الجزائر

بين وعود بن صالح وتصريحات ولد قابلية المشاورات حول الإصلاحات ''مفتوحة'' وقواعد اللعبة ''مغلقة''



هل حسمت السلطة في نوعية الإصلاحات السياسية التي تنوي تنفيذها، وبالتالي لا تنتظر من هذه المشاورات التي باشرتها مع الأحزاب والشخصيات الشيء الكثـير؟ يعطي الرد المسبق من قبل وزير الداخلية حول مطالب بعض الأحزاب بـ الرفض ، قبل حتى الانتهاء من المشاورات، الانطباع بأن السلطة لا تعوّل على المقترحات المرسلة إليها ولا تريد أي تغيير في أجندتها.
طالبت حركة مجتمع السلم بمعية حزب العمال والإصلاح، في لقائها مع بن صالح بأسبقية تعديل الدستور على بقية القوانين الأخرى، لكونها ترى أنه لا يمكن بناء الطوابق العليا قبل وضع الأساس، وهو الدستور. وسجلت هيئة المشاورات هذه المطالب الحزبية لنقلها إلى رئيس الجمهورية، قصد البت فيها. لكن، قبل أن يتفوّه القاضي الأول في البلاد بأي رد فعل حول هذه الانشغالات التي نطقت بها الطبقة السياسية، خرج وزير الداخلية، دحو ولد قابلية، ليعلن أنه من غير الوارد الاستجابة لمطلب أسبقية تعديل الدستور قبل مراجعة القوانين السبعة المقترحة من قبل رئيس الجمهورية. وبالنسبة لولد قابلية رئيس الجمهورية حسم في الموضوع، وسيتم الاعتماد على الرزنامة التي اقترحها الرئيس بوتفليقة ، وهو ما يفهم منه أن المشاورات مقتصرة على تقديم المقترحات، ولا يحق للأحزاب فرض رزنامة بديلة لتلك التي اعتمدتها السلطة بطريقة انفرادية.
كلام وزير الداخلية الذي غلق الباب كلية أمام تلبية مطالب هذه الأحزاب، يناقض تماما ما وعد به رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، في أول بيان عشية انطلاق المشاورات، من أن النقاش في هذه الإصلاحات سيكون حرا، ولن يوضع أمامه أي قيد أو شرط مسبق ، وتأكيده على عدم وجود نية لدى السلطة لفرض تعديل دستوري أو قوانين جاهزة . غير أن ما صدر عن ولد قابلية من تصريحات برفض مسبق لمطلب الأحزاب بتعديل الدستور أولا قبل بقية القوانين الأخرى، يؤشر أن السلطة تمارس خطابين مزدوجين، أحدهما غير رسمي يمثـله بن صالح الذي اختصرت مهامه في توزيع الابتسامات على ضيوفه والاستماع ونقل مذكرات الأحزاب، والآخر فعلي ورسمي ويقوده وزير الداخلية الذي يقوم بـ تصحيح ، أي محاولات للأحزاب لتمرير مطالبها خارج الأجندة المحدّدة من طرف السلطة، وهو ما يطرح علامة استفهام كبيرة حول الجدوى من مشاورات لا توافق فيها السلطة على تغيير جوانب شكلية في رزنامة مواعيد الإصلاحات وليس في محتواها، بغض النظر عن أيهما على حق، السلطة أم الأحزاب.
ويطرح هذا الأمر قضية أخرى، كيف سيكون رد فعل السلطة حول القضايا الجوهرية المطروحة من طرف الأحزاب، خصوصا ما تعلق بمطالبتها بالنظام البرلماني وليس الرئاسي، وجعل العهدة الرئاسية محدّدة وليست مفتوحة... وغيرها من الأطروحات، إذا كانت السلطة، على لسان وزير الداخلية، ترفض التفاوض أو التنازل حول مطلب الأحزاب بأسبقية تعديل الدستور قبل القوانين الأخرى.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)