شيّد الرافعي في حكاياته التي ينطوي عليها كتاب المساكين جسرا بين الغني والفقير، في وقت اشتاقت إليه الإنسانية للرحمة والعطف، لذلك جمع الكِتاب بين العزاء والرأفة وبين ثراء اللغة وروعتها، فإني لمّا رأيت ألفاظا صارت للبلاغة عنوانا، يُحْتاَج إلى بيانها، والتفتيش عليها في مظانها، إذ كان اعتماد الكافة على قراءته، واعتدادُهم بدراسته شحيحا، فرأيت بعضهم قد طالعه وبحث فيه، أخلّ بأكثر المقصود وفرّط، وبعضهم قصرّ وما بصر. وليس ذلك طعنا عليهم، ولا إنكارا للفضل المشار به إليهم، بل هم السادات في أعْلى ذِروَة العِلم. لكن دعت الحاجةُ إلى تتبع هذا البناء الخطابي واستقصاء تحولاته، ونقله إلى هذه الأوراق، لأستذكر بها ما غاب وقت التدريس وأجلُوَ بها صدأَ الخاطرِ من عوارض التبليس وأرفع بها غواشي التشويش وأكفأ بها مؤنة الطلب والتفتيش، وليس لي فيه إلا الجهد والترتيب والتحليل، "وما توفيقي إلا بالله عليه توَكلتُ وإليه أنُيبُ".
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 22/09/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - سليم سعدلي
المصدر : الممارسات اللّغويّة Volume 8, Numéro 2, Pages 131-142 2017-06-01