التحدي هو شعار يرفعه الشاعر المغربي سعيد ياسف بکل جدارة لم تكن الغربة اختيارا له بل استجابة لظرف معين حيث أن شروط الحياة بوطنه لم تكن سخية معه فاضطر مكرها للمغادرة والبحث عن الأفضل مع ذلك ضلت الكتابة و القراءة هاجسا لا يحتمل التأجيل .في لقاء جمعنا معنا معه إرتاي أن يشارکناماضيه، حاضره ومشاريعه، وبعيدا عما يحدث في الساحة السياسية يقول" يکفيني أنه ما دام لي إخوة جزا7ريين بيني وبينهم ما يهدم الحدود ويوحد الأرض والسماء إيمانا منا بأن ننتصر للإنساني فينا ونحيي الروابط التاريخية والاجتماعية التي جمعتنا منذ قرون ."کيف يقضي سعيد ياسف يومياته في زمن "کورونا"؟
هذا وقت عصيب على البشرية جمعاء، بعدما تعبت من متابعة الأخبار والتقارير عن كورونا، اقتنيت مجموعة من الكتب و اختليت بنفسي فوجدتني أقرأ دون توقف، لم أعهد في نفسي التقصير في طلب المعرفة و لا إضاعة الوقت في غير فائدة، ساعدتني الرواية كثيرا في عيش حيوات متعددة فنسيت الزمن بما هو حصار يسيج الإنسان بدائرة اليومي الذي يستنفذ طاقتنا و كتب الفكر أضاءت الزوايا المعتمة في ليالي جائحة كورونا، أما الشعر بدواوينه القديمة والمعاصرة فقد أحاطني ببساتين و جنان لا يملها جليس ولا يطلب المزيد.
متي تفطنت إن بداخلک شاعرا؟
في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي كتبت أولى محاولاتي، كانت عبارة عن نص أبوح فيه ما أحسست به لما اكتشفت أنني مختلف عن أقراني و أنني أعاني من إعاقة حركية، و قد كانت المحاولة ناجحة بالمقياس اللغوي و تم نشرها في لوحة الإعلانات الخاصة بالمؤسسة التعليمية التي كنت أدرس بها و قد أعادت لي اعتبارا معنويا إذ أن الأساتذة و الطلاب صاروا يكنون لي احتراما وتقديرا واضحين، و لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فالنص وقع بين يدي أستاذ يهتم بالأدب فنشره بإحدى الجرائد بتزكية منه ومنذ ذاك الحين و أنا أروض نفسي على الكتابة .
من الذي فجر طاقة إبداعک في ديوان العرب؟
الأمر لم يكن بنية مبيتة فما كتبته كان متنفسا لي حيث لا أحد يشعر بما يختلج بداخلي و لا قدرة لي على توضيح أمور يفضحها شكلي و تخفيها مشاعري، أن تكون إنسانا من ذوي الإحتياجات الخاصة فهذا حافز إضافي للكتابة مع وجود الموهبة طبعا،فيما بعد وبفعل القراءة و الاطلاع على الشعر العربي و العالمي فقد صقلت موهبتي وحاولت ان اتجاوز تجربة البدايات فكان أن ترصدت مجموعة من التيمات و اشتغلت عليها مبنى ومعنى الى أن أنتجت ما يمكنه الوصول الى قارئ يعي الذائقة الشعرية ويبحث عن المختلف و الجاد.
يقال أنه تراجعت م5خرا موجة کتابة التفاصيل اليومية وموضة المشهدية وغيرها من التقنيات الشعرية التي استهلکها جيل التسعينيات ما رأيك؟
اليومي هو مكون أساسي من حياتنا و يحتوي على متغيرات وأفعال وردود أفعال تفضي الى مواقف، يتفاعل معها كل شاعر على حسب قناعاته وبالتالي ينتج نصا تلو الآخر ليكون هذا التراكم شاهدا على مرحلة معينة.
هذا ما فعله الجيل التسعيني بالرغم من تحفظي على التسمية، بعد التسعينات انتشرت عدة ظواهر شعرية تستعصي عن التصنيف مثل الإيغال في التفاصيل أو تمجيد الأنثى و غيرها، الشيء الذي يسترعي الاهتمام في هذا الزخم الشعري هو الرداءة بجميع المقاييس و لعل ذلك راجع إلى وسائط النشر التي لم تعد تهتم بقيمة النص الجمالية بقدر ما تهتم بالأسماء الرائجة و التي يسوق لها متتبعون أغلبهم لا يقرأ كتابا أو حتى جريدة.
تحول الكثيرون من کتابةالشعر الي الرواية لماذا في نظرکم؟
على كل حال هي اختيارات و المرجح أن الشعر في هذا الزمن لم يعد بالأهمية التي كانت من ذي قبل فبدلا من قراءة ديوان أصبح الناس، أقصد القلة القليلة التي تقرأ، يفضلون الرواية.و هجرة الشعراء إلى كتابة الرواية ليس لها سبب بعينه بل أسباب متعددة منها: مشاكل النشر وتداعياتها على نفسية الشاعر قلة القراء، عدم اهتمام النقاد بما ينشر.
هل ترى ان مواقع التواصل الاجتماعي سهلت النشر ووفرت الاستجابة السريعةع لي العمل المنشور واتاحت للشاعر قطاعا عريضا من القراء؟
الشبكة العنكبوتية بشكل عام فتحت أبواب كثيرة في وجه من يكتب ولو جملة فاختلط الحابل بالنابل، لكن بعض النوادي والمجموعات أنقدت الموقف وحددت أرضية متخصصة في نشر الشعر معتمدة في ذلك على لجان قراءة ونظمت مسابقات مما أتاح الفرصة للعديد من الشعراء لإبراز ملكاتهم الشعرية. هنا لدينا الإمكانية للحديث عن ما ينشر في مواقع الإنترنيت ولكن ليست لنا ضمانات بأن هناك من يقرأ، وما نلاحظه من تفاعل مع النصوص لا يعطينا أي مؤشر يؤكد فعل القراءة.
مارس الکثير من المبدعين طريقتهم في الدفاع عن الشعر کيف هو رد فعلکم کشاعر؟
في المجال النقدي (كل حسب مدرسته) فهناك قضايا شعرية مثيرة للجدل مثل قصيدة النثر و قصيدة التفعيلة، وما أقوله قد قيل منذ زمن بعيد: الشعر ينتصر لنفسه.
الهجرة محطة عايشها معظم الشعراء العرب، كيف كانت تجربتكم في كندا؟
لم تكن الغربة اختيارا بل كانت استجابة لظرف معين حيث أن شروط الحياة بوطني لم تكن سخية معي فاضطررت مكرها للمغادرة و البحث عن الأفضل. هاجرت إلى بلد ليس لي فيه أحد وفي هذه المرحلة اختبرت حدود إمكاناتي ومهاراتي فوجدت الكثير من فرص العمل لضمان المعيش اليومي وموازاتا مع ذلك ضلت الكتابة والقراءة هاجسا لا يحتمل التأجيل، فدأبت على القراءة في ساعات الليل و أحيانا أكتب ما تيسر لي من أفكار شعرا ونثرا الغربة حالة إنسانية قد نعيشها بعيدا عن الوطن أو نتخيلها وفي الحالتين تكون عبارة عن نداءات داخلية مليئة بالحنين و الحاجة العاطفية و ركام الموروث منذ الطفولة. وما أعيشه هنا و الآن وبكامل تمثلاته هو حياة بسيطة لكائن ينحث طريق النجاة من الرتابة و هموم اليومي بتوثيق شهادات شعرية لمواقف ومتغرات طرأت على شخصي ولست الوحيد على ما يبدو فهناك الكثير من المبدعين في المهجر كل يبصم بطريقته شعرا او روية او تشكيلا.
ماذا عن مشروع مجلةجمرة الشعرية؟
كأي كاتب هناك مشاريع عديدة عبارة عن مخطوطات تنتظر النشر في القريب .. و لمواكبة العالم الرقمي، في هذه الأيام أنا منكب على تفعيل مشروع إلكتروني ضخم عبارة عن مجلة تعنى بالشعر والأدب والنقد في أفق أن تكون مجلة ورقية تصدر من كندا. باقتضاب هي مجلة "الجمرة الشعرية" تم التفكير فيها، منذ سنين خلت، مع تلة من الشعراء المغاربة الغيورين على الشأن الثقافي المغربي و الرافضين للوصاية و لما هاجرت بقيت الفكرة تراودني فأعدت إيقاظها من جديد و كخطوة أولى عملنا على إنشاء حساب على الفيس بوك للمجلة على أمل استكمال المشروع لاحقا.
-کيف تصف لنا علاقه سعيد ياسف بالأدب الجزا7ري .مارأيك فيما يحدث من تطورات في العلاقات الجزائرية المغربية م5خرا؟ *الطاهر وطار، محمد أركون، ربيعة جلطي وواسيني الأعرج ... هؤلاء من خيرة ما قرأت لهم وكانوا حافزا قويا لأطلع على المزيد من المنتوج الأدبي والمعرفي لأشقائنا الجزائريين.
وما يحدث في الساحة السياسية لا يعنيني في شيء ما دام لي إخوة بيني وبينهم ما يهدم الحدود ويوحد الأرض والسماء إيمانا منا بأن ننتصر للإنساني فينا ونحيي الروابط التاريخية والاجتماعية التي جمعتنا منذ قرون.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 02/10/2020
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : سهيلة بن حامة
المصدر : www.sawt-alahrar.net