يعتبر المجتمع المحلي والبلدية في الجزائر من أهم الموضوعات التي تستلزم التفكير والتدبير ومتابعة مستجداتهما، ودون الابتعاد عن التاريخ المليء بالأحداث للمؤسسة القاعدية نجد أن الاستعمار الفرنسي ركز قبضته بجدية في هذا المجال وقد عرفت سياسته اتجاهين: يتمثل الأول في كل ما هو مركزي ويدعو إلى ربط ودمج الجزائر مع فرنسا واعتبارها متصلة بها، ويتمثل الاتجاه الثاني في اللامركزية التي برزت مع بروز هيئة تمثيلية هي مؤسسة الحاكم العام (Lambert.J - 36.1952).
تشكلت مؤسسة البلدية في الجزائر من نسيج كولونيالي خاص يميز بين المكاتب العربية، ويهتم بالإدارة والسياسة العامة. ثم كانت تتغير نمطية تسييرها حسب مقتضيات الشروط المجتمعية.فكانت البلدية المتخصصة والمختلطة، وكانت هناك البلدية الخاصة بالأهالي تحت نظام إداري خطه الحاكم العام الذي يمثل الحكومة في الجمهورية وبصلاحيات واسعة (Lampue، 1947: 477)، أكثر من السابق بعدما أعطيت الجزائر الشخصية المدنية والاستقلال المالي حسب نص قانون 19 ديسمبر 1902،.وهذا طبقا للتشريع. لكن مؤسسة الحاكم العام أصبحت بعد التعديل السلطة العليا في الجزائر حيث كانت تتمتع بمطلق الصلاحيات (Benakzouh، 1984: 159). بناء على هذه الاستقلالية المدنية والمالية، أصبحت تخصص ميزانية تصادق عليها كل المندوبيات المالية وتوضع في قرار من رئيس الدولة الفرنسية، كما تم خلق لجنة استشارية مع الحاكم العام بحيث أصبحت هذه الإجراءات الإدارية تخضع في حقيقة الأمر إلى المنطلقات السياسية الفرنسية، التي تعتبر الأقلية مهيمنة والأكثرية الجزائرية مهيمن عليها (Mahiou، 1981: 83). وأصبح بذلك الحاكم العام وسيلة اتصال مع أعماق الفئات الاجتماعية المختلفة، خاصة وأن هذه التشكيلات هي واسطة بين القمة التي تمثل النظام الحاكم والقاعدة التي لها نظامها وفلسفتها القائمة على أساس هيئة تقليدية تسمى "الجماعة" أو القبيلة أو العرش، والتي لها دورها الكبير في المحك السياسي الذاتي من خلال نشاطه وأساليب عمله، أومن خلال مجابهته للعوامل الخارجية والضغوط المتواصلة، عن طريق رد الفعل. أما الهيئة الاستشارية الفرنسية التي كانت تقابل كل ذلك فكانت مكونة من ستة أعضاء تشرف على المهام السياسية باعتبارها مجلسا للحكومة لكن ما يلفت الانتباه هنا، أنه في إطار الاهتمام الفرنسي بالصحراء الجزائرية، نتيجة الثروات البترولية وحدودها المترامية مع أربعة دول، حاولت فرنسا فصلها عن الشمال ثم أنشأت وزارة الصحراء، لأن المنطقة عرفت هوسا أوروبيا لم ولن تشهد له مثيلا في كل تاريخها السابق واللاحق (عدواني، 1986: 83). .وفي خضم السياسة الكولونيالية سعى نابوليون إلى خلق ما يسمى بالمملكة العربية (Anisa Lazib, 1973:41)، لتكون إمبراطورية للفرنسيين والعرب، هذا في الوقت الذي بدأت تتبع فيه إجراءات تهدئة الوضع العام والتخفيف من اختراقات المعمرين، من خلال التحديد العقاري للأراضي ومنع المعمرين من استلاءاتهم عليها، مع إعطاء إمكانية المواطنة الفرنسية للجزائريين عن طريق التجنيس، إضافة إلى إمكانية تمثيل الجزائريين بنسبة الربع 4/1 في المجالس العامة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/09/2021
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - معاشو جيلاني كوبيبي
المصدر : مجلة المواقف Volume 3, Numéro 1, Pages 359-367