هل بمقتل معمر القذافي طويت صفحة نظامه الذي عمر 42 سنة؟ كل المؤشرات والدلائل تذهب إلى ذلك، حتى وإن كان أبناء العقيد الذين كانوا جزءا لا يتجزأ من نظامه، على غرار سيف الإسلام شكلوا كتائب وشن حرب عصابات لمنع الحكم الجديد من أعضاء المجلس الانتقالي من بسط نفوذه واقتسام الكعكة لوحده.
ربط رئيس الحكومة الإيطالي سيلفيو برلسكوني، مقتل العقيد معمر القذافي بانتهاء الحرب في ليبيا التي بدأت منذ عدة أشهر، وفي ذلك إشارة إلى أن النظام في ليبيا كان يستند على عمود واحد، هو الزعيم، ولم يكن حوله سوى الفراغ أو المنتفعين من الريع، وهذه الفئة الأخيرة ليس بإمكانها المقاومة، ومستعدة للتفاوض مع النظام الجديد للحفاظ على مكاسبها أو بالأحرى لاتقاء شره. لكن أليس بإمكان أبناء العقيد الذين يعرفون كل خبايا البلد وقبائله أن يواصلوا المقاومة، خصوصا وأنهم يملكون شبكات سرية وموارد مالية كبيرة؟
إن لجوء قادة حلف الناتو بقيادة فرنسا وبريطانيا، قبل حتى بداية الحرب ضد كتائب القذافي، إلى إصدار مذكرات توقيف دولية بتهمة جرائم الحرب، ضد أقرب المقربين من الزعيم الليبي الذي قضى نحبه في مدينة سيرت، قد جعلت هامش المناورة أمام سيف الإسلام القذافي وبقية إخوته الآخرين خارج حدود ليبيا، شبه معدومة خصوصا في دول الجوار المراقبة بشكل جيد من طرف أقمار الناتو، وبالتالي لم يبق أمامهم سوى محيط ضيق، وازداد ضيقا منذ سقوط طرابلس في أيدي أنصار المجلس الانتقالي المدعوم من طرف غالبية الدول العظمى حتى قبل سقوط نظام القذافي.
إن سقوط القذافي برصاص خصومه في أقل من شهرين فقط من سقوط العاصمة طرابلس في شهر أوت الماضي، وعدم تمكنه من إبداء أي مقاومة أو تنفيذ أي عملية استعراضية نوعية ضد ثوار المجلس الانتقالي، ولا نقول ضد ترسانة الحلف الأطلسي المرابضة على طول السواحل الليبية، رغم تفكيره في حدوث مثل هذا السيناريو له منذ انقلابه ضد الملك السنوسي، يكشف أن النظام الذي بناه طيلة 42 سنة، كان مكشوفا، مثلما هي اليوم ليبيا مكشوفة أمام مصالح المخابرات الغربية التي تعرف كل دهاليزها وكل المخابئ التي يحتمل أن تلجأ إليها النواة الصلبة من النظام المنهار.
لم يعد بوسع خليفة الأب سيف الإسلام القذافي الذي سعى لوراثة حكم العقيد في حياته، ويسعى لتبنى المقاومة بعد رحيله الأبدي، لا القيام بحرب عصابات ولا حرب استنزاف، خصوصا في الظرف الحالي الذي تعد فيه معنويات السلطة الجديدة في طرابلس في أوج نجاحها المفترض، وفي انتظار حصولها على دعم الدول المتأخرة التي راهنت على بقاء العقيد، وكل ما يمكن فعله من طرف بقايا النظام السابق الانتظار واللعب على عامل الوقت الذي قد يفرز نزاعات بين حكام ليبيا الجدد حول كيفية توزيع الغنائم والمكاسب السلطوية والبترولية والحقائب الوزارية. إن التركيبة القبلية والعرقية المشكلة للمنظومة السكانية في ليبيا، إن لم يستوعبها الدستور الجديد الذي وعد به رئيس المجلس الانتقالي السيد عبد الجليل، سيكون بمثابة من ينفخ فيما تبقى من رماد نظام القذافي الذي قتل في ليبيا ولم يهرب للخارج، وهو عمل بطولي لدى البعض، وهو ما قد يفتح جبهة جديدة في ليبيا ليست مرتبطة مباشرة بالنظام السابق، ولكنها تحالفات فرضتها تناقضات المنتصرين والمنهزمين لمجابهة النظام الجديد الذي جاء هو الآخر، في نهاية المطاف، على ظهر دبابة غربية لفرض حكمه. فهل ستكون ليبيا ما بعد القذافي دولة ديمقراطية مدنية؟ أو إمارة إسلامية؟ أو ملحقة للإليزي أو قصر بيرمنغهام؟ هي كلها أسئلة مفتوحة ويتحدد عليها مستقبل النظام الجديد.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/10/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: ح. سليمان
المصدر : www.elkhabar.com