الجزائر

بصمات الرحلة



تعددت الزعامات في الوطن العربي كما في العالم الثالث و العالم و ولد الزعيم زعماء ظلوا ردحا من الزمن لا ينظرون إلّا في مرآتهم و حتى النظر في المرآة لم ينبهه إلى الشيب الذي اعتلاهم و بالتالي اعتلى المدة الطويلة التي استأثروا فيها بالكراسي و المناصب ، دافعهم في البقاء شعوب تصفق من أجل كل شيء و لا شيء ... فامتدت الرحلة .من الملك عبد العزيز إلى الملك حسين و من بومدين إلى القذافي و من الملك الحسن إلى بورقيبة و من السادات إلى زايد ، لا يهم الترتيب الكرونولوجي فالصورة ظلت تتكرر و لكل شعب زعيمه تحت طائلة ‘ الانجازات « و الانقاذ . و إن كان التاريخ يشهد أنّ عبد الناصر كان أول زعيم عربي جنح إلى وحدة عربية قومية و نجح فيها و شتّت اهتمام الامبريالية الغربية التي بدأت في عد العدّة من أجل التصدي لأي وحدة عربية ، و جاء على منوال عبد الناصر ، الحبيب بورقيبة و هواري بومدين و الملك حسين و الملك الحسن الثاني فالشعوب اليوم تفتش في دهاليز ذاكرتها و تخرج لأولئك عثرات و انكسارات لا حصر لها .
الكاريزما مؤسسة قائمة بدأتها ، يطبعها التميّز الذي قد يكون في أحيان و لدى بعض المجتمعات خارقا للعادة ، فالشخصية التي تتميّز بالكاريزما ليست أيّ شخصية و لابد أن تتميّز عن الباقين و أكبر ما في الكاريزما من تحد هو بالبقاء على هذا المنوال .
وقد أسست التغيرات العربية بإيعاز غربي خفي ، لعبت فيه المخابرات الغربية دورها البارز لدحض الزعامات التقليدية خاصة أنّ سنوات السبعينات قد شهدت بروز زعماء عرب استلهموا مواقفهم تجاه الراهن الدولي من جمال عبد الناصر و أيضا من نهرو و غاندي و سوكارنو فتبنوا القضية الفلسطينية و المطالب الشعبية و نادوا إلى ضرورة اصلاح هيأة الأمم المتحدة و إعادة النظر في النظام الاقتصادي العالمي و الحفاظ على الثروات التي تزخر بها بلدان العالم الثالث و هي كلها مطالب تزعج العالم الغربي ، و السير في تحقيقها معناه تغير جذري في سياسة العالم و هو العالم الذي يصر الغرب على تسيّره و تزعمه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية . و استقلال العديد من البلدان في الستينات و السبعينات لا يعني أنّها في منأى عن استعمار جديد يتخذ أوجه عديدة و بالتالي لا الزعامة و لا الكاريزما في العالم الثالث سيصفق لها الغرب .
و تلعب العلاقة بين الزعيم و الشعوب الدور الأول في انغماسه في الكاريزما لأنّ شعور الشعوب تجاه زعيمهم يبدو كأنّه وعي سياسي و تفهم للظروف المحيطة بالدولة و الإقليم و القضايا التي تتبناها هذه الشعوب و إلّا كيف نفسر فتور الشعور بالقضايا المصيرية بمجرد موت الزعيم صاحب الكاريزما و معاناة الممارسة السياسية من الفراغ و عدم التوصل إلى ملء المناصب ،و بالتالي قلة قلية من أصحاب الكاريزما يستطيعون نقل تبني قضية إلى شعوبهم لأن بعد موتهم يتضح أن الشعب كان يحب الزعيم و ليس القضية التي تسقط من الاهتمام بالتقادم .
و من هنا ترتسم نقطة سوداء و تأخذ في كسب المساحة و هي صفة وجدناها لدى كثير من الزعماء الذين قال عنهم التاريخ الحديث أنّهم كانوا ذوي كاريزما و هي التوغل في مزيد من الاحساس بإحكام القبضة على الشعب و غالبا ما يصل هذا الاحساس إلى الغرور .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)