الجزائر

تحرّك على أكثر من صعيد في محاولة يائسة لإحكام قبضته على الصحراويين إلى متى سيصمد المغرب في مقارعة المجموعة الدولية؟



مازالت حالة الهستيريا السياسية تتحكم في مواقف الرباط؛ بلاطا، حكومة وأحزابا وحتى جمعيات حقوقية، لم تستسغ تحرّك الولايات المتحدة من أجل توسيع مهام بعثة "مينورسو" في الصحراء الغربية، لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في هذا الإقليم المحتل.
ولا يفوّت مسؤولو الهيئات الرسمية وغير الرسمية المغربية، منذ علمهم بهذا القرار، التهجم على كل من أيّد الفكرة وسعى من أجل تكريسها، وصنّفوه في خانة العدو الذي يريد أن يضرب الوحدة الوطنية المغربية.
والمتتبّع لما تكتبه وسائل الإعلام المغربية أو ما تبثه يتأكد أنها حملة شرسة، تؤكد أن السلطات المغربية التي كانت إلى وقت قريب في موقع المهاجم بفكرة الحكم الذاتي لما تسميه ب "أقاليمها الجنوبية"، والمتمسكة برفضها فتح المدن الصحراوية المحتلة أمام النشطاء الحقوقيين، تحولت منذ الأسبوع الماضي، إلى موقع المدافع عن فكرة، تَأكد له أنها أصبحت واهية ولم تعد تجد من يصدّقها.
فقد كان الملك محمد السادس لا يفوّت مناسبة إلا ويؤكد أن فكرة "الضم المبطّن" تلقّى تأييد واشنطن وكل العواصم الكبرى، وأما باريس فقد كانت هي ملهمته لأن يقترح تلك الفكرة التي وُلدت ميتة، ولكنه بقي يرعاها علّه ينفخ فيها روحا، تَأكد له اليوم أنه كمن ينفث في الرماد.
وإذا سلّمنا بتأكيدات مصادر دبلوماسية غربية أن فرنسا قد تؤيّد المقترح الأمريكي بتوسيع مهمة بعثة مينورسو، فإن ذلك سيكون بمثابة رصاصة الرحمة في قلب هذا المولود المشوَّه، وحينها ستفقد الرباط كل سند يؤازرها في الدفاع على تحنيط فكرة، تَأكد أنها لن تصمد أمام عوامل الإصرار الذي يبديه الشعب الصحراوي على تقرير مصيره.
وإذا تأكدت فرضية انضمام باريس إلى مسعى واشنطن فإن تساؤلا جوهريا سيُطرح حول الموقف الذي ستتخذه الرباط هذه المرة تجاه فرنسا، وهي التي أقامت الدنيا ولم تُقعدها بمجرد أن تم تسريب خبر سعي واشنطن لوضع آلية أممية لمراقبة وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية!
وفي حال تأكد وقوف باريس ضد الرغبة المغربية في الإبقاء على المدن المحتلة أشبه بسجن كبير بعيدا عن أعين الملاحظين ونشطاء حقوق الإنسان، فإن مؤيّدي الرباط في نزعتها التوسعية سيتساقطون تباعا كأحجار الدومينو، وستذعن حينها المغرب للأمر الواقع؛ على اعتبار أن دوام الحال من المحال.
ويكون هذا التخوف هو الذي جعل الدبلوماسية المغربية تتحرك على مستوى أكثر من عاصمة عالمية، كان آخرها الوفد الضخم الذي قاده سعد الدين العثماني وزير الخارجية المغربي رفقة الفاسي الفهري مستشار الملك محمد السادس ووزيره للخارجية السابق ومحمد ياسين المنصوري مدير جهاز المخابرات الخارجية المغربية إلى العاصمة الروسية، وقبلها إلى العاصمة البريطانية والأرجنتينية، في محاولة لإقناع مسؤوليها بتبنّي فكرة قهر شعب يريد الانعتاق من نير استعمار استيطاني.
ثم هل للقصر الملكي المغربي الشجاعة الكافية لأن يعادي كل هؤلاء في حال وقفوا ضد هذه الرغبة تحت ذريعة الدفاع عما يسمّيها الخطاب الرسمي والدعائي المغربي ب "القضية الوطنية"، وهي في الواقع عملية احتلال مقيت لدولة يعيش شعبها المأساة المتواصلة منذ أربعة عقود، وقد تكون الالتفاتة الأمريكية بداية الفرج، ومن يدري؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)