سألت أمي فلم أحظ بالجواب وإنما قالت : سمعت أمي تقول خوانة الصوالدة لما كنت طفلة مثلكم! وكان خالي محيي الدين معنا فقال، مبتسماً: أمك هي سبب التسمية...فضجّت أمي : أنا؟! فأكمل هو : إنما قصدت أما مثلك أطلقت هذا الاسم على هذه النبتة ! والسبب أولادها المشاكسين المتمرّدين .... وفي ذلك روايتين، الأولى تقول بأن امرأة كان ولدها يلح دائما عليها باكياً بأن تعطيه النقود لكي يشتري البسكويت والشكولاطة، وقد سئمت من لجاجته فقالت له الهندباء هي التي سرقت النقود، وأشارت إليها، ها هي اذهب وانتقم منها! فتبعها وانشغل بها ونسي النقود والبسكويت...
والرواية الثانية أن الأمهات أعياهن أمر الهندباء التي تنتشر بكثرة وتدخل البيوت والأروقة وكرهن كنسها فقالن لأولادهن أن الهند باء تريد سرقة نقود والدهم فاقضوا عليها فانطلقوا يصرخون وراءها: خوانة الصوالدة.... خوانة الصوالدة... ونظفوا البيت بدون أن يشكوا جاعلين من التنظيف نوعا من اللعب واللّهو وليس أمر أبوي صارم!
نعم جميع الأطفال في مدينتنا الصغيرة يحبون الركض وراء الهند باء والصياح بأعلى أصواتهم : خوانة الصوالدة ... خوانة الصوالدة!....
وإن كان تفسير خالي معقولاً، فأني سألت معلم مادة دراسة الوسط فقال فقط إنه يحتاج للوقت، فالمعلمون يعرفون كل شيء... وسألت أيضا جارنا بن علي فوعدني أيضا بالإجابة فهو يعمل في قطاع الغابات...
وهناك من ينتمون الى مناطق أخرى لا يجعلون من الهندباء رمزا لسارق النقود و إنما يقولون أن أزهارها دلالة على الضيف، فالضيف مهما كان ثقيلاً يجب أن لا نتضايق منه ولا نستثقله ونعتبره زهرة هند باء، خفيفة ونحن النسمات فعلينا أن نضعه فوق رؤوسنا!..
وكان صديقي هواري دائما يسخر من اهتمامي بالهند باء فهي مجرد نبتة مثل النباتات التي تنبت في منطقتنا كالشوك، شقائق النعمان و البابونج أو التالمة ؟...
رغم سخريته، ومهما كانت تفسيرات أمي وخالي، ومهما سيكون جواب معلمي أو جاري... فإن منظر الهند باء وهي تتدحرج بخفة على الأرض، فوق الأرصفة وبين الأزقة كان يمتعني ويثيرني في شهري ماي وجوان وحتى أواسط شهر جويلية ... إذ كانت تنبت بكثرة عند أطراف مدينتنا الصغيرة، على الحدود الفاصلة بين العمران والحقول...
أشدّ ما كان يطربني هو منظر الرياح الخفيفة وهي تتلاعب بأزهار الهند باء وتنقلها من مكان لآخر قد يكون قريبا وقد يكون نائيا جدا...
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 15/12/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : عبد القادر رالة
المصدر : www.ech-chaab.net