يرجع وجود آثار اللغة في المغرب وشمال إفريقيا إلى حوالي 30.000 سنة وهو التاريخ الذي يرجع إليه المتخصصون بالآثار وولادة الإنسان العاقل كما تبين أخيراً حول الإكتشاف الأثري بجبل ”إيغود” عن المراحل الأولى للإنسان العاقل و قد تم تحديد تاريخ هذه المكتشفات بحوالي 300000 سنة وذلك بواسطة التقنية الإشعاعية لتحديد العمر، وبالتالي فإن هذه العظام تعد أقدم بقايا لفصيلة الإنسان العاقل المكتشفة إلى يومنا هذا، حيث يفوق عمرها عمر أقدم إنسان عاقل تم اكتشافه إلى الآن بحوالي 100000 سنة. .
وعرف موقع جبل إيغود منذ ستينيات القرن الماضي، حيث تم به العثور على بقايا إنسان وأدوات تعود إلى “العصر الحجري الوسيط”، لكن القراءة الأولية لهذه اللقى، ظلت محل لبس لسنوات بسبب عدم دقة عمرها البيولوجي، وبفضل الحفريات الأخيرة التي تمت مباشرتها منذ سنة 2004، فإن البقايا الجديدة التي تم اكتشافها وتأريخها تجعل من موقع جبل إيغود أقدم أغنى موقع يرجع ” للعصر الحجري الوسيط ” ، بإفريقيا والذي يوثق للمراحل الأولى لتطور الإنسان العاقل.
ومن الصعب علميا أن نؤكد أو ننفي وجود اللغة الامازيغية آنذاك إلا بفضل نقوش حجرية مرسومة وعلى هذا المنوال يعتبر المغرب أول أرض استقر بها الإنسان القديم بما يتفرد به الإكتشاف الأثري الغابر والذي يوصف بأنه الجد المباشر للامازيغ.
ومن المظاهر الأخرى لقدم اللغة الامازيغية في المغرب وشمال إفريقيا و ”التفيناغ” شرحا وتفصيلا التسمية علميا ”بٱكتشافنا” حيث ”تيفي” وجد ”سوفا” اكتشاف و ”ناغ” لنا بمعنى ”من اكتشافنا” ويرجع تاريخ الحروف 2500 سنة قبل الميلاد ومجال انتشارها يمتد من شمال السودان الى جزر الخالدات وصقلية والاندلس شمالا ويورد لنا ”مارمول” في القرن 16 بان اللغة كتبت بها مؤلفات قبل السيطرة الرومانية على شمال إفريقيا كما يشير إلى نفس الشيء المؤرخ المغربي الحسن الوزان مما يدل أن اللغة الأمازيغية واكبت التاريخ المغربي منذ وجود الإنسان فوق أرضه إلى الآن وتفاعلت مع لغات شعوب أخرى كالفينيقية واللاتينية والأيبيرية والعربية، لكنها تعرضت للإقصاء من الاستفادة في الوسائل العصرية بداية القرن العشرين.
وبل من التحوط الذي بلغ لهؤلاء المتشككين جعل المختصين يردوا بالتأكيد والإيجاب إن اللغة المكتوبة بحروف ليبية هي بالفعل شكل من أشكال البربرية القديمة يظهر هذا الموقف الحذر نص شهير ل ”ا.باسي” جاء فيه : وعلى وجه الإجمال فان التصور السائد القائم على اعتبار اللغة البربرية القديمة كانت لغة محلية واللغة المحلية الوحيدة حتى فترة معينة قبل التاريخ ” ويستند في المقام الأول إلى حجج سالبة فلم تقدم لنا البربرية أبدا بانها لغة دخيلة مما يجعلها أصلية وأصيلة ولم يؤت لنا أبدا ما يثبت وجود أي لغة محلية أخرى او ٱاختفائها.
ولا تزال بعض النقائش الليبية عصية عن القراءة والفهم على الرغم من الأبحاث الكثيرة التي تناولها الأثريين والباحثون على إمتداد قرن من الزمن وكما أشار: (س.شاكر-S.Chaker) منذ وقت قريب وضع في غاية الغرابة ولاسيما بعد أن تهيئ للغويين الكثير من الإمكانيات المساعدة ،كالكتابات النقوشية ثنائية اللغة بين البونيقية والليبية وبين الليبية واللاتينية والمعرفة بالشكل الحديث للغة.
ذالك بأننا إذا كنا لا نملك الدليل القاطع على الوحدة اللغوية لدى الأقوام التي ٱاستوطنت أو سكنت شمال إفريقيا قديما فإن المعطيات التاريخية والمتعلقة بأسماء الأماكن و أسماء الأعلام والمفردات اللغوية وشهادات المؤلفين العرب مجتمعة في وجود قرابة بين اللغة الليبية والبربرية القديمتين. وبالعودة الى الحجة لذالك التقارب والتوافق بين اللغتين التي ينكرها بعض المتخصصين يفيد بسؤال ”فإذا لم الليبية (ا.باسيA-Basset شكلا قديما من البربرية فكيف ياترى ومتى نشات اللغة البربرية !.
على الرغم مما تقدم ذكره حول وجود قرابة لغوية بين اللغتين الليبية والبربرية القديمة مع لغات اخرى إلى جانبهن وتعتبر قريبة إليهن من الناحية الجغرافية أمرا قد ظهر القائلون به في وقت مبكر جدا، بل ربما أمكننا القول منذ بداية الدراسات (التي اهتمت بالبربر) فهذا (شامبوليونChampollion) قد قال منذ عام 1838 بوجود قرابة بين اللغة البربرية القديمة والليبية واللغة الفرعونية المصرية القديمة ;وذالك في سياق المقدمة التي وضعها ل (معجم اللغة البربرية) لصاحبه (فينتور دي بارادي) إذ يقول وآخرون وهم أكثر عدداً بوجود علاقة للغة البربرية باللغات السامية Sémitique.
ولزم أن ننتظر التقدم الحاسم الذي شمل أو تحقق في دراسة اللغة السامية القديمة ليخرج علينا ”م.كوهين M-Cohen” في سنة 1924 بٱقتراحه إعتبار البربرية تدخل في أسرة كبيرة هي المسمات ( الحامية السامية) chamito-Sémitique)
والتي تظم اللغة المصرية القديمة والقبطية وهي شكلها الحديث والكوشية والسامية ولكل واحدة من هذه المجموعات اللغوية مميزات تشكل أصالتها لكن توجد بينهما عناصر قرابة كثيرة بما حمل بعض المتخصصين في هذا المضمار إلى الأطروحة التي قال بها ”م.كوهين M-Cohen”
________________________
طنجس، المورية ونقيشة آثار مقابر “مرشان” التي نقشت بأحرف تيفيناغ، أنموذجا..
توضح لنا ‘نقيشة متحف مرشان طنجة”ذات الحروف البربرية القديمة، (تيفيناغ) تم اكتشافها بتنقيب القبور الحجرية بتلة مرشان آثار بمقابر مرشان البونيقية،يتضمنها المؤسسة الوطنية للمتاخف، بقصبة طنجة.
إن ولادة المدينة طنجة كانت على يد القائد الموري( سوفاقس ) هو الذي أنشأ فيما بعد ” طنجيس “، والتي أنشأها على أساس أنها مستعمرة من مستعمراته.
طنجة المغربية، هي مدينة ليست وليدة اليوم، فهي مدينة ذات عريق ممتد وضارب في جذور التاريخ، فطنجة تاريخياً هي من أقدم المدن المغربية والتي أسسها ملك الأمازيغ ( سوفاقس ) والتي عاش فيها تجار الفينيقيين وذلك قبل خمسة قرون من ميلاد المسيح – عليه السلام -، حيث أن هذه المدينة وبوقت سريع جداُ أصبحت من أهم المراكز،التجارية والتي تقع على البحر الأبيض المتوسط.
أنظر الهوامش التاريخية :
✓l-A-Basset;la langue berbére.L’Afrique et L’Asie;1956.
✓jean-Michel de Venture de Paradis Dictionnaire de langue berbére.
✓Grammaire et dictionnaire abrégés de langue berbére composés par feu Venture de Para-dis )a cura di Amédée Joubert )
Paris Impr royale 1844.
✓البربر ”ذاكرة وهوية ” غابرييل كامب صفحات 90-91.
✓ندوة حول التعدد اللغوي والنظام التعليمي المغربي 19 اكتوبر 1995 المدرسة العليا للاساتذة تطوان.
محمد شفيق لمحة 33 قرنا من تاريخ الأمازيغ دار الكلام 1989 صفحة 61.
✓مارمول إفريقيا ترجمة محمد زنيبر و محمد حجي صفحة 117.
الحسن الوزان وصف إفريقيا صفحة 69.
شمال إفريقيا المغرب دراسات في التاريخ والثقافة ”محمد حنداين صفحات 47-48
تاريخ الإضافة : 14/04/2024
مضاف من طرف : patrimoinealgerie
صاحب المقال : Madjid Hachour
المصدر : facebook.com/groups/283308221870988