الجزائر

انتصرت إيران وكوبا وخاب العرب!



انتصرت إيران وكوبا وخاب العرب!
شكلت سنة 2015 فأل خير على دول محور الشر مثلما تعرّفها أمريكا، ففيها رفع الحصار عن كوبا، حصار استمر أكثر من نصف قرن، وفيها أيضا توصلت أمريكا والدول الأوروبية الكبرى إلى إبرام اتفاق بعد قرابة ال12 سنة من المفاوضات المتقطعة حول المشروع النووي الإيراني.وهكذا سيتم رفع عقوبات استمرت أكثر من 35 سنة عن إيران، وهو الاتفاق الذي يرى البعض أنه سيغير وجه الشرق الأوسط، الذي يمر بأسوأ مرحلة في تاريخه، تمزقه حروب مصالح وهوية، حيث لم تكلف أمريكا نفسها عناء بحث طرح الحلول السلمية، سواء في العراق أو في سوريا أو ليبيا التي دمرتها وحلفاؤها في رمشة عين وفتحتها على كل المخاطر. فمنذ يومين فقط، صرح رئيس المخابرات المركزية الأمريكية أن دولتين قد محيتا من خريطة الشرق الأوسط، ويتعلق الأمر بالعراق وسوريا.أمريكا تغير محور الشر إذن وتضع استراتيجية جديدة في علاقتها مع إيران الفارسية، التي دفعت حلفاءها في الخليج إلى العمل على شيطنتها ومحاربتها ومنعت كل تقارب معها، لإضعافها، بل لإضعاف الخليج ليبقى حكامه وثرواته رهن إشارتها.ها هي إيران تصمد أمام الحرب الإعلامية والحصار الاقتصادي الذي فرضته عليها أمريكا وحليفتها إسرائيل، ودعمته دول الخليج التي ترى اليوم أن إيران أخطر من إسرائيل وأن محاربة الشيعة أولى من محاربة اليهود وتحرير فلسطين.ما كان لإيران أن تحقق هذا، وتفتك هذا الاتفاق من الدول الكبرى والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لو لم تعتمد على قوتها الداخلية المستمدة من عمقها الثقافي ومن حضارتها التاريخية.صحيح أن الاتفاق سيكبل إيران ويمنعها من كسب السلاح النووي ويلزمها التخلي عن 98٪ من الأورانيوم المخصب، مقابل التنازل التدريجي عن العقوبات، لكن الأكيد أن إيران حسبت حسابها ورأت أنها لن تكسب شيئا من وراء امتلاك السلاح النووي الذي لم يعد وسيلة ردع. فباكستان التي دخلت منذ سنوات النادي النووي، لم تحمها قنبلتها النووية من الفوضى المستشرية في الداخل، ولا من العنف ولا من التدخل الأمريكي الذي ما زال يعيث فيها فسادا ويرهن استقلال قرارها.لكنها، وأقصد إيران، بتخليها عن المشروع النووي ستكسب الكثير من رفع العقوبات التي كبلت اقتصادها وأضرت بصادرات نفطها، وستستفيد الصناعة الإيرانية من رفع العقوبات بغزو أسواق العالم، التي غابت عنها بسبب الحصار تاركة المجال مفتوحا أمام الصين. وهذا هو الذي يزعج إسرائيل التي عملت رفقة دول الخليج كل ما أمكنها لتمنع التوصل إلى اتفاق ومنع إيران من امتلاك النووي بضربة عسكرية لمفاعل أبو شهر. فإسرائيل التي عملت على تفتيت كل قوة عربية وتدمير كل الجيوش العربية في محيطها، لا تريد أن تخرج إيران من القمقم وتهدد أمنها ومستقبلها، بعدما تم تدمير العراق وسوريا ومصر التي تتعثر في أزمتها الداخلية.إيران مثل كوبا، أثبتتا أنه يمكن الصمود أمام تهديد الإمبريالية العالمية، وأعطتا مثالا للشعوب عن كيفية الصمود أمامها، ولم تهزمها العقوبات ولا الحصار، إلى أن فرضت منطقها على أمريكا، وأجبرتها على البحث عن حلول أخرى غير الدمار والحروب، وهو ما لم تفهمه الأنظمة العربية التي تواطأت أحيانا ضد شعوبها مع الإمبريالية، التي فصلتها عن قواعدها وعرّتها من الشرعية، قبل أن تدمرها وتشيع الفوضى والإرهاب والكراهية بين شعوبها، وهي تواجه اليوم مصيرا مريبا.إيران مثل كوبا انتصرتا بذكاء وبوفاء لمبادئ السيادة التي قامت عليها الدولة، وحتى إسرائيل لم تخسر رغم رفض الاتفاق، لأن أمريكا ما كانت لتقبل به لو أنه يتعارض مع مصالح إسرائيل.الجزائر خاسرة أيضا من الاتفاق لأن أسعار النفط ستتراجع كثيرا!!




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)