الجزائر

ال «وان مان شو» بين الضرورة و المصلحة



الكثير من ممارسي المسرح يسقطون في خطأ استخدام المونولوج كمصطلح لما يسمى ب « الوان مان شو «، في حين أن المونولوج يعتبر جزء من المسرحية. و لقد انتشر هذا النوع المعروف بالعرض الأحادي في فترة الثمانينات ليس كميول لنوع مسرحي و إنما لأسباب ودوافع اقتصادية محضة ،حيث أجبرت الأزمة المالية التي مست أبي الفنون الكثير من الفرق المسرحية على إعادة النظر في طريقة تقديم عروضها وحتى في ترتيباتها البشرية في محاولة لتقليص النفقات. هذه الفترة من الزمن شهدت اختفاء عدد كبير من الفرق المسرحية الهاوية في الوقت الذي أفرغت فيه أخرى من وعائها البشري و لجأت إلى العرض الأحادي أو ما يسمى ب « ال « وان مان شو» ، لما في اللون المسرحي من امتيازات مادية خاصة و عدم حاجته لإمكانيات كبيرة و لا نفقات كثيرة. بحيث لا يتطلب تقديم عرض ال « وان مان شو» أكثر من شخصين إذا احتسبنا التقني إلى جانب الممثل و لا أكثر من حقيبة تحمل فيها بعض الإكسسوارات و الألبسة. و من هنا برزت عدة أسماء وتخصصت في هذا اللون المسرحي على غرار العمري كعوان ،حكيم دكار ، و آخرين. و ساهم الإعلام المرئي في الترويج لهذا النوع الذي كان جديدا بالنسبة للجزائريين و هذا ما دفع بالجميع بالتوجه إلى هذا النوع المسرحي ، حتى و إن كانت رغبة البعض منهم لا تخرج عن حب الممارسة المسرحية و خوض التجارب الجديدة لا غير، فإن السواد الأعظم من المقبلين على مسرح العرض الأحادي كانت تدفعهم المصلحة المادية و الربح الأوفر بأقل تكلفة. و انتشرت الظاهرة إن صح التعبير كما تنتشر النار في الهشيم ما جعل كل من هب و دب يتحول بين عشية و ضحاها إلى مشروع عارض أحادي من دون أن يكلف نفسه عناء اختيار العرض المناسب للجمهور المناسب. هذا التهاون في اختيار مواضيع جادة دقيقة و واضحة المعالم من طرف دخلاء لا يملكون أدنى معرفة بحيثيات الفن الرابع ساهمت في إبعاد ما تبقى للمسرح من جمهور. بحيث أصبحت جل المواضيع التي تطرحها المونودراما فارغة من محتواها الجيد، وبعيدة كل البعد عن انشغالات الجماهير و لا علاقة لها بما يعيشه المجتمع ،و لم تفلح المهرجانات التي تأسست لاحتضان هذا النوع المسرحي من إحداث التغييرات المرجوة و تأصيل هذا الفن و إعادته إلى سكته الصحيحة. بل تواصلت الأعمال الرديئة و لا تزال مستمرة داخل قاعات مسرح شبه فارغة و مهجورة من الجمهور الذواق. و هنا أصبح من واجب الساهرين على الفعل المسرحي التدخل لوضع حد لهاته المهازل و تحديد شروط دعم أي عمل مسرحي ، بل وحتى منع عروض تسيء للمسرح و لا تحترم الجمهور.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)