الجزائر

انتخابات "الصاروخ" و "براد الشاي"!



انتخابات
مهما كان الشكل الذي سيظهر فيه البرلمان المصري الجديد، فالمؤكد أنه سيكون أفضل حالاً من ”البرلمان المهزلة” الذي حُل بحكم المحكمة الدستورية العليا في عهد ”الإخوان”، وكذلك البرلمان الذي سبقه وجرى تزوير انتخاباته في شكل فاضح وكان كل أعضائه من رموز الحزب الوطني الحاكم في عهد مبارك. أهم ما في موضوع البرلمان المقبل أن تجري انتخاباته في سلام، وأن يُشكل بالفعل وأن يبدأ جلساته، بغض النظر عن نوعية النواب وانتماءاتهم، أو حتى صلاحياتهم لأن يكونوا نواباً، أو مدى كفاءاتهم أو قدراتهم في التشريع والرقابة. ليس لأن المنافسة الحقيقية في الانتخابات ستنحصر بين المنتمين إلى الحزب الوطني المنحل ومرشحي حزب النواب السلفي، لكن لأن النظام الانتخابي كله لا يمكن أن يفرز برلماناً مثالياً أو نموذجياً.المهم لمصر الآن أن تكمل خريطتها السياسية وخطوتها الثالثة بعد الدستور والانتخابات الرئاسية، تحتاج إلى وقت طويل حتى يكون لديها برلمان لا يثير الجدل ولا يكون مادة خصبة للسخرية في برامج الفضائيات. نعم هناك بعض استثناءات في شأن نوعية النواب، وصحيح أن محاولات جرت لعلاج بعض المعضلات القانونية البرلمانية، وحقيقي أن الانتخابات المقبلة ستعتمد على القوائم والترشيحات الفردية، ما يوحي بأن الناخب سيكون أمام خيارات عدة، وسيفاضل بين المرشحين ويختار من يعتقد أنه الأفضل، لكن ما دام نظام ”الرموز الانتخابية” معمولاً به في الانتخابات فلا أمل في برلمان مثالي معبر عن إرادة الناخبين، تكون لديه الصلاحيات والقدرات على وضع التشريعات وممارسة الرقابة على الأجهزة التنفيدية.لا بد من الإشارة إلى أن ارتفاع نسبة الأمية بين المصريين جعل القائمين على التشريع يُلزمون كل مرشح في أي انتخابات باختيار رمز له يوضع في لوائح الترشح ولافتات الدعاية إلى جوار اسمه، على أساس أن بعض الناخبين، أو قل الكثيرين منهم، قد لا يعرفون المرشح أو لا يستطيعون قراءة اسمه لكنهم بكل تأكيد سيعرفون رمزه! على ذلك فإن أعداداً غير قليلة من الناخبين يتوجهون إلى لجان الاقتراع لينتخبوا ”ساعة اليد” أو يختاروا ”الهلال” أو يفاضلوا ما بين ”رغيف العيش” و ”الصاروخ”. هل يمكن لانتخابات تقوم على هذه الأسس أن تُنتج برلماناً سليماً؟ بالنسبة الى الانتخابات المقبلة فإن اللجنة العليا للانتخابات حددت 70 رمزاً لمرشحي القوائم تختار كل قائمة رمزاً، وإذا كانت غالبية الناخبين لا تعرف أصلاً أسماء المرشحين في القوائم فلديها الفرص للاختيار بين ”السيارة” و ”المركب الشراعي” و ”الفانوس” و ”النخلة” و”الهرم” و ”السلم” و ”التليفون” و”الطائرة” و ”زهرة اللوتس” و ”الفأس” و”الكتاب” و ”سنبلة القمح” و ”القلم” و”الوردة” و ”الشمعة” و ”القطار” و ”أبو الهول” و ”الأباجورة” و ”العين” و”العصا” و ”المقص” و ”الهلب” و”النضارة” و”عجلة القيادة البحرية” و ”الشمعدان” و”المصباح الكهربي” و ”ساعة الحائط” و”العلم” و ”القبعة” و ”كرة القدم” و”الصاروخ” و ”النمر” و ”لوزة القطن” و”برج الكهرباء” و ”الشمس” و ”النافذة” و”القلادة” و ”الخريطة” و ”طابع البريد” و”القبة” و ”ثمرة الذرة” و ”الماسة” و”الصندوق” و ”السجادة” و ”القوس” و”مروحة السقف” و ”الكأس” و ”مضرب التنس” و ”براد الشاي” و ”الجرار الزراعي” و ”الطاووس”.تعاني مصر نظاماً تعليمياً متدنياً أفرز أجيالاً لا تستطيع النهوض بالبلاد، ولا يتوقف الخبراء عن التأكيد على ضرورة البدء بإصلاح التعليم حتى تنصلح أحوال باقي مؤسسات الدولة، ويزيدون بأن الفوضى التي ضربت البلاد بعدما جرى في 25 كانون الثاني (يناير) 2011 سببها انتشار الأمية والجهل، حتى بين المتعلمين. وإذا كان ملايين لا يستطيعون قراءة اسم المرشح فكيف سيفهمون برنامجه الانتخابي مثلاً! ولأن الانتخابات صارت ”لعبة” تجذب ”المشتاقين” والراغبين في ”خدمة الوطن” وهم صاروا كُثر، فإن القائمين عليها وجدوا أنفسهم مضطرين بالنسبة الى مرشحي المقاعد الفردية إلى تخصيص نحو مئة وستين رمزاً، وتكفي الإشارة هنا إلى أن بينها ما يجعل المرشح يخجل من رمزه، ما يفسر الازدحام والشجار والفوضى التي تضرب مقار تقديم طلبات الترشح، حيث التنافس للابتعاد عن الرموز المخجلة ك ”لمبة الجاز” و ”المشط” و ”الملعقة” و ”سخان المياه” و ”طفاية الحريق” و ”ثمرة الموز”، والاستماتة للفوز برموز مشرفة ستنفع صاحبها في دعايته الانتخابية ك ”الأسد” و”السيف” و ”السكين” و ”القطار” و”الحصان”. هنا لا يمكن الاستدلال على أن مصر حُكمت بواسطة جماعة ”الإخوان المسلمين” لمدة سنة، وأن الرئيس كان يحمل درجة الدكتوراه، وأن بعض الوزراء في عهده، وكذلك أعداد كبيرة من رموز الجماعة، يحملون شهادات علمية كالماجستير والدكتوراه، إذ إن ذلك هو أكبر دليل على تدني مستوى التعليم في مصر!




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)