الجزائر

بورصة الجزائر.. مقبرة التجارة والأعمال



بورصة الجزائر.. مقبرة التجارة والأعمال
لا يخفى على العديد من المختصين في الاقتصاد أهمية البورصة والدور الكبير الذي تلعبه في الاقتصاد الوطني، غير أن هذا الوعي يغيب بمجرد الحديث لمواطنين عاديين، فالبعض منهم يجهل حتى وجود بورصة في الجزائر وآخرون لا يعرفون عنها سوى الصرح الكبير بواجهته الزجاجية بشارع العقيد عميروش بالجزائر الوسطى، وقد نصبت لجانبه شاشة كبيرة يظهر فيها أسعار التداولات. "الشروق" قررت خوض التجربة والتنقل لمقر تسيير بورصة القيم لقضاء يوم داخلها ورصد المعاملات داخلها.بالرغم من معرفتنا المسبقة بمقر بورصة القيم، لكننا قررنا طرح السؤال على بعض المواطنين، وما لمحناه في وجوه غالبيتهم هو الدهشة والحيرة بمجرد ذكر اسمها، فالبعض تحجج بعدم معرفته بوجود بورصة في الجزائر أصلا وآخرون قالوا إنهم لا يعرفون عنها شيئا وغيرها من الحجج التي ظلوا يختلقونها في كل مرة، فهو عالم الأموال الكثيرة والذي يفضلون تجنبه، لكنهم لا يعلمون أن أي مواطن يملك ألف دينار باستطاعته شراء سهم في البورصة فمثلا شركة "بيوفارم" بيعت أسهمها ب 1250 دج للسهم.دخلنا البورصة وبعد المرور بالاستقبال توجهنا للمقصورة، حيث كانت جلسة التداول والتي تنظم مرتين أسبوعيا الأولى يوم الاثنين والثانية يوم الأربعاء من الساعة التاسعة والنصف إلى العاشرة والربع، توشك على الانتهاء ويحضر فيها الوسطاء في عمليات البورصة وقد جلسوا لمكاتبهم الصغيرة وبها أجهزة كومبيوتر يتابعون من خلالها عمليات البيع والشراء، بحضور لجنة تنظيم ومراقبة البورصة، ولجانب الجرس يجلس تقنيي شركة تسيير بورصة القيم ليقرع جرس النهاية وتغلق السوق مثلما بدأت بدق الجرس إلى الأسبوع المقبل. ممثلة CPA : البنوك هي الوسيط بين الزبون والشركات في عملية بيع وشراء الأسهماتخذنا مكانا بجانب ممثلة القرض الشعبي الجزائري CPA "آيت عبي راضية"، ورحنا نستفسرها عن دورها، حيث أكدت لنا أنها المكلفة بشراء وبيع أسهم زبائنها، فجميعهم يملكون حسابين أحدهما جاري والآخر خاص بالأسهم وعند بيعه لهذا الأخير يحول المال مباشرة لحسابه الجاري، وتتم العملية من خلالها لأن الزبون لا يملك الحق في الدخول وليس دوما من يشتري يكون من خارج المؤسسة بل في مرات عديدة يكون زبائن من نفس المؤسسة هم من يشترون، وبعدها يؤكدون المعاملة وتصدر النتائج ثم ترسل إلى البنك المؤتمن لحفظ الأوراق، فحساب الزبون المالي يزداد عندما يقوم بعملية البيع ويتناقص حساب الأسهم، واستطردت محدثتنا كل من يرغب في شراء أسهم عليه الاقتراب من البنك سواء كان زبونا أو شركة فمثلا يوجهون رسالة ل CPA وهي ترافقهم في اختيارهم، فبالنسبة للشركة تأتي بعدها مرحلة التقييم ويتولاها مكتب دراسات متخصص حتى يتمكن من تحديد قيمة السهم، وهذا استنادا لعدد الفروع والمقرات والأراضي التي تملكها هذه الشركة، ثم يحصلون على موافقة الوسيط ومذكرة المعلومات وينتظرون تأشيرة الموافقة من لجنة مراقبة عمليات البورصة، وهي تقوم بدراسة وتحديد إذا بإمكانها الدخول للبورصة، وعن العامل المتحكم في سعر الأسهم، ردت محدثتنا بأنه يحتكم لقانون العرض والطلب مثل أي سوق أخرى إذا كان الطلب على أسهم معينة كبير ترتفع وإذا قلّ انخفضت، فيمكن أن يكون سعر السهم مرتفعا صباحا وينخفض مساء والعكس صحيح. مسؤولة الإعلام في البورصة: الزبائن ممنوعون من حضور جلسة التداول والوسيط هو من يمثلهموصفت مرافقتنا في الجولة مسؤولة الإعلام والاتصال بشركة تسيير بورصة القيم، حمدي تاتي ليلى، بورصة الجزائر مثل أي بورصة أخرى في العالم تقوم على أربعة هياكل أساسية: لجنة مراقبة عمليات البورصة والتي تضع قوانين السوق، شركة تسيير بورصة القيم تنظم دخول الشركات وحصص التداول ونشر المعلومات حول السوق، الوسطاء في عملية البورصة هم المكلفين ببيع وشراء أوامر الزبائن وهم الوحيدين الذين بإمكانهم الدخول للبورصة لامتلاكهم اعتماد، الهيكل الرابع وقد تم تأسيسه في عام 2004 وهو المؤتمن المركزي لحفظ الأوراق المالية.وأكدت مسؤولة الإعلام أن البنوك التي تقوم بدور الوسيط تشمل جميع البنوك العمومية، بالإضافة لبنكين خاصين وهما "سوسييتي جينيرال" و"باريبا"، فيحضرون جلسات التداول وهم يحملون أوامر الزبائن في البيع أو الشراء، وينفذ أمره خلال الجلسة التي تدور في المقصورة التي تكون مسيرة بطريقة رسمية من قبل شركة تسيير بورصة القيم، فيتابعها اثنان ويبدؤونها بدق الجرس ويختمونها بدقه أيضا مثلما أشرنا إليه سابقا، بالإضافة للجنة تسهر على حماية المستثمرين والقوانين، ومراقب من لجنة المراقبة. هناك شركتان عموميتان وثلاثة خاصة فقط في بورصة الجزائرصرحت ليلى حمدي، بأن عملية البيع والشراء تتم من خلال نظام في أجهزة الكومبيوتر وفي نهاية العملية تصدر نشرة رسمية للتسعيرة ونتائج العملية، لتواصل محدثتنا بأن الطريقة المعتمدة في بورصة الجزائر هي تقليدية، ففي الدول الأخرى البنوك والوسطاء يتداولون عبر الأنترنت بطريقة مباشرة، وهي الطريقة التي تسعى بورصة الجزائر لإدراجها خلال السنتين القادمتين مع العمل على تطويرها، وعن الأسواق قالت محدثتنا هناك سوق خاص بالشركات الكبرى والثاني للشركات المتوسطة والصغيرة، سوق السندات، مواصلة قبل 2012 لم تكن هناك سوق خاصة بالشركات المتوسطة والصغيرة، وقد تم استحداثها قبل 4 سنوات لتحفيز المتعاملين الاقتصاديين على الاستثمار في البورصة، ووضعوا شروطا سهلة لإدراجها وتوجد حاليا في البورصة الجزائرية 5 شركات تملك أسهم اثنان عموميتين وهما صيدال، الأوراسي وثلاثة خاصة وهي بيوفارم، أليانس، رويبة، فالأسهم تظل مدى الحياة أما السندات فتكون خلال فترة وتتوقف. عقلية الشركات العائلية تقف حائلا دون تطوير العديد منها ودخولها البورصةأرجعت حمدي ليلى غياب شركات كبيرة عن البورصة لطريقة التفكير السائدة في مجتمعنا، فغالبية هذه الشركات عائلية ترى في دخولها البورصة فقدانها للسيطرة ودخول أجانب معهم لذا يرفضون الشراكة ويفضلون عدم تطوير شركاتهم أو الاستعانة بقروض بنكية بفوائد بدلا منها، بالرغم من المزايا العديدة التي تقدمها لهم، فهي تفتح لهم أبواب الشركة الأجنبية، رفع رأسمالها، إمكانية تطوير مشاريع أخرى فمن يدخل البورصة يستحيل أن يخسر ولا يربح شيئا.وذكرت محدثتنا مساعيهم الحثيثة لجلب أرباب العمل ورجال الأعمال للمساهمة في البورصة وهي السياسة التي ينتهجونها منذ 2013، فيعملون على توسيع نظرة المتعاملين الاقتصاديين الخواص والمواطنين من خلال حملات تحسيسية وتكوينات للطلبة الجامعيين وتنظيم أبواب مفتوحة للمواطنين البسطاء وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كي يتعرفوا على مزايا البورصة وسبل الدخول إليها، وقد قامت البورصة بعدة اتفاقيات مع بورصات أجنبية لتبادل الخبرات مثل بورصة تونس، والتي قطعت أشواطا كبيرة مقارنة بالجزائر، وكذا تطبيق "موبيل " لإيصال المعلومة مباشرة للمواطن مجانا.وكشفت المكلفة بالإعلام عن قرب انضمام شركات عمومية أخرى للبورصة وهو ما سيمنح تحفيزا للشركات الخاصة والشركات التي ستلتحق هي موبيليس، كوسيدار، إسمنت الشلف وتبسة، الشركة الوطنية للتأمين وإعادة التأمين "لاكار"، هيدرو "أميناجمون"، شركة إسمنت سطيف، فبانضمام شركات جديدة لا تتأثر وتكون حركية أكثر لما يكون السوق أكبر، معترفة عن فضول العديد من المواطنين اتجاه عالم البورصة المغلقة ورغبتهم في معرفة ما يدور بها ففي العديد من المرات يستقبلونهم لطرح أسئلتهم. إطار تقني في البورصة: "أسعار الأسهم ترتفع أو تنخفض ب 5 بالمائة"أوضح الإطار التقني في البورصة، قالول محمد، وجود قاعدة عالمية تحدد السعر وهي العرض والطلب، فالطريقة والكيفية والكمية جميعها تلعب دورا في ذلك، فالسعر الأولي للشركة خاضع لتقييم يحدده الخبراء في أول حصة تداول لها مثلا يكون سعرها 400 دج في الحصة التي بعدها يرتفع السعر، فالمنطلق في الزيادة والنقصان هو 5 بالمائة، وهو بالنسبة للأسهم، أما السندات فتكون الزيادة أو النقصان ب 1 بالمائة. مدير بورصة الجزائر يزيد بلموهوب:غياب شركات بترولية وشركات البناء جعل تأثير الأزمة الاقتصادية هامشيقال مدير بورصة الجزائر، يزيد بلموهوب، بورصة ليست مجرد سوق فقط للشركات، ففيها يلتقي من له فائض في السيولة والشركات التي تملك عجزا في التمويل، ولذا انتهجوا استراتيجية فتح الأبواب لكل المتعاملين الاقتصاديين والمواطنين للتقرب منهم، فالكثير منهم يجهلون إمكانيات البورصة ويقولون إنها خاملة وغير ناشطة، لكن الحقيقة أن من ينشطها هم أصحاب الشركات وسيحصلون على العديد من المزايا منها اقتصادية وأخرى جبائية وكذا يجنون أرباحا متعددة وتفوق نسبة الفوائد بها تلك التي تقدمها البنوك.ويعتقد بلموهوب أن سوق الأسهم يتماشى مع الشريعة الإسلامية وهي ليست محرمة، فلو كانت كذلك لم تكن هناك بورصة في المملكة العربية السعودية، أندونيسيا، قطر، الإمارات العربية المتحدة، فهم يشكلون أكبر البورصات العالمية، كما أن البورصة ليست سلطة لتفرض الاستثمار لديها كما يملكون إمكانية تنويع المنتجات، ولذا يفكرون حاليا في الاستثمار في الصكوك الإسلامية أي إمكانية طرح سندات تتماشى مع الشريعة الإسلامية مثلما هو معمول به في العالم، وآخر اتفاقية كانت مع شركة تداول السعودية في ديسمبر 2015 لكونهم يملكون خبرة واسعة في هذا المجال وسيعملون على نقل خبرتهم.وكشف مدير بورصة الجزائر عن خطتهم في التقرب من الجامعات لاقتناعهم أن تطور السوق المالي يتطلب وجود محترفين يفهمونه، ونظرا لغياب تكوينات جامعية متعلقة بالبورصة فقد حملوا على عاتقهم مسؤولية ذلك بفتح أبوابهم للطلبة في طور الاختصاص ماستر ويطرحون عليهم إشكاليات حتى يعملوا عليها، واستطرد المتحدث بأن الطلبة سيمتلكون في المستقبل شركات وينقلون هذه الفكرة إليها، وأول اتفاقية كانت مع جامعة سطيف في 2015 لتبادل المعلومات.وواصل بلموهوب أن البورصة تتشكل من شركات مدرجة، فكلما كان عددها كبير والمستثمرين كبير تكون متطورة أكثر وعن الأزمة الاقتصادية الراهنة رد في حال تأثر الشركات المدرجة فستتأثر البورصة، أما إذا كان العكس فلا تتأثر فرأسمالها مقرون بسعر الأسهم التي تملكها، فإذا انخفض سعر الأسهم تنخفض البورصة، و لأن بورصة الجزائر تحتوي على 5 شركات مدرجة ليس لها أي أثر مباشر لكون عمق السوق قليل، فالتأثير هامشي وليس مباشر ولو كانت هناك 100 أو 200 شركة متنوعة في البناء أو شبه بترولية يكون أثر أما في الحالة الراهنة فهو تأثير هامشي.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)