الجزائر

بيبيلي.. ونعــــــــــاودلك حملة ذات "حرڤة" عامة



هم ثمانية من أبناء وبنات الجزائر في زهرة العمر، ثمانية ذنبهم الوحيد أنهم يرقصون للحياة أو بالحياة بعثا للحياة أو طمعا في الحياة، ثمانية وتاسعم حلمهم أو بؤسهم، لا يهم كثيرا مادموا هناك الآن في "كندا" يتنفسون القلق والحيرة والمستقبل المجهول، لنتأمل حضور الوطن في فيلم "ليلة فرار في عيد الثورة"، الراقصون من البالي الوطني، هم سفراء الوطن إذن، والسفر كان لإحياء حفل بعيد الثورة الجزائرية، كأن الوطن في عيده أهداهم تذكرة الهروب من الوطن، فأية سريالية هذه التي حطت على قلب وطن يعشق أولاده بقسوة خرافية .أحد أبطال فيلم "ليلة فرار"، وكما تروي زميلة له عادت وروت المأساة/الملهاة للصحفية سلمى حراز في جريدة "الخبر" ـ اختيار الصحفية اسم حورية للعائدة رائع ومدهش ـ قال للسفير الجزائري في كندا "أفضل العودة في تابوت على أن أمتطي الطائرة بمحض إرادتي للعودة إلى الجزائر"، ولنقرأ عنوان المقال الذي كتب بالأحمر "الحڤرة كانت دافع زملائي للحرڤة"، مع التذكير هنا أن "الحڤرة" و"الحرڤة" كلمتان جزائريتان إبداعا وتداولا، وأنهما تتشكلان من الحروف نفسها، وللوجع في اللغة شؤون.في هذه الحكاية التراجيدية لم ترقني مسألتان، أما الأولى فإقدام أبطال فيلم "ليلة فرار"، حسب التقارير الإعلامية، على طلب اللجوء السياسي من السلطات الكندية، هذه رقصة يا أصدقائي غير موفقة تماما، أصارحكم القول إن كثيرا من أبناء البلد مثلكم يرغبون في السفر لاكتشاف حياة أفضل وأنا لا أشذ عن القاعدة، هذه ليست جريمة، هذه أحلام مشروعة.وبغض النظر عن قانونية هروبكم في كندا، فإنه من الحماقة هروبكم نحو اللجوء السياسي الذي لا يطلب عادة إلا من طرف ساسة أو مثقفين تلاحقهم جهة ما وتريد رأسهم، والحال معكم ليس كذلك. مغادرة الوطن لا يعني أننا سنقذفه بالكراهية واللعنات ولا يعني الطلاق، مغادرة الوطن شبيهة باستراحة المحارب، أو هي كدلال العاشق الذي يبتعد ليكون أكثر قربا، وهبتم بلدكم فرحة أجسادكم فلا تلعنوه بدموع الحقد. أما المسألة الثانية فهي ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن مدير مجلة "ألفا"، مصطفى شلفي، قوله "إن النظرة الدونية التي يقابل بها الراقصون في الجزائر هي الدافع نحو بقاء الراقصين في كندا.. نقول لمصطفى شلفي إنه واهم، وأنه لا يعرف الجزائر جيدا، ولا يعلم أن الأجيال الجديدة ورغم أنها نشأت على أخبار الدمار والدماء؛ إلا أن لها رغبة عارمة في الفرح والرقص والغناء، ما دفع الراقصين للحرڤة هو الذي يدفع من يركبون قوارب الموت وهو الذي يدفع الأدمغة على المغادرة، إنه سبب واحد فقط هو العجز عن تحقيق أبسط الأحلام. في شؤون الحرڤة دائما.. قبل أيام زار الإعلامي المغترب بوعلام رمضاني الجزائر ليقدم محاضرة بالجاحظية حول الفقيد المرحوم الطاهر وطار، وفضح رمضاني حقد ياسمينة خضرا على وطار، وهو مدير للمركز الثقافي الجزائري في فرنسا، بحجة أن صاحب "اللاز" أشعل حربا بين المعربين والمفرنسين في جزائر الإستقلال، هذا سلوك لا يختلف من حيث التهور والمغامرة والمجانية كثيرا عن الحرقة ، أليست الحرڤة قطيعة، متى تنتهي حرب البسوس بين لغة الضاد ولغة موليير في هذا البلد. سئل رمضاني بعدها في إذاعة متيجة في برنامج "زيارة خاصة" لعزيز نحال عن آخر كلام وطار الذي ظل عالقا بوجدانه فقال "في الأيام الأخيرة بعد أن انتهت صلاحية أوراق إقامته بفرنسا قال وطار "إنني الآن حراڤ".في شأن آخر من شؤون الحرڤة المحلية قرأت في العدد الأخير من ملحق "الأثر" في الجزائر نيوز، مقالا طويلا لعلي مغازي يقول فيه "الأدب الذي يكتبه واسيني لا ضرر من وجوده"، هكذا هزلت إذا، وصار التطاول وقلة الأدب موضة جديدة في المشهد الثقافي الجزائري، قد نختلف مع واسيني ولكن علينا أن نقر جميعا إنه من أبرز العلامات الثقافية والأدبية في الجزائر، ألا يمكن وصف هذا المقال بـ"الحرڤة الأدبية" ؟!  يروى أن ذبابة معتوهة حطت على نخلة باسقة، وبعد زمن وهي تهم بالمغادرة قالت "أيتها النخلة استمسكي فإني راحلة عنك".. أجابت النخلة "والله ما شعرت بك حين نزلت فكيف أشعر بك وأنت تغادرين".. الحديث قياس.. ونعاودلك. يكتبها: سعيد حمودي


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)