عرفت أسعار أهم المواد الغذائية والفلاحية ارتفاعا معتبرا، جراء عدة عوامل منها المناخية ومنها المتصلة بقانون العرض والطلب، وقد طال الارتفاع مواد مثل الحبوب والسكر ومسحوق الحليب والقهوة بنسب تراوحت ما بين 15 و25 بالمائة.
سجل سعر القمح مثلا منذ بداية السنة ارتفاعا بنسبة 25 بالمائة، فيما بلغ ارتفاع القهوة نسبة فاقت 50 بالمائة، كما سجلت أسعار السكر زيادة بنسبة 20 بالمائة، مع ملاحظة تقلبات في الأسعار، ولكن عموما سجلت أسعار المواد الغذائية والفلاحية زيادة محسوسة.ويعتبر الخبير الدولي جورج ميشال لـ''الخبر'' أن موجة الارتفاعات التي تعرفها السوق الدولية ناتجة عن عوامل عديدة منها المناخية، التي أثـرت في المحاصيل في أكبر البلدان المنتجة، يضاف إلى ذلك عامل المضاربة والتقلبات المسجلة في أسعار العملة ''الدولار والأورو''، إلى جانب تكاليف الإنتاج والنقل، التي تتأثـر بأسعار الطاقة، وبالتالي فإن المواد تتأثـر حتما والمستفيد يبقى منتجي دول الشمال''.في نفس السياق، يشير الخبير إلى أن ''الأسعار منذ بداية السنة تعرف عدم استقرار، ولم يكن المنحنى باتجاه الارتفاع فحسب، ولكن المتوسط يبقى باتجاه الأعلى عموما بالنسبة للعديد من المواد الفلاحية والغذائية''، مضيفا أن ''المنحنى التصاعدي للأسعار يؤثـر حتما على مستويات الأسعار محليا في البلدان المستهلكة، لأن العديد من المواد تخضع لقوانين العرض والطلب والندرة واختلالات قنوات التوزيع والمضاربة أيضا''.وقد تأثـرت العديد من البلدان المنتجة والمصدرة للقمح على رأسها الولايات المتحدة وروسيا وكازاخستان ساهمت في ارتفاع سريع ومعتبر للأسعار، وسجلت أسعار السكر مثلا تراجعا نسبيا مباشرة بعد إعلان الصين تسويق جزء من مخزونها لتعود بعدها إلى الاستقرار، ويساهم ارتفاع سعر الشحن في مضاعفة الأسعار رغم استقراره العام الحالي بسبب تحسن في أسعار النفط، ويقدر سعر الشحن حسب تقديرات المجلس العالمي للحبوب بـ27 دولارا للطن انطلاقا من السوق الأمريكية، و55 دولارا للطن باتجاه اليابان، علما بأن أسعار القمح الأمريكي مثلا تجاوز 330 دولار خلال هذا الأسبوع، مقابل 327 دولار للطن في 10 ديسمبر، و324 دولار في 3 ديسمبر، و219 دولار السنة الماضية، أما القمح الفرنسي فإنه بلغ 329 دولار للطن هذا الأسبوع مقابل 326 دولار في 10 ديسمبر، و187 دولار السنة الماضية. مليك ربراب مسؤول سيفيتال أسعار السكر ستتراجع مع المحصول الجديد كشف السيد مليك ربراب مسؤول سيفيتال أن تقلبات أسعار السكر في السوق الدولية أدت إلى ارتفاع الأسعار محليا، مشيرا بأنه يتعين الانتظار إلى غاية مارس المقبل، لإمكانية رؤية الأسعار تتراجع، مضيفا أن نسبة 70 بالمائة من سعر تكلفة السكر تمثله المادة الأولية، وهو ما يساهم في تأثـر الأسعار.وأوضح مليك ربراب في تصريح لـ''الخبر'' ''بطبيعة الحال أن ارتفاع المادة الأولية ساهم في تأثـر الأسعار المحلية فيما يتعلق بالسكر، فلقد عرفت الأسعار ارتفاعا محسوسا، ثم بدأت في الاستقرار، ولكن يتعين انتظار بداية المحصول الجديد في مارس المقبل لكي نرى الأسعار تنخفض نسبيا''.وتوقع ربراب أن يبقى الضغط على الأسعار مستمرا إلى فترة تمتد إلى مارس المقبل، مشيرا إلى أن الأسعار تخضع لقانون العرض والطلب، ولكن أيضا إلى عوامل تقنية مثل سعر الشحن الذي يسجل ارتفاعا، مستطردا أن ''سعر التكلفة في مادة السكر تمثلها بنسبة 70 بالمائة المادة الأولية، وحينما ترتفع كثيرا تؤثـر على السعر النهائي''.وأشار ربراب إلى أن الشركة تسعى للحفاظ أحيانا على مستوى الأسعار، حينما يكون المخزون متوفرا، ولكن في فترات انقطاع أو نقص المخزون وضرورة تجديده فإن السعر يمكن أن يرتفع إذا سجل ارتفاعا كبيرا في السوق الدولية''.تجار الجملة يعتبرون المستورد الرابح الوحيدأسعار السلع الاستهلاكية في ارتفاع مستمر بلغت أسعار السلع ذات الاستهلاك الواسع مستويات قياسية في أسواق الجملة بالعاصمة والمناطق الوسطى، مما جعل بعضها لدى تجار التجزئة يعرض بأسعار مرتفعة جدا في انتظار تطبيق المرسوم الذي يجبر مستوردي تلك السلع على ربط أسعارها محليا مع أسعار الشراء في الأسواق الدولية.وقد اعتبر أحد تجار الجملة في العاصمة خلال جولة لـ''الخبر''، أن أسعار السلع ذات الاستهلاك الواسع ''بلغت السقف'' حسب تعبيره. فسعر الكيلوغرام من السكر لدى تجار الجملة يتراوح ما بين 92 إلى 95 دينارا حسب موقع المحل في أحياء العاصمة المعروفة بانتشار محلات تجار الجملة، مثل حي المنظر الجميل ببلدية القبة، أو حي الجبل ببلدية بوروبة. فسعر السكر في ارتفاع مستمر منذ فترة، ولم يعرف تراجعا منذ أشهر حسبما أورده أحد التجار، لينتقل معدله إلى نحو 94 دينارا هذا الشهر، بعد أن كان في حدود 74 دينارا في ديسمبر من السنة الماضية.وبنفس المنطق التصاعدي، سجلت أسعار زيت المائدة ارتفعا ملموسا يقول بشأنه أحد تجار الجملة إنه زاد خلال أيام بمعدل 8 دنانير لكل لتر واحد. فسعر الجملة المطبق حاليا يصل 640 دينار لصفيحة زيت من 5 لترات. ومع تدبدب الأسعار لهذا المنتوج واسع الاستهلاك بين ارتفاع ونزول خلال السنة، إلا أن فارق السعر بين ديسمبر 2009 وديسمبر الجاري المطبق بالنسبة للكمية ذاتها من الزيت يبقى معتبرا، كونه ارتفع بما يفوق 20 بالمائة، حيث كان في مستوى لا يتجاوز 510 دينار في ديسمبر من السنة الجارية.وقد اعتبر المتحدث أن ظاهرة ارتفاع الأسعار شملت كامل المواد الدسمة وليس الزيت، لكنه أضاف أن البقول الجافة لم تشهد نفس المسار التصاعدي. فإن كان الحمص قد سجل ارتفعا طفيفا، وبلغ 128 دينار للكيلوغرام، فإن سعر الفاصولياء تراجع إلى مستوى 108 دينار. وعلى العموم اتفق أغلب تجار الجملة على أن ارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية في الفترة الأخيرة لا يعد عاملا على ارتفاعها محليا لأن مستوردي السلع واسعة الاستهلاك لديهم مخزون منذ فترة بأسعار شراء منخفضة عما هي مطبقة في الوقت الراهن بالأسواق الدولية، وأن ارتفاع الأسعار دوليا يجب أن يعكس خلال أشهر قادمة عند نفاد المخزون القديم وبداية استعمال الكميات المستوردة حاليا. وأضاف أن هؤلاء المستوردين يبررون الزيادة في الأسعار عادة بارتفاعها دوليا، وهو أمر غير صحيح، ما جعلهم يحققون أرباحا بنسب عالية تصل 40 بالمائة.رشيد أوساسي مسؤول أفريكافي أسعار القهوة سجلت زيادة بنسبة 50 بالمائة كشف السيد رشيد أوساسي أن أسعار القهوة سجلت هذه السنة تقلبات كبيرة، وقدرت نسبة الارتفاع بالنسبة لنوعية ''أرابيكا'' بـ50 بالمائة منذ بداية السنة.وأوضح أوساسي في تصريح لـ''الخبر'' أن المشاكل التي عانتها عدة بلدان منتجة مثل كوت ديفوار والفيتنام وإندونيسيا والبرازيل، وتقلص العرض ساهم في الارتفاع، ويؤدي ارتفاع الأسعار واستمرارها إلى تسجيل زيادة في أسعار المادة النهائية في الجزائر.في نفس السياق، سجلت حسب أوساسي زيادات في أسعار وتكلفة الشحن، مما ضاعف من تكلفة استيراد المادة، مشيرا بأن أسعار القهوة قدرت بأقل من 1400 دولار للطن، وبلغت سقف 1750 دولار للطن، أي بزيادة متوسطها 350 دولار في الطن الواحد، وقد أضحت السوق تعرف اضطرابا كبيرا، سواء على مستوى المخزون أو النوعية، مما أثـر أيضا على نوعية المادة التي يتم استقدامها في العديد من البلدان.وتوقع نفس المسؤول أن يظل الضغط على أسعار القهوة خلال الأيام المقبلة إلى غاية شهر مارس وأفريل مع المحصول الجديد، حيث ستقل أيضا موجة المضاربة السائدة على المادة. كونفدرالية المنتجين والصناعيين الجزائريين ''سنبقى رهائن تقلبات البورصات الدولية لسنوات'' توقع السيد عبد العزيز مهني مسؤول كونفدرالية المنتجين والصناعيين الجزائريين أن يبقى المنتجون الجزائريون رهائن لتقلبات أسعار المدخلات والمواد الأولية، خاصة وأن ما نسبته 70 إلى 75 بالمائة من هذه المواد مستوردة. وأوضح مهني في تصريح لـ''الخبر'' أن استمرار الارتفاع في المواد الأولية غالبا ما يساهم في مضاعفة تكلفة الإنتاج، وبالتالي ارتفاع أسعار المادة النهائية، وبما أن الصناعيين والمنتجين الجزائريين تابعون للمادة الأولية، خاصة من الاتحاد الأوروبي بنسبة 65 بالمائة، فإن التأثير يكون غالبا معتبرا، بل ''إنني أتحدى المنتجين إذا كانوا قادرين طيلة السنة على حساب تكلفة الإنتاج فعليا، وما دامت المؤسسة رهينة واردات المدخلات والمادة الأولية فإنها ستظل هشة ومعرضة للهزات، خاصة في حالة انقطاع المادة أو ارتفاعها بصورة كبيرة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 14/12/2010
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: سليم بن عبد الرحمان/ الجزائر :حفيظ صواليلي
المصدر : www.elkhabar.com