الوظيفة، قيود وإحباط

يمثل تغيير واقع حال التسيير الإداري في الجزائر إحدى المهمات الكبرى التي يجب القيام بها لتطهير القطاع من مظاهر الفساد وفسح المجال للكفاءات العلمية لأداء مهامها بشكل جيد على مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب .وكذا احترام المؤهلات والشهادات التي يحملها كل موظف إذ أنه من غير المعقول أن نجد في طابور البطالة و الباحثين عن منصب شغل بشق الأنفس، كفاءات عالية تحمل شهادات جامعية عليا ،تنتظر الحصول على أي منصب شغل كان و إن كان دون مستوى المؤهل الجامعي الذي يحمله طالب العمل، نعم مع كل الأسف نجد اليوم في القائمة الطويلة لخريجي الجامعات الباحثين عن فرصة عمل الكثيرين من حاملي شهادة الدكتوراه والماستر في كل المجالات لا يزالون ينتظرون وهو وضع ناتج عن البيروقراطية التي نخرت أوصال أنظمة الوظيفة العامة، ومختلف الإدارات والمؤسسات العمومية، التي أغلقت باب التوظيف في وجه الكثير من خريجي الجامعات بحجة عدم وجود مناصب شغل ، وفي حال توظيف البعض منهم فإن هذه الكفاءات الشابة المؤهلة لشغل مناصب قرار هامة في المستقبل تجد نفسها مقيدة بالبيروقراطية في كل صورها، ومحاصرة بنظام عمل وتسيير لا إبداع فيه ولا روح مبادرة ما دامت إداراتنا لا تتجدد ولا تبذل مساعي في تنمية مواردها البشرية عبر التكوين المتواصل والاطلاع على جديد التكنولوجيا في مجال التسيير والمانجمت كل هذا لا يحدث عندنا حيث لا نسمع عن دورات الرسكلة للموظفين، بل المؤسف حقا أننا عاجزين عن جعل مكان العمل مجالا للإبداع وتقديم الجديد من مبادرات وخطط عمل، ومن الطبيعي جدا أن يحدث مثل هذا عندما توضع العراقيل أمام الكفاءات الشابة، كثيرة هي مشاكل العمل والتوظيف في بلادنا تبدأ بالبطالة التي هي المحطة الأولى للمتخرجين من الجامعات لتبدأ رحلة الألف ميل بحثا عن منصب عمل حيث نجد الكثيرين يقبلون بأية فرصة وإن كلفهم ذلك تقديم بعض التنازلات و في الطريق عناء وتعب وبحث عن واسطة هنا وهناك وانتظار إلى أن تتاح الفرصة ويحصل الباحث على منصب و هنا يدخل مجال جديد البيروقراطية هي عنوانه الكبير الذي يقيد الطاقات المتفتحة و الحماس ،وينتهي الأمر بأن يصبح الموظف الجديد نسخة للموظفين السابقين المحيطين به بعد أن أحبط فيروس البيروقراطية كل نشاطه وطموحه .