الجزائر

الوطن والموطن والاستيطان



قد أتصور جيدا بنيامين نتانياهو وهو يبتسم تحت ذقنه عندما يعارض المجموعة الدولية برمتها لإرضاء المستوطنين. كانت ابتسامة صفراء تطفو على شفتيه وهو يهمس لبن إيلي عازر وإيهود باراك وليبرمان وغيرهم من متطرفي العصر. فيدك الأرض بكعبه من شدة الفرح، يقهقه ويردد: ''طز في أمريكا... طز في العرب...''، ضاربا على راحة يده. كانت نشوته كبيرة في تلك اللحظات، لحظات أقعد فيها الأمم على دبرها. كانوا يعتقدون جميعا أن هذا البلد مثل البلدان، يخضع لقانون البشرية، يحيى ويعيش ويتنفس مثلهم. لم يخطر في بالهم أن البلد هذا تحكمه طلاسم تتنافى والمنطق، أن البلد سقط من صفحات التاريخ المظلمة. أنه أنشئ في وقت تيه البشرية، في وقت التأنيب والندم والندب.فعندما يجلس بنيامين يستمع لأوباما وهو يحثه على التخلص من فكرة الاستيطان، ماذا كان إحساسه؟ كان ينظر إلى الرجل القوي في واشنطن بشيء من الغرابة والفضول لأنه كان متيقنا بأن مخاطبه لن يوقف الاستيطان، لأن أمريكا نفسها هي التي تمول الاستيطان، لأنه لا يمكن لأوباما أن يجهل ذلك إن كان رئيس الولايات المتحدة.إن منطق الأشياء يقول إن إسرائيل جزء من الغرب زرع في قلب المشرق حتى لا يفلت الشرق من مراقبة الغرب. وفعلا أضحت شبكة الرادارات والرقابة التكنولوجية الإسرائيلية في المنطقة تصور النملة حين تخاطب سليمان وجنوده. منطق إسرائيل مبني على امتلاك المساحة بكل الوسائل. والاستيطان يتحكم فيه طرفان أساسيان هما المستوطنون، الذين يأتون من مختلف الأماكن بحثا عن موطئ قدم، والأموال التي تتدفق من الدول الغنية. فما بنيامين وأمثاله سوى أبواق لهذه المعادلة. إذ لا يمكن لأي حاكم في تل أبيب أن يمشي في اتجاه غير اتجاه الاستيطان. هو البداية والنهاية.من المضحك إذن أن نتابع التصريحات الأخيرة على وقع ''التمديد الجزئي لمهلة تجميد الاستيطان''. إذ الجميع يدلي بدلوه في مسرحية محكمة.وأبو مازن يهدد تارة بالانسحاب من المفاوضات وتارة أخرى يهادن وكأنه يتعامل مع أناس عاديين. وفي الجانب الآخر أناس حماس يصرخون بكل ما أعطوا من قوة لإيقاظه. لكنه لا يسمع ولا يرى غير عيني الشقراء. فيظن نفسه كائنا قد يؤثر على الأحداث... وعندما تقع الواقعة يكتشف أنه يمتلك وطنا بلا عنوان. harichane_a@yahoo.fr نسخة للطباعة


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)