الجزائر

تجدد مطالب إيفاد لجان تحقيق في مشاريع كلفت الملايير بالشلف



خلفت الفيضانات الأخيرة التي كانت مسرحا لها الجهة الشرقية لولاية الشلف وبالتحديد شريطها الساحلي الممتد عبر مسافة 120 كلم، ردود أفعال قوية وتساؤلات منطقية بشأن نوعية المشاريع الكبرى التي أنجزتها السلطات العمومية حديثا ومدى مقاومتها لمثل هذه الظواهر الطبيعية وتساؤلات بخصوص معايير المطابقة التقنية. وقد دفع الأمر بالعديد من الجمعيات المحلية وفعاليات المجتمع المدني في عديد البلديات الساحلية كتنس واد قوسين وبني حواء والمرسى وتلعصة إلى مطالبة السلطات المركزية بالتعجيل في التحقيق المعمق في المشاريع المنجزة حديثا والتي تضررت بفعل الأمطار التي هطلت على الضفة المذكورة وتسببت في تصدعات وشقوق وحفر في الأرصفة والشوارع والطرقات والسدود وحتى الأسوار الواقية من مخاطر الفيضانات، ناهيك عن اختناق في مجاري واد تيفيلاس بمدينة تنس. وكل هذه الأضرار والخسائر أرجعها البعض إلى أخطاء بشرية بسبب الإهمال والتقصير وغياب الرقابة التقنية على المشاريع العمومية. تحدث مصدر ل«البلاد" عن وقوع أضرار جسيمة بقناة وادي حي بن سونة بعاصمة الولاية التي تربط الشلف بتنس الساحلية، على الرغم من تدشينها حديثا بأكثر من 30 مليار سنتيم في شطريه الأول والثاني. وتفيد المصادر بأن جذوع الأشجار غطت القناة وحالت الرواسب دون تصريف مياه الأمطار مما أدى إلى إغراق الوادي وتدفق كميات السيول بالشوارع الواقعة على الطريق الوطني رقم 11. غير أن بعض العارفين رأوا عكس ذلك واعتبروا أن كمية الأمطار التي تساقطت على المنطقة كانت كافية لكي تزيل كل المساحيق الترقيعية التي حاول بعض المسؤولين إخفاء حقيقة البني التحتية. كما لفت المصدر إلى ارتفاع الأمطار بمحيط القناة إلى 5 أمتار وأن مديرية الري تتحمل مسؤولية هذه العيوب وأنها مدعوة إلى إظهار حقائق الأمور. ووفقا لمصادر مستقاة من قطاع الري، فإن المديرية الولائية نفت وقوع عيوب وأرجعت الفيضانات إلى عجز المجالس البلدية عن تنظيف الجدران الواقية من مخاطر الفيضانات من جذوع الأشجار، كما “رمت بالكرة في مرمى" المنتخبين المحليين لإهمالهم دور الصيانة الدورية للوديان التي تهدد تنس كلما تساقطت الأمطار الغزيرة. فيما رأت بعض الفعاليات المحلية بالجهة أن البلديات لا تملك الموارد المالية للقيام بمثل هذه الأشغال لأنها مسؤولية تقع على عاتق المديرية المختصة التي قامت بالإنجاز وأنها تتحمل تبعات مثل هذه المشاريع الحديثة.
في سياق متصل بموضوع مخلفات السيول الأخيرة، التي صارت تشكل بعبعا حقيقيا لسكان الجهة الساحلية وبالتحديد بلديات تنس والمرسى وواد قوسين وبني حواء لتسببها في إحداث شلل تام لدورة الحياة وإدخال المئات من سكان الأحياء المعزولة في عالم داخلي لا مخرج منه إلا بشق الأنفس، دعت فعاليات المجتمع المدني إلى وجوب التحقيق في المشاريع ومحاسبة الجهات المسؤولة عن هذا التقصير الذي كلف خزينة الدولة العشرات من الملايير وبالأحرى الأسوار الواقية من مخاطر الفيضانات والتي أحدثتها الدولة في أعقاب فيضانات 2001 التي أهلكت الحرث والنسل في تلك الفترة.
وتجددت أصوات المواطنين لمطالبة السلطات العليا للبلاد بالنبش في فضائح مشاريع البني التحتية في ظل العيوب التي تبقى ماثلة للعيان بوادي تيفيلاس، الواجهة البحرية، والطرق التي استفادت من مشاريع الزفت بشوارع مدينة تنس الساحلية، والطريق الوطني رقم 11 الممتد على مسافة 450 كلم الذي يربط بين تيبازة ومستغانم مرورا على تنس وبالتحديد الشطر الرابط بين وادي قوسين وبني حواء الذي انهارت بعض جوانبه وصارت تهدد المركبات بالتهاوي إلى البحر مباشرة. كما أحدثت الأمطار الأخيرة شللا منقطع النظير بالمنطقة ذاتها وأدت بعشرات المواطنين إلى مبارحة منازلهم بسبب استحالة استعمال مسالك أخرى لبلوغ مدينة تنس. وأبانت معطيات ميدانية عن خلو حوالي 10 سنتيم من الدعامة الصلبة بعدما اهتدت الشركة الفائزة بالصفقة إلى حشو الحجم المذكور بالخرسانة الزفتية، مما أدى إلى انهيار القشرة الأرضية “الرخوة" لعدم مقاومتها الأمطار التي كادت تحدث كارثة إنسانية بالطريق المذكور، بعدما فاضت المياه وخرجت لتسيل على شكل وديان وارتفعت مستوياتها. والأمر نفسه جرى في حي القبو بتنس الذي كان أكثر الأحياء تضررا من التساقطات المطرية لعجز البني التحتية الحديثة عن مقاومة التساقطات.
النفق المروري الذي استهلك قرابة 50 مليار سنتم نال نصيبه من حديث المجتمع المدني، بعدما تحول الهيكل القاعدي الذي تم تدشينه سنة 2006 إلى مسبح وأفسدت التساقطات بعض جوانبه. وعلى هذا النحو، عاد الحديث مجددا عن مشكلة انزلاق الأرض بالنفق المروري في جوانبه الهامشية، فعلى الرغم من إنفاق قرابة 800 مليون سنتم لأجل تسطيحه من جديد وتغطية بعض التصدعات وتغطيتها بخرسانة قوية، إلا أنها سرعان ما عادت العيوب للظهور، لتؤكد الروايات الحقيقية التي جاءت على ألسنة مهندسين في الهندسة المدنية بأن الأرض التي أقيم عليها النفق المروري غير صالحة لاحتضان مشروع ضخم مثل النفق المروري بسبب احتواء باطنه على مخزون مائي وأن المشروع مشكوك في نجاحه على الموقع الحالي. لكن كل هذه الأصوات تظل تغرد خارج السرب إلى حين تحرك الدولة لاستعادة حقوقها للنظر في مثل هذه المطالب والوقوف على واقع الميدان.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)