الجزائر

بصمات محمد صالح الجابري كاتب مغاربي بامتياز



لم يكن محمد صالح الجابري يفرق بين بلديه تونس والجزائر، كما كان يقول حتى مات. لقد قضى سبعين سنة من حياته في لمّ شمل كل المغاربة الذين التقاهم وعاش رفقتهم. بدأت رحلته بمولده في الجريد، غير بعيد عن قرية "البوعزيزي"، شعلة ثورة تونس الأخيرة وعلى مرمى حصى من واد سوف بصحرائنا. حمل في قلبه كل كرم الصحراويين وكافة مبادئ سعة خاطرهم وهو يشد الرحال إلى تونس العاصمة في بداية الخمسينيات. في سنة 1953، تعرف على المثقف الجزائري المعروف الطاهر بن عيشة فسكنا معا في غرفة ضيقة، كان، باعتراف الطاهر بن عيشة، رجلا فاضلا يقسم معك الفلس الوحيد الذي يملكه. نفس الشيء قاله الطاهر وطار بعد أن عرف محمد صالح الجابري سنة 1957. فلولا هذا الأخير ما استطاع صاحب "اللاز" مواصلة دراسته بالزيتونة. لقد أسكنه محمد صالح الجابري في بيته الضيق وعاشا مترافقين حتى سنة 1961. وحين بدأ محمد صالح الجابري يكتب أولى مقالاته، كان يمزج في غالب الأحيان بين الثورتين التونسية والجزائرية. منذ مؤتمر طنجة المنعقد سنة 1958، انصبت جل كتابات محمد صالح الجابري بصحيفة "الصباح" التونسية على حلم الوحدة المغاربية، كان لا يمل، يكتب ويكتب عن هذا الحلم الجميل الذي لا يزال يراود أجيال اليوم كما راود أجيال الأمس. إلى جانب أحلامه المغاربية، كان محمد صالح الجابري من أكبر أنصار ثورة الجزائر، كما كان أول كاتب تونسي يؤرخ لهجرة الجزائريين إلى التراب التونسي، منذ العهود القديمة، فقد ألف كتابا مهما في هذا الصدد عنوانه "المهاجرون الجزائريون في تونس". وقد صدر الكتاب بالجزائر سنة 1984. وقبل وفاته بسنوات قلائل، أصدر كاتب تونس المتميز كتاب "يوميات الجهاد الليبي" أبرز فيه ثورة الليبيين الأشقاء على الاستعمارين الإيطالي والإنجليزي، أما كتابه الضخم عن "بيرم التونسي" فقد ضم إلى جانب حياة الشاعر الكبير جزءا هاما من تاريخ علاقات المشرق بالمغرب. وبهذا، يكون محمد صالح الجابري من أهم الكتّاب العرب الذين أبرزوا ضرورة وحدة الصف في أمتنا رغم تضعضعها المؤسف في أيامنا هذه. يكتبها: جيلالي خلاص


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)