أشرفت وزيرة الثقافة مليكة بن دودة اليوم الثلاثاء، بالمكتبة الوطنية الحامة بالعاصمة، على افتتاح الندوة الوطنية الأولى "مالك بن نبي"، تحت شعار "في الإصغاء لشاهد على القرن"، باستضافة مُتدخّلين ومُحاضرين ودارسين لفكر ابن نبي وباحثين فيه من كل التراب الوطنيّ كلّه، إلى غاية 31 أكتوبر الجاري، كما أشرف الوزير الأول عبد العزيز جراد على تدشين إحدى قاعات المكتبة الوطنية باسم المفكر الراحل مالك بن نبي، وكذا زيارة المعرض المخصص لمؤلفاته.زينة.ب
وقالت وزيرة الثقافة، في كلمة الافتتاح، أن الاحتفاء بمالك بن نبي وتقدير مُنجزه ومنحه مكانته الحقيقية ليس صعبا، إنما يحتاج منّا الاعتراف بالتقصير في حق من فكر في لحظة انتشر فيها العقل العاطفي، وأن -تضيف- نستعيده من التاريخ ومن الآخرين، وأن نقرأه بكل عين صادقة سواء بالنقد أو بالمعارضة أو التأويل، ففي النهاية -تقول- لا يمكن أن يحيد بن نبي من التاريخ الفكري والإسلامي إلا من يتنكر للعقل. وأضافت "بدورنا لن ندعي السبق في تقديره ولن نحتكره فهو رجل متعدد وعالمي يقرؤه المسلم وغير المسلم"، مشددة على ضرورة منح الرموز الثقافية الجزائرية تقديرها الواجب وربط ذاكرة المجتمع الجزائري باستمرار مع من شُغل فكريا وثقافيا بالأمة الجزائرية.
وأضافت الوزيرة، أن مالك بن نبي بيننا ونحن فيه؛ بيننا لأنه سعى لتفسير الظواهر الثقافية والحضارية التي تعنينا جميعا، واقترح من موقعه علاجات لمآزقنا؛ ونحن فيه -تضيف- باعتبارنا مجتمعه الذي شغله وحمل همّه وفكر فيه، كما كان أيضا رؤيويا حين تأمل العالم خارج العزلة القطرية وراح يبشر بفكرة التلاقي الفكري الذي دعا إليه، فهو قد انطلق من تأسيسٍ فلسفي واجتماعي واقتصادي وثقافي، فبعد -تشير- عقود من الزمن حقق العالم الغربي تكتلات بن نبي المبنية على المعرفة والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد. وتحدثت بن دودة عن الأمم التي تحفظ أساطيرها وحكاياتها الشعبية ورموزها التاريخية والفكرية، ما يحيلنا إلى التساؤل عن مدى تواجد رموزنا نحن وما تبقى منها، نظرا للعتم الذي يطال شخوصهم ومُنجزاتهم من قبل من يُفترض بهم الانتباه للمُنجز قبل أن يستميلهم الرأي الطائش الارتجالي في منصات مُبتذلة أحيانا، ويحدث هذا -تضيف- في الأدب والفن والفلسفة وغيرها، حيث يفقد المجتمع بممارسات مشابهة معالمه التي يتأسس عليها.
وتابعت أن الفكر هو الذي يبقى من المفكرين، فحتى ونحن ننتقد أفكارهم ونواجهها بطرح أو نعارضها بفكر، فنحن في الحقيقة نقول اعترافا ونؤكد قدرتهم على تحريك أدواتنا الفكرية واختيار معارفنا واكتشافاتنا، مضيفة بالقول أن مالك بن نبي رجل صاغ المعنى في لحظة فارقة من تاريخنا، وبينما كان السؤال وجوديا والارتهال وقت الاستعمار اختار هو طرح أسئلة جذرية وبلغ الجوهر، فقد كان يأمل في العقل وبالضبط في عقل ينتمي لفضاء التفكير المحرج، فضاء انتكس وحاصرته أسباب اللاتفكير ثم شاع فيه مزيج غير مسبوق بين الوهم والاستسلام، وتحولت -تقول- اليقينيات على رأسها العقل إلى مجال شك وسؤال كالمعرفة والوجود، إلى يقينيات لا تُجادل، وفي هذا الشرط الصعب -تؤكد- أخرج بن نبي طروحاته وكانت الثقافة مسألته وقدّم للجزائريين كأمة نمطا جديدا ورؤية مشرقة.يُذكر أن الندوة تجري إلى غاية 31 أكتوبر الجاري بالمكتبة الوطنية، ويتم فيها تقديم فيديوهات ورسائل عائلية وشهادات حيّة حول فكر الراحل ابن نبي، كما تنظم خلال هذه التظاهرة بالمكتبات الرئيسية للمطالعة العمومية ودور الثقافة عبر الولايات وفاء للذاكرة الثقافية للجزائر وإحياء لرموز التفكير والثقافة.
وكانت وزارة الثقافة والفنون قد أعلنت عن الندوة الأربعاء الماضي، وجاء في بيان لها حينها "وفاء للذّاكرة الثّقافيّة للجزائر وإحياءً لرموز التّفكير والثّقافة، تنظّمُ وزارة الثّقافة والفنون، النّدوة الوطنيّة الأولى مالك بن نبي من 27 إلى 31 أكتوبر، لقد قدّم جيل مالك بن نبي الكثير باختيارهِ الخصوصيّة الثّقافيّة، ودفاعه عن الشّخصيّة الجزائريّة الأصيلة، ولحفظ الذّاكرة الثّقافيّة الوطنيّة، فإنّه من المهمّ أن نصغي لاسمٍ من الأسماء التي صنعت الاختلاف، وقدّمت المُساءلات للوقائع، واستشرفت بأدواتها المستقبل، وتركت إرثا كبيرا ما زال وهجه يضيء العقول"، وأضاف البيان "إنّ مالك بن نبيّ رجل عابر للّحظات، ومن هذا الباب قرّرت وزارة الثّقافة والفنون، بتعليمة من الوزيرة، الدكتورة مليكة بن دودة، أن يكون التعبير عن مكانة الرّاحل ابن نبيّ بقراءة منتجه ومعادلته في المسائل الرّاهنة، خاصّة ما تعلّق بالثّقافة وقضاياها".
ويعتبر مالك بن نبي (1905- 1973) من أهم المفكرين في العالم الإسلامي في القرن العشرين حيث تخصص في مفاهيم "مشكلات الحضارة" و"قضايا الاستعمار" و"الثقافة" و"الفكر الإسلامي" و"شروط النهضة" وقد عرف خصوصا بفكرته الشهيرة "القابلية للاستعمار"، وللراحل أكثر من ثلاثين كتابا بالفرنسية والعربية من أشهرها "الظاهرة القرآنية" (1946) و"شروط النهضة" (1948) و"فكرة كومنولث إسلامي" (1958) و"مشكلة الثقافة" (1959) و"مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي" (1970) وأفكاره تدرس إلى اليوم في مختلف جامعات العالم.زينة.ب
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/09/2020
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الجزائر الجديدة
المصدر : www.eldjazaireldjadida.dz