الجزائر

بحاجة إلى جهود حتى تحصل على مركزية حضورية في هذا العالم



أكدت غزلان هاشمي، أستاذة بجامعة محمد الشريف مساعدية بسوق أهراس، ورئيسة تحرير مجلة “جيل الدراسات الأدبية والفكرية الدولية المحكمة، أن أولى التحديات التي تواجه اللغة العربية هي عزلتها عن الاستعمال العام، مشيرة إلى أنها تعاني انحسارا بسبب موضعيتها المتعالية في المجتمع والتي فرضها سياق محدد استسهل العاميات على مستوى مؤسسات الدولة.وقالت غزلان هاشمي أن هذا الأمر أدى إلى انحسارها داخل المؤسسات الأكاديمية وبعض المجمعات التعليمية، مؤكدة بأن العدوى انتقلت إلى قاعة الدرس على مستوى الجامعات الجزائرية، حيث تقدّم المحاضرات بالعامية بدعوى تسهيل العملية التعليمية وإيصال الرسالة وتبليغها إلى عدد أكبر من الطلاب، هذا الاستسهال أو هذه الصّبغة التّبريرية وضعت اللغة العربية في مأزق وتأزّم، ما يفرض إعادة صياغة الوعي العام بما يحسس بأهميتها وضرورة الحفاظ عليها.
وأضافت المتحدثة أن ثاني هذه التحديات الاستعارة اللغوية، من خلال هيمنة مصطلحات غيرية منبثقة من سياق مغاير، وهذا دليل على انتشار عقلية التطابق، وهي نتيجة فعلية لوجود التحدي الأول، مشيرة إلى أن هذه الازدواجية الثقافية رغم أنّها تدّعي احترام التعدد إلاّ أنّها تضمر أحادية فكرية هي نتاج للإمبريالية النفسية والثقافية، حيث تطالب بتهميش العربية بدعوى ضعف طاقتها الاستيعابية وضرورة تغييرها بلغة أكثر تطورا.
الدّعاوى المتحاملة على اللّغة العربية تهدف إلى خلق هوية مستعارة
وطالبت الأستاذة هاشمي بضرورة الانتباه إلى الدعاوي المتحاملة على اللغة العربية، والتي تدّعي تخلّفها وعدم قدرتها على استيعاب الشروط الحضارية الآنية ومواكبة التطور، حيث أنّها تهدف إلى إرباكها ومن ثمّة القضاء عليها بهدف خلق هوية مستعارة.
غزلان هاشمي أكدت بأن المتمعّن في واقع العربية يلحظ الكثير من المجازر اللغوية، لتكون لغة هجينة مشتّتة هامشية منفلتة معياريا، لغة مزيج من اللهجات واللغات تعبر عن أزمة على مستوى الوعي الجمعي، يحاول البعض حصره في الطاقة الاستيعابية من أجل التغطية على واقعها الحقيقي.
وترى بأن اللغة العربية تحتاج إلى الكثير من الجهود حتى تحصل على مركزية حضورية في هذا العالم، والتي يمكن إجمالها في آلية الاستيعاب بشرط الترفع عن الابتذال، وفي آلية الانتقاء أو الانتخاب، حيث مراعاة السياق الحضاري وكذا الخصوصية الاجتماعية، وأشارت المتحدثة إلى أن النهوض بلغة الضاد بالترفع عن السطحية والابتذال وعدم استخدام العاميات، مشيرة إلى أنه لا يوجد لغة بحمولة حضارية في العالم ليس في استطاعتها تقديم رؤيتها، وقالت صحيح أنها ستتحيّز للنسق الحضاري الذي ولدت فيه، إلا أنها تستطيع تمرير رسائلها ونشرها على نطاق واسع بشرط الاستيعاب العقلاني غير المستلب.
وقدمت غزلان هاشمي مثالا عن الخطاب الإعلامي، قائلة بأنه كأي خطاب إنساني يمكن للغة العربية أن تقدمه بشكل جيد إذا كان التركيز فيه على القضايا الإنسانية التي تهم الفرد والمجتمع، مؤكدة في سياق حديثها بأن الصحافة الجزائرية المكتوبة والسمعية البصرية، أسهمت في صنع راهنية مشوشة بسبب الاغتراف من قاموس الشارع، وحجتها في ذلك مراعاة الأذواق ومسايرة مستوى المتلقي، وقالت بأن اللغة المقدمة أقرب إلى العامية، منتهكة ومبتذلة وسطحية عارضة مليئة بالأخطاء، وأشارت إلى أنه لا يجب أن نعمّم الحكم فهناك العديد من المجهودات التي بذلت مؤخرا من أجل خلق صحافة نوعية، والدليل ظهور بعض المحاولات الجادة حتى وإن لم تكن كافية على مستوى الجرائد والقنوات الخاصة والتي تحفظ بعض ماء الوجه.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)