الجزائر

بعد منع التنقل عبر المسالك المفضلة عند الأوروبيين توقف 70 وكالة سياحية عن النشاط يخلف 7 آلاف عائلة بطّالة في تمنراست



الفتح التدريجي للمسالك يتم وفق أجندة تراعي تواريخ عطل الأوروبيين ما اكتشفناه عند تجوالنا بتمنراست وحديثنا إلى بعض من أصحاب الوكالات، أن حالة غليان كانت تسري في صمت تنذر بحدوث أزمة أو انفجار وشيك، على اعتبار أن كل الأطراف التي تحدثنا إليها تسكنها قناعة واحدة، هي أن قرار منع النشاط السياحي كان ينبغي أن يتخذ بعد استشارة أصحاب الوكالات السياحية من أبناء تمنراست الذين يعرفون المنطقة.
المسالك الممنوعة وجهة مفضلة لدى الأوروبيين..
المسالك السياحية التي كانت محل منع، تمثلت في الوجهات السياحية المفضلة بامتياز لدى الأوروبيين مثل الفرنسيين، الألمانيين، الإسبان، الإيطاليين، الإنجليز، الهولنديين، البلجيكيين.. وكانت محل استقطاب دائم لهم، ولاسيما محور طاسيلي ـ الهفار، الواقع إلى الجنوب الشرقي لتمنراست، إذ تعد المناطق المشكلة له مثل ايفاق، الغصور، تاقريرات، تاهفارت، يوفغلال، بوفهركتك  وتين طارابين تحفة جمالية رائعة لتنوع ديكورها الطبيعي من كثبان رملية، عروق ووديان وجبال، لذلك تستجيب لرغبات وتطلعات مرتاديها، فضلا عن كونها مواقع التقاء للزوار وتعارفهم دون موعد، وتبعد عن تمنراست بنحو مائتين وخمسين كيلومتر. بينما يتمثل المحور الثاني في تافاداست، مرتوتك وتازروك، الواقعة إلى الشمال الشرقي لتمنراست وبوسع السائح أن يقف على خصائص تاريخية وثقافية. وللسياح الأوروبيين أيضا وجهة سياحية أخرى مفضلة هي محور تمنراست ـ هيرافوك وتشمل مناطق أيدلس واد هين، أدرار ايهفارن، قارت جنون وواد اوهات، وهو المحور الموصل حتى غاية جنات بولاية إليزي.
ويشير عارفون للمناطق السياحية الواقعة على طول هذا المحور، إلى أن هناك علاقة عائلية وطيدة بين توارف طاسيلي ناجار وطاسيلي ناهفار ناجمة عن المصاهرة.  واللافت في هذه المسالك السياحية هو وجود بلديات عبر هذه المسالك مثل أدلس، تازروك، توقفت بها وكالات سياحية عن النشاط أيضا، وهو ما لم يستسغه بعض من أصحاب هذه الوكالات، إذ يقر بن عبدالكريم عبدالكريم وهو صاحب الوكالة السياحية مولا مولا الكائن مقرها بقلب تمنراست، بأن توقيف النشاط السياحي ألحق بي أضرارا وأحالني على البطالة كوني لا أملك مصدر عيش، كما تضرر من العملية أزيد من 6 آلاف عائلة . فبالنسبة لصاحب هذه الوكالة أن الانشغال رفع إلى الرئيس بوتفليقة للنظر فيه، طالما أن هناك نية مبيتة لضرب السياحة في هذه الولاية ولاسيما أن ذلك يحدث في وقت أجمع فيه كل الخبراء ممن زاروا تمنراست على أن الوقت هو وقت الصناعة السياحية، وأكدوا أنه في غضون سنوات قليلة ستقوم السياحة مقام ثروات أخرى في عدة بلدان لتحتل المرتبة الأولى في موارد الاقتصاد.
لم تسجل اختطافات ولا اعتداءات في المسالك الممنوعة..
لكن لأي غاية تم توقيف النشاط السياحي بهذه المواقع، وما هي الأسباب التي قادت إلى ذلك، وهل الوضع الأمني متدهور إلى حد يستدعي غلق هذه المواقع؟ المعروف أن تردي الوضع الأمني بمنطقة الساحل، يكون واحدا من الأسباب، مع أن مدير السياحة لولاية تمنراست، عبدالقادر مولاي، يقول إنه لا يعرف أسباب ذلك ويؤكد أنه لم تسجل في هذه المسالك المذكورة اختطافات أو اعتداءات، طالما أن أهل المنطقة هم حماة هذه المواقع، لأنها تعد مصدر معيشتهم . ولذلك يقدم تصورا آخر لهذا المشكل، وهو أنه كان ينبغي استشارة أصحاب الوكالات السياحية المعتمدة أو جمعية الوكالات السياحية لمعرفة ما إذا كان الموقع المستثنى من الزيارة يشكل خطرا أم لا حتى يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة .
ويعترف ذات المسؤول صراحة بخصوص الارتدادات السلبية لمنع النشاط السياحي في المواقع المذكورة قائلا عندما جئت إلى تمنراست وجدت حوالي 7 آلاف عائلة تتردد على مديرية السياحة بشكل منتظم وتطالب بفتح النشاط السياحي أمام الوكالات كونها لا تملك مصدر قوت، ولاسيما أن بينهم سائقين، مرشدين وأصحاب الجمال .  فالارتدادات السلبية لهذا المنع كانت جلية في الواقع، حيث من أصل 28 وكالة سياحية لم يبق إلا بين 3 إلى 4 وكالات تنشط على مستوى المسالك المفتوحة، وهي تمنراست أسكرام وتمنراست أهنت، حتى أن بعضا من أصحاب الوكالات السياحية ممن رفضوا الكشف عن أسمائهم قالوا إن القرار كان ارتجاليا طالما أنه تم دون استشارة أبناء المنطقة.
 ومع ذلك، فإن أهل المنطقة المتضررين من هذا الظرف الجديد، كانوا مطالبين إما بكسر الجدار أو اختراق السقف، المهم إيجاد حل لرفع ما يسمونه الحصار. وفي 32 مارس قرر وزير السياحة تشكيل لجنة لتحضير الموسم السياحي 1102 ـ 2102 مشكلة من وزارة الدفاع، الأمن الوطني، الدرك، الداخلية، المالية، الأشغال العمومية، الصحة، النقل، الجوية الجزائرية وبمشاركة 41 ولاية في الجنوب. اللجنة استمعت إلى انشغالات أصحاب الوكالات السياحية والمشاكل التي يتخبطون فيها. وقد انبثقت عن اللجنة الوطنية هذه لجنة ولائية مصغرة يشرف عليها والي تمنراست، توصلت إلى صياغة برنامج يقضي بفتح المسالك السياحية بالتنسيق مع اللجنة الوطنية.
حديث عن فتح المسالك في أكتوبر المقبل
وعلمنا من مصادر مسؤولة بتمنراست أن القائمين على تسيير مديرية السياحة بهذه الولاية بمعية عدد من أصحاب الوكالات السياحية، التقوا قبل أسبوعين في العاصمة وفي اجتماع رسمي مع قيادات سامية في الجيش والدرك والأمن، وتم الاتفاق على فتح المسالك السياحية بصفة تدريجية. وعلى أساس ذلك، توصلت اللجنة الولائية إلى تحديد تواريخ محددة تتماشى مع عطل الأوروبيين على مدى أشهر، أي تحديد تواريخ معينة لزيارة هذه المواقع بالتنسيق مع مصالح الأمن وذلك اعتبارا من 60 أكتوبر المقبل، تاريخ انطلاق البرنامج السياحي 1102 ـ 2102، بينما أشار صاحب وكالة سياحية رفض الكشف عن اسمه إلى أن رئيس القطاع العسكري بتمنراست طرح علينا سؤالا خلال اجتماع جمعنا بالوالي، مفاده ماذا لو قررنا فتح بعض المسالك السياحية في مواسم معينة وتواريخ محددة، ونظرا للوضع المزري الذي نتخبط فيه وافقنا على ذلك ، ويعني ذلك أن القيادات الأمنية قررت تعزيز الإجراءات الأمنية في هذه المسالك السياحية التي كانت ممنوعة على السياح.
أهل تمنراست يثقون في إمكانات الجيش الجزائري
ومع ذلك، فإن الانطباع العام للعديد من المواطنين وأصحاب الوكالات السياحية، هو أن قوة الجيش الجزائري وإمكاناته الضخمة والخبرة التي اكتسبها من خلال مكافحته للإرهاب خلال السنوات الماضية، بإمكانها أن تضمن الحماية لأجزاء من المقاصد السياحية المعروفة بنشاطها وشهرتها. وفي انتظار العودة تدريجيا إلى فتح المواقع السياحية التي كانت مغلقة في وجه السياح، يقول بعض مسؤولي الوكالات السياحية ممن اعتادوا التعامل مع الأوروبيين، إن هؤلاء ينتظرون أشياء ملموسة من السلطات الجزائرية، كأن يسمعوا باستصدارها لبيان رسمي يقر الفتح النهائي لهذه المسالك السياحية في مواسم محددة، لأن محور (طاسيلي الهفار) مثلا، يعد من المقاصد السياحية المفضلة لديهم ولا يمكن تعويضه بأي وجهة أخرى، تبعا لجماله، شساعته، غرابته، ولكونهم ينظرون إليه على أنه أكبر متحف طبيعي مفتوح على الفضاء في تاريخ الإنسانية، حسب أطروحات المتخصصين في التاريخ والأنثربولوجيا ممن قالوا إن الحياة بدأت هنا قبل 006 مليون سنة.
تمنراست حكر على الأجانب مع أن الجزائري ينفق أكثـر..
وإذا كانت هذه الوجهات السياحية ينتظرها الأوروبيون بفارغ الصبر، فإن الجزائريين لا يعرفون تمنراست، ولن يعرفوها، طالما أن مدير السياحة طالب الجوية الجزائرية بتخصيص تسعيرة خاصة لتشجيع السياحة الداخلية خلال العطل، إلا أنه وإلى غاية اليوم لم يقدم القائمون على تسيير الشركة أي رد، لتبقى السياحة بهذه المنطقة مقتصرة على الأجانب، وهو ما لا يساعد الوكالات السياحية، من جانب أن فترة العطل بالنسبة للأجانب لا تتجاوز 51 يوما، في حين تعود عطل الجزائريين بالفائدة على هذه الوكالات، لأن الجزائري يدفع أكثر من الأوروبيين وأحسن منهم من حيث نفقاته ، يضيف. 


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)