يشير مسؤولون ومحللون إلى استفادة جزئية للجزائر من الأزمة التي يشهدها قطاع السياحة في تونس المجاورة ومصر والمغرب تتمثل بالخصوص في انتعاش محتمل للسياحة الداخلية دون استقطاب حقيقي لملايين السياح الذين كانوا يقصدون تلك الوجهات السياحية كما هو حال إسبانيا وبدرجة أقل تركيا.
ويعود ذلك إلى أسباب داخلية ترتبط بمسائل هيكلية تتعلق بقطاع السياحة الجزائري والوضع الأمني.
وفي هذا السياق يؤكد محمد ملاح المسؤول في أكبر الوكالات السياحية الجزائرية أن "البلد غير مستعد لاستقبال أعداد كبيرة من السياح نظرا لعدم كفاية الفنادق والمنتجعات السياحية".
وتوجد في الجزائر عشرة فنادق من صنف 5 نجوم و1170 فندقا آخر منها 1100 فندق تابع للقطاع الخاص و70 فندقا قطاعا عاما، وجل الفنادق الخاصة ليست مصنفة، حسب وزارة السياحة.
ويضيف ملاح المسؤول في وكالة "دام تور" أن كثيرين يتحدثون "عن استغلال ما يحدث في تونس ومصر لجلب السياح إلى الجزائر، ماذا يعني هذا؟ أتظنون أنه بين يوم وليلة سنبني الفنادق بعصا سحرية؟".
ويؤكد ملاح أن "ما يمنع السياح من القدوم إلى الجزائر هو غياب المرافق على الساحل في الشمال" ولكن أيضاً "تدهور الوضع الأمني في الصحراء" بسبب نشاط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي خصوصا عمليات اختطاف السياح الأجانب.
وكانت الإيطالية ماريا سندرا مارياني (53 سنة)آخر ضحايا القاعدة في الثالث من فبراير الماضي في منطقة ايليدينا (25 كلم جنوب جنات بولاية ايليزي جنوب شرق الجزائر).
وينشط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي انطلق من الجزائر، في مالي والنيجر وموريتانيا ويحتجز فضلا عن الإيطالية، أربعة فرنسيين خطفوا منتصف سبتمبر 2010 في شمال مالي. وكانت الخارجية الفرنسية حذرت رعاياها من زيارة المناطق السياحية في الصحراء الجزائرية في جانت وتمنراست.
ومن الناحية الرسمية نفى وزير السياحة الجزائري إسماعيل ميمون، أن تكون الحكومة الجزائرية "قد فكرت بأي شكل من الأشكال أو صيغة من الصيغ، في استغلال الأوضاع الناتجة عن الاضطرابات التي عاشتها وتعيشها كل من تونس ومصر، لدعم الحركة السياحية في الجزائر".
وتشكل السياحة أحد أهم أعمدة الاقتصاد في تونس التي يتوافد عليها أكثر من سبعة ملايين سائح سنويا بينهم مليون جزائري. وتراجعت العائدات السياحية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي بأكثر من 40 بالمائة مقارنة بالعام الماضي، بحسب أرقام رسمية.
وخسرت مصر 2.27 مليار دولار من عائدات قطاع السياحة منذ الإطاحة بنظام حسني مبارك قبل ثلاثة أشهر، بحسب وزارة السياحة في حين أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تراجع عدد السياح بنسبة 60% خلال مارس 2011 مقارنة بالشهر نفسه من العام 2010.
غير أن محمد أمين حاج سعيد مدير عام الديوان الوطني الجزائري للسياحة أكد بدوره " نحن لا نعول على مشاكل تونس ولا مصر" مضيفا "لدينا سياسة سياحية مرسومة إلى أفق 2030 ونحن نثق في استراتيجيتنا".
وقال مدير الهيئة المكلفة بتسويق صورة الجزائر في الخارج، إن "الجزائر ستفرض وجودها" ليس بسبب مشاكل الجيران بل "لسبب بسيط هو أن الإمكانات السياحية الجزائرية فريدة ولا يمكن إيجادها في أي مكان آخر في المنطقة"، كما يؤكد.
غير أن ذلك بدا غير مقنع لمحمد ملاح الذي قال "منذ 1997 عندما بدأت العمل في الميدان والوزراء المتعاقبون يرسمون خططا لتطوير السياحة في الجزائر ولا شئ تغير، بل إن الاستراتيجية التي يتحدثون عنها غير واضحة بالنسبة لنا".
وإذا كان احتمال تغيير الأوروبيين وجهتهم من تونس أو مصر إلى الجزائر يبقى ضعيفا إلا أن الجزائريين المغتربين خاصة في فرنسا الذين تعودوا على قضاء عطلة الصيف في تونس قرروا العودة إلى الجزائر.
وحسب اربوش مولود مدير فندق الرمال الذهبية بزرالدة بالضاحية الشرقية للجزائر العاصمة فإن "حجوزات الجزائريين المغتربين ارتفعت هذه السنة 14 بالمائة مقارنة بسنة 2011".
ويقول "لا أظن أن الوضع في تونس أثر على السياحة الجزائرية، لكن أظن أن تحسن الوضع الأمني في الجزائر جعل السياح المتعودين على زيارة الجزائر يعودون". ويقصد بهؤلاء المهاجرين والفرنسيين الذين كانوا يعيشون في الجزائر قبل الاستقلال أو ما يعرف "بالأقدام السوداء".
ولاحظ ملاح أن تونس "قد تعيش هذه السنة أو ربما السنة القادمة أيضاً أزمة في قطاعها السياحي، لكن الأزمة لن تدوم فبمجرد مرور هذه الفترة فهم مستعدون للانطلاقة من جديد بفضل هياكل الاستقبال والخبرة".
وأعلنت وزارة التجارة والسياحة التونسية في أبريل أنها ستطلق حملة كبيرة بهدف تشجيع السياح الجزائريين على القدوم إلى تونس إثر تراجع وتيرة توافدهم بنسبة 35 بالمائة خلال الفصل الأول من 2011.
ويشير خبراء في القطاع إلى أن الجزائر تجد صعوبات كبيرة في استقطاب السياح المحليين، الذين يهجرون السواحل الجزائرية باتجاه الشواطئ التونسية بسبب "توفر أماكن الإقامة وانخفاض الأسعار وجودة الخدمات".
في نفس الأثناء أظهرت معطيات إحصائية أن أكبر المستفيدين من الاضطرابات التي واكبت ثورتي تونس ومصر هي إسبانيا خصوصا أرخبيل الكناري قبالة المغرب. وخلال شهر يناير المنصرم، زار إسبانيا 2.66 مليون سائح أي بزيادة بلغت 4.7% مقارنة مع يناير 2010،وهي الأولى من نوعها منذ 18 شهرا، بحسب وزارة السياحة الإسبانية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/05/2011
مضاف من طرف : infoalgerie
المصدر : ا ف ب