غيّب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مجلس الوزراء (مجددا)، وهذه المرة عن بحث مشاكل الجنوب. واتخذ قرارات هامة تعلقت باستحداث هياكل إدارية جديدة، خارج إطار الآلية المنصوص عليها دستوريا. وأقصى الرئيس مجلس الوزراء خلال الشهر الجاري، من قرارات متعلقة ب”ترشيد النفقات”، بسبب الخوف من انكماش مداخيل البلاد على خلفية انهيار أسعار النفط.استحدث الرئيس بدعة جديدة، في ممارسة السلطة التنفيذية، اسمها “المجلس المصغّر”، وهي شبيهة ب”الجلسات الرمضانية” التي كان يعقدها، قبل تدهور حالته الصحية، ل”متابعة وتيرة إنجاز المشاريع”، كما كانت تذكر بيانات رئاسة الجمهورية، وتنقلها وكالة الأنباء الرسمية. ففي “المجلس المصغّر”، خاض في ملفات تهتم بمصير البلاد، مثل انخفاض أسعار النفط والإجراءات التي ترتب عنها وأبرزها تجميد التوظيف. وفيه تناول احتجاجات الجنوب على المشاكل التي يتخبط فيها سكانه، وعلى مسعى الحكومة التنقيب عن الغاز الصخري. واللافت في اجتماعات “المجلس المصغّر”، أنها اقتصرت على مجموعة من الوزراء، فيما أكثر ما يشدّ الانتباه في اجتماع أول أمس، غياب وزير الداخلية الطيّب بلعيز، وحضور أحمد ڤايد صالح ببزته العسكرية، أي بصفته قائدا لأركان الجيش وليس نائب وزير الدفاع. فما شأن مسؤول العمليات العسكرية في الجيش الوطني الشعبي، بملفات تتصل بالتقسيم الإداري وحل مشاكل مواطنين في ولايات من البلاد، وبالغاز الصخري؟! وحتى إذا كان مبرر حضور الضابط الكبير، هو الحفاظ على الأمن في الجنوب المضطرب، وهو ما لم يرد ذكره في التقرير الرسمي عن الاجتماع، فإن هذه المهمة من صميم صلاحيات وزير الداخلية. فهل لتواجده بالبذلة العسكرية، مع مجموعة الوزراء، مدلول سياسي معيّن أراد بوتفليقة إظهاره؟ولماذا عزف الرئيس عن جمع أعضاء حكومته في أهم جهاز سياسي تتخذ فيه القرارات، وهو مجلس الوزراء؟الرئيس لا يسائله أحد عن سبب تعطيل أهم آلية قانونية وسياسية يوليها الدستور أهمية كبيره. ففي مجلس الوزراء تتخذ القرارات التي تهم الدولة والشعب. ونظرا لأهمية مجلس الوزراء بالنسبة للسلطة التنفيذية، أسند الدستور رئاسته إلى رئيس الجمهورية (المادة 77 فقرة 4). وهذه الصلاحية هي حق لشخص رئيس الجمهورية، ممنوع عليه دستوريا تفويضها لأي جهة مهما كان الحال. والرئيس هو من يحدد جدول أعمال مجلس الوزراء وهو من يدعوه إلى الانعقاد. وفيه يرأس الحضور الجماعي للوزراء، وليس بعضا منهم في إطار اجتماع “مجلس مصغّر”، فيلتقون لتبادل الآراء ويناقشون القرارات التي تهم البلاد. وفي مجلس الوزراء تحدد السياسة العامة في جميع المجالات، وفيه تتم المصادقة على مشاريع القوانين قبل أن تحال على المؤسسة التشريعية. وهو أيضا الفضاء الذي تتخذ فيه قرارات التعيين التي تخص كبار موظفي الدولة. وبعبارة أكثر وضوحا ودقة، مجلس الوزراء بمثابة العقل الذي تفكّر به السلطة التنفيذية. ولأنه هام إلى هذه الدرجة، ورد ذكره في الدستور سبع مرات، منها ما تعلق بالمصادقة على مخطط الحكومة وإعلان الحرب والحالة الاستثنائية، ومنها مادة واضحة تقول إن مجلس الوزراء ‘'هو الإطار الذي يمارس فيه رئيس الجمهورية سلطة التشريع بطريقة الأوامر . وما دام الجهاز بهذه الأهمية بالنسبة للعمل اليومي في تسيير دفة السلطة، لماذا غيّبه بوتفليقة في القرارات الهامة التي اتخذها منذ مطلع العام؟
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 29/01/2015
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حميد يس
المصدر : www.elkhabar.com