الجزائر

تدبير الوقت في الحرب الباردة بين المغرب والجزائر



تدبير الوقت في الحرب الباردة بين المغرب والجزائر
الكثير من المغاربة والاجانب يحتارون في الموقف الجزائري من قضية الصحراء الغربية..وما يزيد من تعقيد الامر امام الذين يحاولون فهم هذا الموقف هو ذلك الاصرار الجزائري الدائم والثابث الذي لم يتبدل مع تبدل الظروف والاحداث والاشخاص سواء في منطقة المغرب العربي او في العالم ككل..بحيث بقي الموقف الجزائري الداعم لجبهة البوليساريو الانفصالية امرا محيرا وغامضا مما يستدعي امام الملاحظين طرح سؤال مهم حول حقيقة وكنه اللعبة الجزائرية في قضية الصحراء الغربية ؟الجواب على هذا السؤال يستدعي منا التمتع بكثير من الخيال بل وكثير من الحدس الذي لا يخطء لفهم اغوار السياسة الجزائرية تجاه جارها الغربي المملكة المغربية ..وان تشدقت بافكار من قبيل مساندة الشعوب في تقرير مصيرها..لتبرير دعمها المستمر لجبهة البوليساريو الانفصالية فان رفضها رفضا باتا لابناء منطقة القبائل بشمال الجزائر ان يقرروا مصيرهم بانفسهم لخير دليل على ان فكرة مساندة الشعوب في تقرير مصيرها انما هي مجرد شعار خلاب تركب عليه الجزائرلتغليط المجتمع الدولي حول اغراضها ونواياها الحقيقية..لكن الدليل الاكبر لفهم اللعبة الجزائرية في قضية الصحراء الغربية هو ان مسالة الحكم الذاتي الذي نادى به المغرب مرارا وتكرارا كحل لقضية الصحراء الغربية ستنتفع منها الجزائر اكثر من المغرب لان الجزائر تضم في تركيبتها اربع دول مجتمعة في دولة واحدة. القبائل في الشمال و الطوارق في الجنوب والاقاليم المغربية المغتصبة في الغرب ومنطقة الوسط..فما سيكون حلا للصحراء الغربية سيكون في نفس الوقت الحل المناسب لعدم تقسيم الجزائر مستقبلا الى دويلات..وبمعنى اخر فالجزائر في حقيقة الامر لا يهمها ابدا استقلال الصحراء الغربية او انظمامها الى المغرب باي شكل من الاشكال..-فالامران سيان عندها- بقدر ما يهمها اضاعة الوقت للمغرب من خلال شغله بعدة قضايا ملحة..استنزافا لديبلوماسيته الفتية
ولافكاره الوطنية والتاريخية ولموارده الاقتصادية المحدودة مقارنة مع مواردها الضخمة من عائدات البترول والغاز الطبيعي. وهكذا قامت باشغاله بخطر انفصال الصحراء عنه لمدة فاقت 35 سنة بدون ملل..بل وتحالفت مع اسبانيا التي تطبق نفس السياسة الجزائرية تجاه المغرب سواء بالنسبة لقضية الصحراء او بالنسبة لقضية سبتة ومليلية والجزر الجعفرية وقد تفتقت عبقرية المخططين للسياسة الجزائرية فزادت مؤخرا مشكل خطر الارهاب القادم من الصحراء -عبر رعايتها المقنعة لما يسمى بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي-وجعلت منه بعبوعا تهدد به كل من لا يسايرها في منظورها لقضية الصحراء الغربية..لماذا كل هذا الغموض؟ لاضاعة الوقت امام المغرب.لماذا؟حتى تنسى الذاكرة المغربية المنهكة بقضية الصحراء الغربية استرجاع اراضينا الشرقية المغتصبة التي ضمتها فرنسا الى الجزائرقبيل استقلال هذا
الاخير..وفي هذا المضمار يمكننا اعتبار الجزائر قد كسبت هذه الحرب (حرب الوقت) حيث ادارتها بحنكة وثبات..الان يمكنكم فهم الغموض الذي يكتنف السياسة الجزائرية تجاه المملكة المغربية.. بحيث ان كلمة السر التي يحفظها جميع الرؤساء الجزائريين
المتعاقبين على الحكم ليست هي استقلال الصحراء..بقدر ما هي اضاعة الوقت امام المغرب لعقود من الزمن..حتى ينمحي في ذاكرة ابنائه شيء اسمه الصحراء الشرقية
المغربية (مناطق بشار وتديكلت وعين صالح وتوات وتندوف) التي لازالت تحتلها الدولة الجزائرية رغما عن رضا اهلها المغاربة ابا عن جد..انها السياسة الجزائرية الغامضة التي يمكن اعتبارها سرا من اسرار الدولة الجزائرية الذي لا يسمح بالاطلاع عليه الا لاقلية قليلة من النخبة الحاكمة وتتضمن بعض رؤساء اجهزة الاستخبارات والجنرالات والرؤساء الذين تناوبوا على حكم الجزائر .
الجزائر تايمز / ابراهيم صبري
باحث في العلوم السياسية-جامعة الحسن الثاني-الدارالبيضاء


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)