الجزائر

الوالد كان يدفع بهما إلى مد اليد في البليدة تقتل زوجها لإنقاذ ابنتيها من التسوّل



عاد الضحية إلى كوخه العتيق وهو في حالة غضب شديد، وسأل زوجته عن ابنتيه ز و ف ، فردت الأم في هدوء بأنهما في الداخل منشغلتان بالدراسة وترتيب غرفتهما.. لحظتها لم يتمالك الوالد نفسه فأراد الدخول إلى الغرفة لمعاقبتهما، لكن الأم منعته ودفعته إلى الخلف، ففقد توازنه وهوى على حافة مائدة كانت قريبة منه فأصيب في رأسه، وما هي إلا ثواني حتى توفي.  أوقف المحققون الوالدة ليتم إيداعها الحبس على ذمة التحقيق، وباشروا معها الاستجواب رفقة ابنتيها، قبل أن يحال ملفها على محكمة الجنايات لمحاكمتها بتهمة القتل.
وفي مشهد حزين وقفت الأم أمام قاضي محكمة البليدة الذي سألها عن حكايتها، فأجابت بأن القصة تعود إلى سنوات طويلة خلت، منذ أن كانت ز و ف في سن الطفولة، كاشفة أن والدهما كان يأخذهما معه ويبقيهما في مكان اتخذه عنوانا لأجل التسول، مشيرة إلى أنها حاولت معه تكرارا ترك ابنتيه تكملان دراستهما، إلا أنه كان يرفض ذلك، بل قالت إنه كان يشبعها ضربا كلما كررت كلامها على مسامعه.
وأضافت الوالدة المتهمة أنها كانت تحرص على دراسة ابنتيها رغم الفقر والحاجة، وفعلا نجحت في ذلك، رغم محاولات الوالد التصدي لها.
وكبرت ز و ف وأصبحتا صبيتين تسران الناظر إليهما، بل ونجحت ز في مواصلة الدراسة إلى الصف النهائي، وحضّرت نفسها لاجتياز عقبة امتحان البكالوريا، كما لقيت من والدتها دعما معنويا وماديا في كل ما تحتاج وقدرت عليه، وكان ثمرة ذلك أن نالت الصبية مرادها ونجحت في الظفر بمقعد في الجامعة، حيث تخصصت في علوم الحقوق والقانون.
لكن الوالد، تضيف المتهمة والدموع تغسل وجنتيها، لم يترك ابنتيه، إذ بقي يأخذهما بقوة وعنف لأجل السؤال والتسول عن المال رغم أنهما في سن الراشدات.
وفي يوم الحادث، قالت المتهمة للمحكمة التي حضرها جمع غفير، إنها ومن دون سابق إنذار، قررت منع زوجها من أخذهما معه، وحصل أن وقعت مأساة القتل.
وأمام كل ما قالته وكشفت عنه الأم، طالب الدفاع ببراءة المتهمة، مشددا على أن ما حدث كان دفاعا عن النفس، خصوصا وأن نية الجريمة لم تتوفر. وعليه نطقت هيئة المحكمة بالبراءة، لتنهار الأم البريئة من شدة الفرح، وفي مشهد قوي عاطفي ومؤثـر، شعر به كل من حضر، أسرعت البنتان ف و ز نحو أمهما ليعانقانها بدموع الفرحة.  


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)