بنفس السرعة التي وصلت بها أحزاب الإسلام السياسي إلى الحكم بعد سقوط الديكتاتوريات العربية بداية من 2011 في عديد الدول مثل تونس و مصر و ليبيا و اليمن عادت هذه الأحزاب و سقطت في فخ اللعبة الديمقراطية التي دخلتها غير متسلحة بالتجربة و فن المؤامرات أمام أحزاب و تيّارات وقفت لها الند بالند بل و استصغرت أن تراها في مؤسسات الدولة و مواقع القرار فعادت و سحبت منها البِساط باسم الشرعية الشعبية أو التصحيح .عندما يناضل الإخوان في مصر منذ 1928 ويصلون إلى الحكم في 2012 و يقدمون لأول مرة رئيسا مدنيا للمصريين منذ عهد الفراعنة فهذا انتصار باهر للإسلام السياسي في بلد عاش الدكتاتوريات المتتالية لعشرات السنين و لكن عاد الإخوان أدراجهم بمجرد دخولهم قصر القبة وذلك من خلال الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها هيئة الحكم و نقول هيئة لن الرئيس الإخواني محمّد مرسي لم يكن يحكم بصلاحيات الممنوحة له كرئيس كامل الحقوق بل الذين حكموا المصريين كانوا الإخوان وحدهم دون مشاركة تذكر من أحزاب أو شخصيات تتوفر على القبول لدى عامة الشعب و هي النقطة الأولى التي سُجلت على نظام مرسي و استعمِلت ضده يوم الحسم الذي استطاع الجيش من خلاله اخراج ورقة الشعب و جمعة المليونيات من أجل إزاحة محمد مرسي و هي الإزاحة التي كان باستطاعة الجيش تحقيقها دون اللجوء إلى ميدان التحرير لكنه أراد صبغة شعبية في انقلابه على رئيس مداي منتخب .و من الأخطاء التي عجّلت بانهيار الإسلام السياسي و الذهاب بمرسي رغم أن الاستطلاعات العالمية قد أوضحت أن الشعب المصري أكتر الشعوب الإسلامية تدينا و رضاءً بالحياة هو الاندفاع القوي في تصفية الخصوم و القضاء على من يخالفون الأخوانَ في الرأي حتى قيل أن المرشد في جماعة الإخوان هو من كان يفتي بمن يجب أن يضحي بهم مرسي و لو كانوا في سدة مؤسسات الدولة كالقضاء و الجيش الذي احتمى به المصريون أيام الثورة على نظام مبارك. و مع ما يمثله الأزهر من مرجعية إسلامية إلّا أن النوايا كانت مبيتة من أجل تحجيم دوره باعتبار الأزهر مؤسسة كانت تابعة للرئيس مبارك و من هنا نشأ الصدام بين مرجعيتين في الإسلام السياسي .و لا يختلف الوضع في تونس التي دفعت بحزب النهضة المتعطش للحكم من أجل ارتكاب الأخطاء مباشرة بعد سقوط نظام بن علي في 2011 فجاء الغنوشي إلى الحكم في الحكومة التي لم تلق اجماع التونسيين و أراد المساس بحقوق يعتبرها الشعب من المكتسبات في مجال التشريع و قانون المرأة ناهيك عن الوعود التي لم تتحقق في الميدان و ظلت مجرد خطاب للاستهلاك و اسكات غضب الشارع الذي كان يئن تحت الفقر و الحقرة و المحسوبية فكان السقوط موجعا في الانتخابات التشريعية التي خاضها حزب النهضة رفقة عديد الأحزاب و نال فيها نداء تونس أكثر المقاعد دون أغلبية و راح الغنوشي يعلن مرة أخرى أن الإسلام السياسي ليس كما تتصوره النهضة بل هو تشاور و اقتسام للمسؤوليات داخل مؤسسات الدولة لدى شعب انتفض من أجل أن يعيش و ليس من أجل أن يسقط في دكتاتورية أخرى.و لا يختلف القالب المغربي عن نظيره في تونس أو مصر لأنّ المرجعية واحدة و أنظمة الحكم واحدة في الوطن العربي إنّما الاختلاف في التسميات فقط و وصول بن كيران إلى الحكم في عهد محمد السادس لا يختلف حتى و إن ظهر طاقم حكومة يصافح الملك و لا يقبل يده أيام تقديم أفراده للعاهل المغربي الذي يسيطر على كل الصلاحيات و يترك حكومة بن كيران أمام مصيرها في مواجهة غضب الشارع و هي غير قادرة على تلبية المطالب و هي الخطة التي ينتهجها الحكام العرب لتخويف الشعوب من الإسلام السياسي الذي لا يعرف رواده و المؤمنون به كيف يدافعون عنه .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/11/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : فاطمة شمنتل
المصدر : www.eldjoumhouria.dz