الجزائر

الوفرة المشكلة !‏



سئل برنارد شو يوما عن الاشتراكية فأجاب ساخرا: "هي كرأسي.. غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع" وكان كثيف اللحية أصلع الرأس.
هذه الإجابة تنطبق على أسواقنا اليوم، حيث نجد الغلاء الفاحش في فترات الإنتاج الوفير دون أن نجد تفسيرا شافيا وافيا لهذه الظاهرة التي لا أساس منطقي لها، غير أن العارفين بخبايا السوق يؤكدون أن المشكل يكمن بالدرجة الأولى في حلقات الوصل بين المنتج والمستهلك بدءا من السماسرة إلى أسواق الجملة إلى تجار التجزئة، ذلك أن لعبة الأسعار تتم كلها في هذه الحلقة التي يضطر المنتج للتعامل معها ولو بالخسارة لأنه يدرك أنه في حال لم يخضع لمنطق السماسرة سيخسر حتى رأسماله، ويأتي الدور بعد ذلك على الحلقة الأخيرة في هذه السلسلة المتمثلة في المستهلك الذي يضطر إلى دفع فاتورة كل التلاعبات التي تجري قبل أن تصل السلع إلى تجار التجزئة بأسعار مضاعفة عدة مرات عن أصلها عند المنتج.
وبالتالي يطرح السؤال التالي: إذا كان الوسطاء والمضاربون هم سبب الغلاء والندرة المفتعلة في كثير من الأحيان، فأين الهيئات التي يتوجب عليها وضع حد لهذه الممارسات السلبية التي تدخل في باب الاعتداء على جيوب المواطنين وأخذ أموالهم بغير وجه حق؟
وما يزيد الطين بلة أن جميع الإجراءات والمبادرات التي اتخذت للحد من هذا الجشع والتلاعب بالسوق على حساب المستهلك الذي أنهكت قدرته الشرائية وهي الضعيفة أساسا لم تؤت أكلها، فلا الرقابة أرجعت الأوضاع إلى طبيعتها ولا المقاطعة حملت التجار على تخفيض الأسعار.
وبالنتيجة يكاد يجزم المتابع لأحوال الأسواق والتجارة أن الأمر لا يتعلق بجهل قواعد السوق لأنها قواعد منطقية تفرض نفسها على غير المتعلم قبل المتعلم، بل يتعلق بظاهرة مرضية مركبة لا يمكن علاجها بين ليلة وضحاها ولا بقرار يتخذ هنا وهناك وكأنه موجه لملائكة يفعلون ما يؤمرون..!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)