحتفظن إلى اليوم على الطرق التقليدية لحفظ الطعام بحذر حتى تلقن لأكبر قدر من الفتيات، فقبل حفظ أي مادة غذائية يجب معرفة سبب فسادها أولا، لأن أسباب التعفن متوفرة في كل مكان حولنا، وإن كان الناس حاليا يقصدون المحلات لمجرد احساسهم بالجوع، فإننا كنا في زمن مضى بفضل حفظ الطعام نتحدى الزمن تضيف متحدثتنا. لتخبرنا ببعض الطرق التي كن يعتمدنها بشكل أساسي لحفظ الخضر، مثل الطماطم التي كانت تقطع إلى شرائح دائرية ويوضع عليها الملح، ثم يتم وضعها على الهواء الطلق في فناء البيت مقابلة أشعة الشمس، وعند جفافها توضع في علب وتحفظ في رف خاص، نفس الأمر بالنسبة للفلفل الحار أحمر اللون، ناهيك عن تخمير بعض من المواد الغذائية التي كنا نجنيها من زرعنا لها وليس عن طريق الشراء، لتقول (النا لويزة) ”منطقة القبائل جبلية، والأراضي المسطحة بها قليلة مقارنة بالمرتفعات، لهذا كنا نبني بيوتنا في القمم ونبقي على الأراضي المستوية للزراعة، فالزيتون كنا نستغله لأغراض كثيرة لم تعد تقوم بها أغلب العائلات نظرا لتناقصه، حيث كنا نوفر أكبر كمية لعصره زيتا، وكمية نقوم بتجفيفها مثل الطماطم وأقصد هنا الزيتون الأسود، الذي يُأكل في شكل مقو غذائي أو إضافة بعد الوجبة الرئيسية، وكمية منه كنا نقوم بتخميره، وذلك بشقه بالسكين، ووضعه في الماء المضاف إليه الملح وقشور الرمان وكذا قشور البرتقال. أما عن التين فإننا نتوفر على التين المجفف الذي يخمر في زيت الزيتون بعد تقطيع كل حبة إلى نصفين”، مضيفة النا لويزة في معرض حديثها ”كل عائلة كانت توفر في موسم أقصى قدر من العولة، لأن تساقط الثلوج يجبر الناس على المكوث في البيت، فبغض النظر عن حفظ الأطعمة، كان من الضروري جلب الحطب للتدفئة، ونسج الملابس بالصوف، وتجهيز الأفرشة من الملابس القديمة”.جزائريات يعتمدن على المحلات ويتجاهلن العولة التقت ”الفجر” وهي تجوب عددا من محلات بيع المواد الغذائية عددا من النسوة اللواتي يقبلن يوميا على الشراء، وبعد مرافقتنا لهن محاولة منا فهم هل تتوفر بيوتهن على شيء يقي أسرهن جوعا قد يتسلل على حين غفلة، قالت ربة بيت ”كل شيء متوفر حاليا في الأسواق، حتى المواد الغذائية المخمرة، كما أن تخصيص العولة يستوجب معرفة طرق حفظ الطعام وصناعته مثل الكسكسي الذي لا أعرف أنا شخصيا كيفية فتله، إلى جانب ضرورة توفر خزانة خاصة أو غرفة مثلما تفعله بعض العائلات التي تسكن بيوتا شاسعة، فأنا أقطن شقة ضيقة، تتوفر على خزانة واحدة خصصتها لترتيب الأفرشة”، في حين أن السيدة سلمى قالت ”لم أشعر حقيقة بمدى قيمة العولة في البيت، إلا عند تساقط الثلوج منذ بضع سنوات غرب الجزائر العاصمة، والتي كانت حدثا أحسسنا فيه بجوع غير محسوب، فالدكاكين عاشت نفاذا للمواد الغذائية بسبب عدم توفر أغلب البيوت حتى على 1 كيلوغرام سميد إضافي!”.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)