عرفت الجزائر مؤخرا رواجا كبيرا لمحلات بيع الأعشاب الطبيعة والزيوت النباتية. ويعتقد البعض أنها ظاهرة إيجابية في بلاد تزخر بالكثير من الأعشاب الطبية، فيما يرى آخرون أنها تهدد الصحة العمومية خاصة مع غياب المراقبة عليها.
هناك صعوبة كبيرة في معرفة العدد الحقيقي لتجار الأعشاب الطبيعة والزيوت النباتية في الجزائر لانعدام إحصائيات دقيقة لدى الجهة الوصية، وممارسة أغلب الأشخاص نشاطهم خارج الإطار القانوني ودون علم السلطات.
فالإحصائيات الأخيرة المقدمة من طرف المركز الوطني للسجل التجاري تسجل وجود 2189 تاجر متخصص في بيع الأعشاب الطبيعية، يوجد العدد الأكبر منها بالعاصمة. وهو رقم ضعيف جدا، لا يعكس الانتشار الواسع لتجارة هذه المواد، يقول فؤاد حميسي، صاحب شركة "الإبريق" للأعشاب الطبيعية والزيوت النباتية. ويضيف لدويتشه فيله "إن تجارة الأعشاب الطبيعية تزايدت بشكل كبير في السنتين الأخيرتين، حيث يندر أن تجد حيا من أحياء الجزائر يخلو من بائع أعشاب".
وعن الأسباب الرئيسية لإقبال المواطنين على هذه المحلات، يقول "ساعد"، صاحب محل للأعشاب بالسوق المغطاة بباب الزوار "إن انهيار القدرة الشرائية للمواطنين وغلاء الدواء بالصيدليات يعتبر السبب الرئيسي وراء لجوء أغلب المرضى إلينا، خاصة بعد التأكد من مدى فاعلية هذه المستحضرات الطبيعة في علاج الكثير من الأمراض، وتخفيف آلام ومضاعفات أمراض أخرى".
وعن الطريقة التي يعتمدها أصحاب المحلات في تشخيص علل زبائنهم، يضيف سفيان، صاحب محل بالرويبة "نحن لا نقوم بالتشخيص فالطبيب وحده يقوم بذلك، نحن نقوم بإعطاء الدواء بناء على تشخيص الطبيب وإفادات المرضى، لذلك نلزم زبائننا في بعض الحالات مثل مرضى السرطان والعقم بإجراء تحليلات قبل إعطائهم الأعشاب والجرعات المناسبة"، ويؤكد صاحب شركة "الإبريق" في هذا السياق، بأن بعض الأمراض لا يمكن علاجها بالأعشاب الطبيعية، وهناك أمراض أخرى تكون الأعشاب الطبيعية مكملة للأدوية الكيماوية أو مخففة لمضاعفاتها.
وعن تقدير هؤلاء لطبيعة الحالة خاصة وأنهم ليسوا على دراية بمهنة الطب، يضيف ساعد "الحالات التي يساورنا فيها الشك نستعين فيها ببعض الأطباء الذين يتعاونون معنا هنا بالمحل، ولديهم خبرة وإطلاع كبيرين في التداوي بالأعشاب الطبيعية.
أجمع من تحدثت إليهم دويتشه فيله من الزبائن المرضى، على نجاعة ما سموه"الطب الشعبي" في علاج الكثير من الأمراض، حيت تؤكد "أم عبد الملك" أنها ومنذ ثلاث سنوات تقريبا تلجأ فقط لمحلات بيع الأعشاب الطبية عند مرض أولادها، وأصبحت مع الأيام لديها خبرة هي الأخرى بهذه الأعشاب وخصائصها، وترجع الفضل في توجهها لهذا النوع من العلاج إلى الحصص التلفزيونية على القنوات الفضائية التي تشيد بالطب البديل وإيجابياته الكثيرة، و تضيف لدويتشه فيله وهي تضحك " يمكنك أن تقول لقد غيرت الطبيب والصيدلي بالأعشاب، والحمد لله، أولادي ينعمون بصحة جيدة بفضل هذه الخلطات الطبيعية".
تجربة أم عبد الملك الناجحة مع العشابين جعلت الكثير من زميلاتها في العمل وجيرانها يحدون حدوها في اللجوء إلى "الطب الشعبي"، وبذلك ازداد عدد زبائن هذه المحلات و توسعت تجارتهم. عبد المجيد (31 عاما) تعرف على احد بائعي هذه الأعشاب بالصدفة، يحكي معاناته مع المرض، وأسباب شفائه لدويتشه فيله فيقول "لقد زرت العشرات من الأطباء في مختلف المناطق، ولم تنجح كل الأدوية التي تناولتها في تخفيف الألم والقلق اللذان حولا حياتي إلى جحيم، وبالصدفة اشتريت من أحد التجار علبة بها خلطة من مجموعة أعشاب طبيعية، والتي داومت على تناولها لمدة ثلاثة أشهر، والحمد لله أنا بخير الآن واختفت كل متاعبي مع الأطباء والمرض".
المريضة بسرطان الثدي ساءت بعد مواظبتها على زيارة هؤلاء العشابين، وتم استغلالها بشكل بشع، فقد استولوا على كل ما تملك من أموال مقابل وعدها بالشفاء. وقالت لدويتشه فيله "معاناتي بدأت منذ سنتين عندما اكتشفت إصابتي بسرطان الثدي، نصحتني حينها جارتي بأن هذا المرض عجز الطب الحديث في علاجه، وأنه عليّ بالعلاج الطبيعي، زرت خلالها العديد من العشابين، الذين وصفوا لي خلطات متعددة ومختلفة، وبقيت على هذا الحال لمدة سنتين، ولأنه لم أكن أشعر بالألم فكنت اعتقد باني شفيت، غير أني اكتشفت بعد تحليلات طبية بأن المرض انتشر في الرئتين والكبد وأني تأخرت كثيرا عن العلاج الكميائي، وهذا هو حالي كما ترى"، واسر لنا ولدها بان الأطباء هنا يقولون أن حالتها متقدمة الآن، ولا يمكنهم محاصرته.
ويدافع تجار الأعشاب عن مهنتهم بالقول "إنه يجب التفريق بين المشعوذين والسحرة الذين يستعملون نفس هذه الأعشاب، وبين المستحضرات التي نبيعها حيث ثبت علميا في مختبرات أوروبا وأمريكا فائدتها في علاج الأمراض، وكذلك بينهم وبين من يعرضون هذه الأعشاب دون أدنى شروط النظافة والحماية". وهو رأي يقبله الدكتور عثمان سليماني المختص في أمراض الحساسية والربو بمستشفى مصطفى باشا، ويقول لدويتشه فيله "أنه لا يوجد تعارض في استخدام بعض الأعشاب مع متطلبات علاج بعض الأمراض، لاسيما المستعصية منها".
ودعا الدكتور سليماني في هذا الإطار إلى أن يكون بائعو هذه المواد على إطلاع بمكونات هذه الأعشاب وخصائصها، ومراقبة كل هذه المحلات من طرف لجنة مختصة بوزارة الصحة، لأن الكثير من البائعين يهددون الصحة العمومية، وتكلف ممارساتهم صحة المواطن وخسائر فادحة على الخزينة العمومية، وأضاف "يبدو أننا اصحبنا بحاجة ماسة لإنشاء المعاهد والمراكز لتكوين الشباب في هذا المجال، للاستفادة من خيرات البلاد من الأعشاب الطبية والتقليص من حجم البطالة التي تتزايد كل يوم بأرقام مخيفة".
رقم الهاتف من فضلكم
abdou - بائع - tissmsilt - الجزائر
11/10/2011 - 20550
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 26/05/2011
مضاف من طرف : infoalgerie
صاحب المقال : توفيق بوقاعدة – الجزائر