أخرجت أحزاب الأفالان والأرندي وحركة مجتمع السلم السيوف من أغمادها، وراحت قيادة كل منها تذبح الآخر، تبعا للخلاف حول الإصلاحات التي بادر بها الرئيس، وسعيا، وهو الأهم، للتموقع تحسبا للانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة. وإن كان بلخادم وجه مدافع الأفالان باتجاه الأرندي، دون أن يذكره بالاسم، فإن ميلود شرفي شدد بأن 1 نوفمبر ملك لكل الجزائريين، وليس حكرا على من يريدون احتكاره، في إشارة إلى الأفالان. بينما ذهب زعيم حمس، أبو جرة سلطاني، إلى اتهام شريكيه الاثنين بإفراغ إصلاحات الرئيس من محتواها، وطالب الرئيس بالتدخل وسحب الملف من الأغلبية البرلمانية وطرحه على استفتاء شعبي. وهي صورة تؤشر أن الطلاق بين المتحالفين استُهلك وأضحى بائنا قبل حتى انتهاء عهدة الرئيس.
قال إنه ''ركب القطار بعد إقلاعه''
بلخادم يتهم حزب أويحيى بـ''نشر فكر الانتهازية''
استنكر عبد العزيز بلخادم، أمين عام جبهة التحرير الوطني، ''تكالب أطراف على الأفالان بالدعوة إلى وضعه في المتحف''. داعيا إلى ''الالتفات إلى الأحزاب التي نشرت فكر الانتهازية وركبت القطار بعد إقلاعه، بدل التهجم على حزبنا''. وهوّن بلخادم من الأزمة التي تقسم الأفالان إلى أجنحة متصارعة، قائلا إن الأمر لا يعدو ''تدافعا داخل الصفوف''.
وفي خطاب ألقاه على المناضلين بالقاعة البيضاوية بالعاصمة، أمس، لا يخلو من الايحاء إلى التجمع الوطني الديمقراطي، قال عبد العزيز بلخادم إن ''هناك (دون تحديد من هم) من يريد إظهار حزبنا بأنه يعيش أزمة. ولكنهم لن ينجحوا في ذلك. وما يتحدث عنه البعض وما تضخمه بعض الأقلام لا يتجاوز سقف التدافع من أجل التموقع، فهي مسألة صحية أكثر مما هي مرضية بالنسبة لقيادة الأفالان''. وهو كلام موجه لقيادة ''التصحيح والتقويم''، وبالتحديد هو رد على الندوة التي عقدتها بالدرارية في العاصمة قبل أسبوعين، وحضرها عدد كبير من الغاضبين على بلخادم.
وشن بلخادم هجوما على حزب لم يذكره بالاسم، عندما قال: ''لماذا يستهدف الأفالان وليس حزبا آخر؟ لما لا تستهدف الأحزاب التي نشرت فكر الانتهازية لما شاركت في الحكم، وهي التي ركبت القطار بعد إقلاعه؟ لماذا تحمّل المسؤولية للأفالان دون غيره؟''. وفُهم من كلام بلخادم أن المعني هو حزب أحمد أويحيى، فالأرندي هو من شارك في الحكم وهو من ''ركب القطار بعد إقلاعه''، في إشارة إلى وصوله إلى السلطة وفوزه بالأغلبية، ثلاثة أشهر بعد أول انتخابات شارك فيها عام .1997 وتحدث بلخادم عن ''أحزاب نشأت مثلما ينشأ فطر الأمطار الرعدية''، دون ذكر من يقصد.
وشجب بلخادم ''دعوة خبيثة تريد وضع الأفالان في المتحف بذريعة أنه ملك لكل الجزائريين.. إنهم يريدون إحالة حزبنا على التقاعد السياسي، وهم يتجاهلون بذلك الإنجازات التي كان الأفالان طرفا فيها.. إن هناك مخططا يحاك ضد الجزائر هو نفسه مخطط 1954 و1988، وقد ساهم الأفالان في إحباطه''. وأضاف: ''إنها حملة مركزة ضدنا تستهدف رصيدنا النضالي''.
وحمل خطاب بلخادم الطويل (ساعة ونصف)، ثلاثة عناصر أساسية: الأول تناول فيه موضوع الأفالان والمتحف والأرندي، والثاني الإصلاحات السياسية، التي قال إنه سبق كل الأحزاب في الدعوة إليها، خاصة ما تعلّق بتعديل الدستور. أما الثالث، يتزامن مع مرور 57سنة على ثورة نوفمبر، ويتعلق بمطلب الاعتراف والاعتذار عن جرائم الاستعمار. وقال بهذا الخصوص، إن الأفالان ''سيبقى مصرّا على مطلبه الشرعي، وهو أن تعتذر فرنسا على ما ارتكبته من جرائم في حق شعبنا، فإذا فعلت ذلك سنطوي صفحة الماضي المؤلم ونتجه سويا نحو المستقبل دون أن ننسى واجب الذاكرة''. وأضاف: ''كونوا جيلا ''يسمح'' ولا ''يمسح''، لتردوا على وزير خارجية فرنسا (ألان جوبي) الذي وصف المطالبين بالاعتذار عن جرائم الاستعمار بالمتطرفين''. مشيرا إلى أن وزير خارجية فرنسا السابق، برنار كوشنير ''كان واهما عندما أعتقد أن التصالح ممكن مع الأجيال التي تأتي بعد جيل الثورة''.
وشارك في التجمع الشعبي حوالي 30 ألف، ينتمون لعشرات المحافظات من غالبية الولايات، هتفوا بحياة حزبهم وجددوا الولاء لبلخادم، ورفعوا صوره وصور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. واختارت قيادة الحزب أن تمنح لهذا اللقاء الكبير، طابعا استعراضيا، بحضور مطربين وفرق موسيقية عزفت ورددت أغاني عادت بالأذهان إلى أيام الحزب الواحد.
اتهم شريكيه في التحالف بالانقضاض عليها بالهاتف
سلطاني يدعو الرئيس لتنظيم استفتاء شعبي حول الإصلاحات
قال رئيس حركة مجتمع السلم، أمس، إن المجلس الشعبي الوطني غير مؤهل لدراسة الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية. وأعرب سلطاني عن رفضه لكل المسار، ابتداء من هيئة المشاورات إلى نزول مشاريع القوانين إلى البرلمان. وطالب رئيس الجمهورية بالتدخل لإنقاذ إصلاحاته، من خلال دعوة حركة حمس إلى تنظيم استفتاء شعبي يقول فيه الجزائريون ما يرغبون فيه.
اتهم سلطاني شريكيه في التحالف الرئاسي، الأفالان والأرندي، صراحة، بإفراغ إصلاحات الرئيس من محتواها من خلال كما ذكر ''تحزيبها'' لمصلحتهما، مشيرا، في هذا الصدد، إلى تغيير عدة مواد من تلك القوانين المعروضة في المجلس الشعبي الوطني بواسطة ''مكالمة هاتفية''، على غرار قضية استقالة الوزراء الراغبين في الترشح أو ''كوطة'' المرأة في المجالس المنتخبة. وطالب سلطاني في حصة ''أكثر من مجهر'' للقناة الإذاعية الأولى، بتعيين حكومة ''تكنوقراطية'' للإشراف على الانتخابات المقبلة لتفادي كل أشكال التلاعب والتزوير.
ورفع رئيس حمس كل مصداقية عن مجلس زياري الذي وصفه بأن تركيبته النيابية كرسها العمل بقانون الطوارئ، في إشارة إلى أنه مجلس مزور ولا يعكس حقائق الواقع. ولم يتوقف سلطاني عند هذا الحد من الانتقاد، بل طلب من رئيس الجمهورية بسحب إصلاحاته من المجلس الشعبي الوطني، وتكليف أي جهة به، لأنه كما قال ''ليس مؤهل لتحضير إصلاحات في مستوى تطلعات الجزائريين''، مشيرا إلى إدخال تعديلات جوهرية على قوانين بـ''الهاتف''، دون أن يكشف عن الجهة الفاعلة. لكن سلطاني، الذي لا يثق في برلمان يسير بالهاتف، يضع ثقته في جهاز القضاء الذي يرى فيه الحصن في مراقبة الانتخابات ومنع التزوير عنها، ودليله في ذلك أن القضاء سيّر بدقة ملفات المصالحة ولم يخضع للضغوط.
وأظهر زعيم حمس تفاؤلا بمكانة الحركة في الانتخابات المقبلة، وقال إن اعتماد أحزاب جديدة، في إشارته إلى حزب جاب الله الجديد وجبهة التغيير الوطني لغريمه عبد المجيد مناصرة، لن يؤثر على الوعاء الانتخابي لحمس التي تملك حسبه 400 ألف مناضل. ومن منظوره فإن حمس هي ''ماركة مسجلة''، وليس بمقدور المنشقين عن حركته مزاحمتها أو التأثير عليها انتخابيا.
وعن نقده للحكومة ومشاركته فيها، حاول سلطاني الدفاع بالقول إن حركته ليس لها خطاب مزدوج، مشيرا إلى أن مجلس الشورى المقبل سيدرس قضية البقاء من عدمه في التحالف الرئاسي. وعن سؤال حول اكتفاء سلطاني دوما بالتهديد والوعيد دون أن يقدم على إجراءات عملية، كما فعل الأرسيدي على سبيل المثال الذي رفض إصلاحات الرئيس وانسحب من البرلمان، رد سلطاني بأن الأرسيدي ليس حمس، معتبرا الانسحاب من الحكومة عملية تقنية ليس إلا، رافضا الانسحاب منها أو من البرلمان ''هنا يموت قاسي''. ودافع سلطاني عن وزراء حمس في الحكومة من تهم الفساد، مشيرا إلى أن ملفات الفساد التي كانت بحوزته كُشف أصحابها وحوكم من حوكم وطوي الملف.
دعت الرئيس إلى التدخل لإنقاذ إصلاحاته
حنون تتساءل إن كان الأفالان حزبا مساندا لبوتفليقة
دعت لويزة حنون الرئيس بوتفليقة إلى إنقاذ الإصلاحات السياسية التي تعرف مسارا، قالت إنه ''أُجهض''. وتساءلت إن كان فعلا ''الأفالان'' حزبا مساندا للرئيس، في معرض تأكيدها على أن نوابه يعارضون مقترحات بوتفليقة من خلال تعاطيهم السلبي مع قوانين الإصلاح.
وصفت الأمينة العامة لحزب العمال، نواب الحزب العتيد بـ''الرجعيين'' و''الظلاميين''. وقالت، في تقريرها الافتتاحي للقاء الوطني للنساء العاملات بالعاصمة، أمس، إن ممثلي الأفالان في المجلس الشعبي الوطني، يعاكسون إرادة الرئيس، من خلال إجهاضهم ''الإصلاحات السياسية'' بمواقف عبروا عنها من خلال قوانين الإصلاح، من ذلك دعوتهم إلى تخفيض حصة المرأة في المجالس المنتخبة من 30 إلى 20 بالمائة، رغم إشارتها إلى أنها ضد سياسة الكوطة مبدئيا.
وتساءلت زعيمة ''العمال'' إن كان ''الأفالان'' فعلا حزبا مساندا للرئيس؟ قبل أن تصعد لهجتها حيال ممثليه البرلمانيين وتؤكد ''هؤلاء أصبحوا خطرا على كيان الأمة، إنهم يسعون إلى فتح الباب أمام التدخلات الأجنبية''، متحدثة عن ''عودة استخدام فزاعة الإسلاميين في الجزائر بمبرر صعودهم في تونس''. مشيرة إلى أن الأمر مختلف بين البلدين''. بينما أسقطت الحاصل السياسي في ليبيا على راهن الوضع في الجزائر، مشددة القول ''لسنا بحاجة إلى إصلاحات تأتي بالفوضى والدمار كما يحدث في ليبيا. كما لا نريد إصلاحات تخدم الشركات الأجنبية''.
واستعانت حنون بالمؤشرات الأولية للإصلاحات في شق اعتماد أحزاب سياسية. لكن ''الزعيمة'' كان لها رأي مخالف، متسائلة عن جدواها ''هل لديها أفكار جديدة؟ لا أظن''، وعرفتها، بالتأكيد، إنها ''عبارة عن انشقاقات قديمة لها علاقة بالتموقع في الانتخابات المقبلة، إنها لم تأت لإثراء التعددية''.
وحذرت مسؤولة حزب العمال من ''شطحات'' أجانب يتوافدون على الجزائر للظفر بـ''كعكات'' ضمن البرنامج الاقتصادي الجديد. و''في نفس الوقت يضغطون على الحكومة لحملها التراجع على مكتسبات قانون المالية 2009 والقانون التكميلي''، مشيرة إلى ''إنهم لا يخفون طمعهم وجشعهم''. وربطت المتحدثة هذا الحال، مع ما يجري من فوضى لدى الجارة الشرقية، بدعوة السلطات العليا في البلاد إلى حماية الوحدة الترابية، وتعزيز الدعم على الحدود، لمواجهة خطر تداول الأسلحة، حيث يوجد في طرابلس لوحدها مليون قطعة سلاح و15 ألف صاروخ ''ميسيل''. وسخرت حنون من تهديد بعض أعضاء المجلس الانتقالي بـ''نقل الحرب إلى الجزائر''، وتصريح عبد الجليل من أن دعوته الناتو تأجيل الرحيل من ليبيا، مرده مخاوف من فلول نظام القذافي الموجودين عند جيراننا، حيث يقصد بذلك عائلة القذافي. بينما شددت زعيمة الحزب على السلطات العليا بعدم تسليم عائلة القذافي، لأنهم سيغتالون، كما اغتيل أبوهم بوحشية. قبل أن تسلم بـ''ضغوط على الجزائر بغرض توريطها في الوحل الليبي''. وعن التهديد الآتي من الشرق، اعتبرت حنون أن ارتفاع ميزانية الدفاع الوطني ''أمر عادي''، لمواجهة التهديدات الإرهابية ''في وقت بات الإرهابيون يتجولون بشوارع ليبيا نهارا جهارا''.
عبادة وبوكرزازة يكشفان ''أطماع بلخادم'' في الترشح للرئاسيات المقبلة
من حضروا إلى القاعة البيضاوية ليسوا مناضلين في الأفالان
عقدت حركة التقويم والتأصيل لحزب جبهة التحير الوطني، أمس، لقاء لمناضليها بمدينة عين وسارة، بحضور 32 بلدية، تحت إشراف عبد الكريم عبادة وعبد الرشيد بوكرزازة، لتنصيب اللجنة الولائية للحركة والحديث عن واقع الحزب.
وانتقد عبد الكريم عبادة، في تدخله، سياسة بلخادم وأطماعه في الاستحواذ على الرئاسة، معتبرا أن الذين حضروا معه في مهرجان القاعة البيضاوية ليسوا مناضلين في حزب جبهة التحرير الوطني. فيما طعن عبد الرشيد بوكرزازة، في مداخلته، في شرعية المؤتمر التاسع الذي غيب أهم الشخصيات والإطارات في الحزب. ودعا وزير الاتصال الأسبق إلى مؤتمر استثنائي للحزب. وفي بيان توج اللقاء هددت الحركة التقويمية للأفالان باللجوء إلى العدالة لكشف الفضائح التي رافقت المؤتمر التاسع.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 30/10/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: حميد يس/ الجزائر: ب. سهيل/ الجزائر: محمد شراق/الجلفة: بن جدو أمحمد
المصدر : www.elkhabar.com